كان للقرار الذي اتخذه مؤتمر شعب الجنوب الذي يرأسه احمد بن فريد الصريمه وينوبه محمد علي احمد(ابو سند)المتمثل بالمشاركة في مؤتمر حوار صنعاء وقعاً كبيراً في نفوس كثير من الجنوبيين تمثل بردود افعال متباينة ، ففي الوقت الذي شهد ذلك المكون انسحاب الكثير من انصاره معللين انسحابهم ان مثل هكذا قرار يعتبر خروج عن الصف الجنوبي ووقوفاً في وجه السواد الاعظم من الجنوبيين..وجدنا اصرار البعض من انصار ذلك المكون على الاستمرار(وهم قلة) دون ان يضعوا موقفهم هذا في ميزان الكسب والخسارة للشارع السياسي الجنوبي ودون ان ينظروا الى الاسس اللعينة الذي بني عليها مؤتمر حوار صنعاء وما تحويه تلك الاسس من نية مبيتة لاحتوى قضية شعب الجنوب ...وكانوا اكثر تعويلاً على أطروحات ووثائق مؤتمرهم التي تم اقرارها والتوقيع عليها ابان عقد مؤتمر ذلك المكون والمتمثلة بالرؤية السياسية والميثاق الوطني بما احتوته من عهود ووعود غليظة قدمها كل المشاركين في ذلك المؤتمر التي تؤكد بما لا يدع مجال للشك من ان تقرير المصير واستعادة الدولة ثوابت لا يمكن الرجوع عنها كما اعتبرتها تلك الوثائق بمثابة مسوغات اخلاقية غير قابله للمساومة تحدد اسس حوارهم مع صنعاء(وهذا ما دفعهم للسير بثقة مفرطة وراء قيادة ذلك المكون).
والسؤال الذي يطرح نفسهُ وبقوة سيما ومؤتمر حوار صنعاء قد بداء اعماله...هل بمقدور قيادات ذلك المكون الذي اعتبرها مؤتمر حوار صنعاء ممثله للحراك السياسي الجنوبي ان تفي بما وعدت به شعب الجنوب (استعادة الدولة) من خلال مشاركتها بمؤتمر الحوار ؟ وبعبارة اخرى هل ستمكنها قدرتها التفاوضية وحنكتها السياسية على بلوغ الهدف الذي سار ويسير ورائهُ كل الجنوبيين(استعادة الدولة )؟.
طرحت على نفسي انا كاتب هذا المقال ذلك التساؤل..الأمر الذي تطلب مني ان انكب على قراءة كل ما اجدهُ متعلقاً بمؤتمر حوار صنعاء فوقعت يدي على النظام الداخلي لما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني .. فوجدتُ ان مؤتمر الحوار وفي اطار سعيهُ لمعالجة القضايا المطروحة على طاولته قسم تلك القضايا البالغ عددها تسع قضايا على فرق عمل كانت اول تلك القضايا القضية الجنوبية وبالتالي افرغ لها فريق عمل يسمى وفقاً لذلك النظام بفريق عمل القضية الجنوبية وعددهم 40 عضواً شمل هذا الفريق عدد من المكونات 5 أعضاء من حزب المؤتمر وعضوين من قائمة رئيس الجمهورية و3 أعضاء من حزب الاصلاح و3 أعضاء من الاشتراكي و2 من انصار الله و 2 من الناصري و2 من الشباب و2 من النساء و2 ممثلين للمجتمع المدني و1 من حزب العدالة و1 من المجلس الوطني و 15 عضو ممثلين للحراك.
وتنفيذاً لأحد مواد النظام الداخلي تم اعتماد 50% من ذلك الفريق للجنوبيين على ان يكون 75% من هذه النسبة للحراك السلمي الجنوبي وبالمحصلة اصبح ممثلي الحراك 38% مقابل 62% ضد الحراك.
