الاغتراب لليمنين في الشقيقة الجارة المملكة العربية السعودية انقلب الى حال هو عكس الحال المفترض به , وهذا الانقلاب يعز علينا ان يكون في غربة اليمني في هذه الدولة بالذات , فالمملكة واليمن بلدان لهما وضع خاص بكل ما تحمله الكلمة من معنى, ويجب ان يكون الحال بينهما في مستوى هذا الوضع الخاص .
للدولتين خصوصية من ناحية الجغرافيا وخصوصية من ناحية التاريخ وخصوصية من ناحية النسب وخصوصية من ناحية الدين وخصوصية من ناحية المجتمع وخصوصية من ناحية القيم والاخلاق وخصوصية من ناحية الامن, وهناك غير ذلك مما له ايضا خصوصية بينهما .وهذه الخصوصية نعرفها جميعا هنا في اليمن وهناك عند اشقائنا في المملكة , ومع ما يعتري ملف الاغتراب لليمنيين في المملكة كحال طارئ , تضل الخصوصية بين البلدين هي الحاكم العام لمختلف العلاقات والاتصالات بينهما , ورحم الله الملك فيصل الذي كان يضع هذه الخصوصية في اول اعتباراته فيما يتعلق باليمن . ولا شك ان هذا الحال هو ذاته عند خادم الخرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وعند ولي عهده سمو الامير سلمان بن عبد العزيز وعند سائر الامراء ورجال الدولة في المملكة وهو أيضا السمة السائدة للمجتمع السعودي ككل . وهو ذاته الحال عند فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وعند الحكومة اليمنية والشخصيات والقيادات المختلفة في اليمن وهو ايضا السمة السائدة عند المجتمع اليمني كلل .
ما يدعو اليمني للهجرة والاغتراب هو طلبه للرزق , والبحث عن فرصة عمل , وليس هناك دافع اخر . وما يدعوه لان تكون غربته في الشقيقة المملكة العربية السعودية هو تعويله على حالة الخصوصية لليمن و المملكة التي تحدثنا عنها , ولاشك اننا في اليمن كنا ولا زلنا وسنضل نعول على حكام ودولة ومجتمع يكفينا فيهم انهم اخوتنا , تماما كما يكفيهم فينا اننا اخوتهم , واذا كان لهم شيء من العتب علينا او لنا شيء من العتب عليهم فما ذلك الا تعويلا على تلك الإخوة , فنحن نرى ان المملكة بلدنا ونرى ان اليمن بلدهم , ولا نشك انهم يرون ذات الشيء .
ما اريد ان يتفهمه الجميع من ذوي القرار في المملكة وفي اليمن ان ما يعلق ويصاحب ملف الاغتراب لليمني في المملكة هو نتيجة لوضع غير طبيعي في ترتيب هذا الملف , وضع اهملت فيه الخصوصية الحتمية بين البلدين اولا, هذه الخصوصية هي واقع ولا يمكن القفز فوقها , فالمملكة واليمن على تقارب في الكثير من الامور التي تجعل من بقائهما معا وتعايشهما معا وتداخلهما معا امرا يتم كحالة طبيعية , والغير طبيعي هو القفز فوق هذا الواقع وترتيب الحال بعيدا عن كل ذلك . وهذا هو اولا.
اما ثانيا فهذا الوضع هو وضع منتج للمشكلات و للمتاعب وللمعاناة , التي يشتكي منها الجميع هنا وهناك . فالعديد من الترتيبات لملف اغتراب اليمني في المملكة فتحت ابوابا استغلها من لا خير فيهم هنا وهناك وحولوا تلك الترتيبات الى ويلات انعكست سلبا وعلى مدى واسع جدا . ولتقريب ما اعنيه اضرب مثلا , جاءت التعديلات في وضع المغترب اليمني في العام 90 م بنظام الاقامة بصورة اصبحت معقدة مقارنة بما قبل ذلك , وهذا الامر فتح بابا للعديد هنا وهناك ليجعلوا من ذلك تجارة يتربحون منها ومن خلال الاقامات ذاتها , ووصل الامر الى ان من اراد الحصول على اقامة في المملكة يتكلف ما يصل الى 15000الف ريال سعودي اي ما يقارب 900,000 ريال يمني وفوقه مبالغ اخرى غير قيمة الاقامة, وهذا المبلغ كبير جدا بالنسبة للمواطن اليمني والكثير هنا لا يطيقه ,وهذا الامر هو ما دفع العديد من اليمنيين تحت ضغط الحاجة للعمل الى التهرب الى المملكة والعمل فيها بدون اقامات . اي ان ترتيبات الحصول على الإقامة اوجد مشكلة هنا تمثلت في عدم قدرة اليمني على الاغتراب والعمل بالطريق القانوني الا وقد تكلف تكاليف باهظة تصل مع البعض الى بيع منازلهم او غيرها من املاكهم , كما اوجد مشكلة هناك تمثلت في التهرب عبر الحدود والعمل بصورة غير قانونية , واصبح التهريب عبر الحدود تجارة ناشطة ايضا للبعض هنا وهناك , ويمكن قياس الكثير من ترتيبات ملف الاغتراب لليمني في المملكة على وضع الاقامة .
