أصدر اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بتاريخ 26 مارس 2010م قرار رقم (14) لسنة 2020م بشأن حظر التجول الجزئي في عموم محافظات الجنوب من الساعة العاشرة مساء إلى الساعة السادسة صباحاً، واسند قراراه ذلك إلى إعلان عدن التاريخي الصادر بتاريخ 4 مايو 2017م. بتاريخ 31 مارس 2020م أصدر اللواء الركن فرج سالمين البحسني محافظ محافظة حضرموت قرار رقم (101) لعام 2020م بشأن إعلان حضر التجول في المحافظة من الساعة الرابعة مساء إلى الساعة الرابعة صباحا، وأسند قراره ذلك على القانون رقم (4) لسنة 2000م بشأن السلطة المحلية . من خلال القرارين السابقين فإننا نكون أمام نوعين من القرارات: النوع الأول: ويتمثل في القرار الصادر عن عيدروس الزبيدي، ويعد من وجهة نظري من قرارات الشرعية الثورية وهي القرارات التي تتخذها قادة الجماهير التي قد تخالف الدستور والقانون الرسمي ولكنها تعبر عن رغبة الشعب وتطلعاته، وذلك في الحالة التي يكون فيها النظام القانوني القائم قد فقد شرعيته، أو أصبحت معطلة. أما النوع الثاني: ويتمثل في القرار الصادر من فرج البحسني، وهذا النوع من القرارات هو من النوع الشائع والمتعارف عليه، وهي القرارات الصادرة عن الشرعية الدستورية أو القانونية، التي يجب أن تلتزم بالقانون وتطبقه على مؤيديها وخصومها. فإذا كان كلا القرارين من الناحية النظرية صادرين من شرعيتين مختلفتين، وكلا الشرعيتين معتبرتين إلى حد ما، مع المآخذ الكبيرة على كل شرعية منهما، إلا أن نتائج تطبيق القرارين المذكورين سوف تكون متباينة إلى حد كبير. وعلى ذلك فإن أي مخالفة لقرار فرج البحسني يعد جريمة يعاقب عليها القانون، وذلك لأن القرار صحيح مكتمل الأركان المتمثلة في الاختصاص والسبب وشكله ومحله والغاية منه، وفي حال تمت المخالفة لهذا القرار فسوف يتم إحالة المخالفة إلى الجهات المختصة من شرطة ونيابة عامة وقضاء، وهذه السلطات لا زالت حتى تاريخه تتبع سلطة الحكومة اليمنية وإن كان رؤساء هذه السلطات في فنادق الخارج. أما مخالفة القرار الصادر من عيدروس الزبيدي، فلا تعد مخالفة لقرار إداري لأن ذلك القرار يفتقر لأركان القرار الإداري السابق ذكرها، ومع ذلك فقد أسلفنا القول أن هذا القرار يستند على الشرعية الثورية، فإذا تجاوزنا هذا الجانب وسلمنا بصحة هذا القرار فسوف تواجهنا معضلة أخرى، تتمثل في من هي السلطات التي ستقوم بمعاقبة مخالفي هذا القرار؟. صحيح أن شريعة قرار عيدروس الزبيدي هي الشرعية الثورية، إلا أن الجهات الأمنية والنيابة العامة والقضاء لا زالت تخضع للحكومية اليمنية، وتطبق قوانينها، فأين سيتم مجازاة من يخالف؟ وأي قوانين ستطبق عليه؟ فإذا قلنا أمام الجهات القضائية، فهذه الجهات ستطبق قوانين الجمهورية اليمنية وبناء عليه سوف يكون قرار الزبيدي قرار إداري معيب لتخلف أركان القرار الإدارية، وعلى ذلك فإن من يخالفه لن يكون مرتكباً لأي مخالفة قانونية لأنه دستوريا "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص شرعي أو قانوني". ومع ذلك فإن صدور قراري عيدروس الزبيدي، وفرج البحسني، يعدان خطوة متقدمة، عجزت سلطات الحكومية اليمنية العليا أن تقدم عليها، وما ذلك إلا دليل على ضعفها واهترائها، وتمهيد الطريق لأي شرعية ثورية توجد على الأرض.