والملفت للنظر ان المادة 42 فقرة 2 من النظام الداخلي المخصصة لشرح الكيفية التي يتم فيها اتخاذ القرار فيما يخص القرارات الموضوعية لفرق العمل تنص على التالي:
أ. تتخذ القرارات بالتوافق الذي يتحقق بموافقة 90% من الحضور على الأقل. ب. عند تعذر التوافق يرفع القرار المختلف فيه الى لجنة التوفيق لتقوم بالتواصل مع المكونات والأفراد للتقريب بين وجهات النظر المختلفة ، وفي حال تعذر التوافق بين الفريق بعد الاحالة للجنة التوفيق يصوت على القرار ويعتبر القرار نافذا بأغلبية ثلاثة أرباع الحضور من اعضاء فريق العمل ، وعند عدم توافر اغلبية ثلاثة الارباع في الفريق ترفع القرارات المختلف عليها الى رئيس المؤتمر الذي يقوم بالعمل على تحقيق التوافق حولها وذلك ببذل المزيد من الجهد والتشاور مع المكونات والفعاليات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وله ان يقدم مشاريع قرارات بعد التشاور لحسم هذه الخلافات الى لقاء يضم رؤساء كل المكونات والفعاليات المشاركة في الحوار شريطة ان يكونوا مفوضين من مكوناتهم وفعاليتهم تفويضاً مكتوباً . وهذا يعني التالي:
ان القرار ا يمر بعدد من المراحل لا يستطيع ممثلي الحراك السلمي(ممثلي مؤتمر بن علي) في اي من تلك المراحل ان ينتزعوا اي قرار يجسد او يهيئ لبلوغ الهدف الثوري الذي سار وراء لافتاته شعب الجنوب..لان في المرحلة الاولى يتطلب توافق 90% وهم لا يمتلكون إلا ما نسبته 38% وفي المرحلة الثانية يتطلب تصويت 30 عضواً وهم لا يمتلكون إلا 15 عضواً . لا يستطيع ممثلي الحراك الاصرار على رفض اي قرار فقد يتمكنوا من خلال نسبتهم ال38% من ايقاف اتخاذ القرار بالتوافق وكذا ايقاف اتخاذ القرار بالتصويت إلا انهم مضطرون ان يقفوا مكتوفي الايدي امام مشروع قرار رئيس المؤتمر(رئيس الجمهورية) الذي من المؤكد ان يتوافق علية احدى عشر عضو او اكثر من رؤساء المكونات ويبقى ممانعة رئيس مكون الحراك لا قيمة له . لا يمكن ان نتوقع وقوف او مؤازرة اي من اعضاء المكونات الاخرى ال 25 لممثلي الحراك سيما اذا كان القرار مصيري يهم شعب الجنوب ويخدم القضية الجنوبية لأنهم في الاساس ممثلين لمكونات شمالية حتى من هم من اصول جنوبية فلا نتوقع منهم ذلك لان عملية انتقائهم كانت بعناية فائقة.
يستطيع الشماليون ان يمرروا اي قرار مادام لديهم امكانية تقديم مشروع قرار في الوقت نفسه لا يستطيع الجنوبيين عمل ذلك. اذا فشلت لجنة التوافق من التوفيق وفشلت في حسم موضوع القرار عن طريق التصويت بين اعضاء فريق العمل فكيف يستطيع رئيس المؤتمر(رئيس الجمهورية) القيام بذلك خصوصاً اذا كان القرار مصيري ؟ وما الذي يتغير في الامر ؟ ام ان لكل وجه كرامه ؟ ..وأعتقد ان مشروع القرار الذي اجيز للرئيس تقديمه سيعمل عمل آلة الكبس وهذا بحد ذاته سيفرغ الحوار من قيمته .
وبعد ان قرأت ذلك وعدت لقراءة الميثاق الوطني لمؤتمر شعب الجنوب الذي اكد في اكثر من بند على الثوابت الوطنية المتمثلة بتقرير المصير واستعادة الدولة تلك الثوابت التي اعطاها بعد اخلاقي وبعد وطني وديني واعتبر أي تصرف أو إجراء سياسي من شأنه الإضرار بهذه الحقوق أو الانتقاص منها أو إالغاؤها أو التنازل عنها أو عن جزء منها للغير, يعد تصرفا باطلا وإجراء لا شرعية له .ولكم كان مضحكاً عندما بداء نص ذلك الميثاق بآي من الذكر الحكيم .. وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم )النحل : 91) ..فهل سيوفوا بعهد الله؟؟ وكيف سيوفوا بعد ان دخلوا في حوار خاسر ؟ وكيف قرروا المشاركة في حوار لم يساهموا اساساً في أطرة التحضيرية ؟ أين هو داعي الوطن وحرصهم على القضية الجنوبية الذي التمسناه من خلال خطبهم الشجاعة على شاشة التلفاز في الجلسة الافتتاحية ؟ ام ان ذلك يأتي في اطار الهامش المسموح به المعزز لفصول المسرحية الهزلية كي يظهروا بمظهر ممثلي شعب الجنوب؟ أهي المصلحة الشخصية؟ ان لم يكن هكذا فلماذا لم يعلنوا انسحابهم بعد معرفتهم بعدم قدرتهم على الايفاء بما قطعوه على انفسم بعهود الله؟