هنا ايضا من المؤسف ان دور الحكومة اليمنية غير مقبول تجاه هذا الملف , سواء فيما يتعلق بمتابعة احوال المغتربين من مواطنيها , اوفي التنسيق والترتيب مع السلطات السعودية لكامل تفاصيل هذا الملف ومعالجه اي اشكالات تحصل فيه او معه , وايضا فيما يتعلق بالدور المفترض بها في التعاون مع سلطات المملكة في مواجه الاشكالات والتبعات السيئة التي تصاحب عملية التحرك بين البلدين بمختلف صورها .
ملف المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية ملف غير عادي , واثارة على البلدين كبيره سلبا او ايجابا . ومما سبق وطرحته و اوردت عليه مثالا يتضح ان كثير مما يعلق ويصاحب هذا الملف من السلبيات والمشكلات والاعباء هي نتيجته لأخطاء في صياغة هذا الملف , وعطفا على المثال الذي اوردته , اذا تم اعادة ترتيب موضوع الاقامة بالشكل الذي يجعل الوصول اليها امرار متاحا لكل من يتوجهون للعمل في المملكة العربية السعودية – وذلك يتركز على تسهيل الحصول عليها من خلال الدوائر الرسمية في البلدين بدلا من الاتجار بها من العديد هنا وهناك – فذلك سينعكس بصورة جوهرية على الجهود المبذولة في مكافحة التهريب , وستحل او تخفف بقدر كبير عدة مشكلات تأتي ترتيبا على موضوع الاقامات بوضعها الحالي , وعلى هذا ايضا يقاس غيره في هذا الملف من نظام الكفيل الى التشغيل الى التخصصات والمجالات الى التبادل للسلع و الى ... والى .
نحن بدورنا كيمنيين نتمسك بحقنا في خصوصية الحالة اليمنية السعودية ,التي نثق ان اخوتنا في المملكة حالهم حالنا في التمسك بها , ونضع ملف المغتربين اليمنيين هذه المرة بين يدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويدي فخامة الرئيس عبدربه هادي . ولعل البعض قد يقول ان المطالبة بترتيب ملف الاغتراب لليمني في المملكة وفق حالة الخصوصية هذه هو امر بعيد نوعا ما في ضل الظروف والتعقيدات الحالية , ولكنني اقول بالعكس يجب ان نلفت نظر الجميع الى ان المشكلات الحاصلة في هذا الملف هي وليده عدم اخذ حالة الخصوصية بين البلدين في ترتيباته , ويجب ان نلفت نظر الجميع الى ان اي محاولات لحل تلك المشكلات لن يكون لها النجاح الا اذا اخذت في الاعتبار هذه الحالة , لان حالة الخصوصية هذه هي واقع ومراعات الواقع هو الامر الطبيعي , اما القفز عليه فهو امر غير طبيعي ولابد له من خلق المشاكل مهما بذل من الجهود للحيلولة دون ذلك .
هذا الملف من اهم الملفات بين البلدين , ويجب التعاطي معه بحقه من الاهمية ,كما يجب النظر فيه بعيدا عن تأثيرات اي ملفات اخرى عليه لا اولوية ولا تبعات . ونامل ان يتم تشكيل لجنه مشتركة عالية المستوى للنظر فيه واعادة ترتيب كل تفصيلاته كما يجب , وبإشراف مباشر وحثيث من القيادتين في البلدين , ونقول للقيادتين في البلدين ان في ترتيب هذا الملف كما يجب ارضاء لله عز وجل اولا , لأنه ملف يعيش منه ملايين البشر الذين هم عباد الله وضعت شئونهم بين ايدي قيادات البلدين , بل في ذمتهم . كما ان في ترتيبه كما يجب مصلحة البلدين وامنهما واستقرارهما ,اما مواجه المشكلات ذات الصلة بهذا الملف بعيدا عن مراعات اعادة ترتيبه كما يجب لن يحل المشكلات وربما سيزيد منها لا نها لا تراعي الواقع .
يا خادم الحرمين الشريفين و يا سمو ولي العهد و يا فخامة الرئيس أّن لنا ان نضع ملف الاغتراب لليمني في المملكة بين يديكم شخصيا , فانتم مضن كل خير ولن يخيب ما وضع بين ايديكم , وكفى معاناه ومشكلات للبلدين على خلفية ترتيب غير سليم وغير طبيعي لهذا الملف . يا فخامة الرئيس و يا خادم الحرمين " اليمن والمملكة حالة خصوصية " .