إن الخطاب المتسلط مفرغ المعاني، المصبوغ بنبرات الاستعلاء ، المنتشي بآمالٍ انتعشت على أرضية الوهم ، الذي لا يكتفي بتطريز و تلميع فئةٍ على حساب أخرى بل و يتعدى ذلك إلى تفريخ من يرى الوطن من خلالهم ، ذلكم الخطاب الذي أنهكته أسقام الانتهازية و جنون العظمة و اللغة القمعية المتسلقة ، أما آن له الصحوة و التعافي من أحلام اليقظة "يقظة طاحت بأحلام الكرى و تولى الليل و الليل صديق" .. البلاد تعيش حالة من الاختناق و حالة المواطن المعيشية وصلت إلى ما لم يشهده تاريخ البلاد قط في كل مراحلها ، و مازلنا نغرد "خارج خارطة الأشياء" و نغفل مساحة السلام لدق طبول الحرب و كأن لعلعة الرصاص أضحت إدماناً ليس منه بد مع أن الوحدات العسكرية في المجمل لا يتجاوز ولاؤها الأفراد القائمين عليها .. يقال و العهدة على الراوي أو بالأحرى على الرواة أن بين فيلقٍ و كتيبةٍ أمتارٍ و يغيب أي تنسيق بينهم أو على الأقل مجرد تعاون على قاعدة تبادل المنافع و "نسمع عن التئامها مسكينة" رحمة الله عليك أ علي سالم البيض .. بالأمس القريب جداً صنعنا من الأخ خالد بحاح بطلاً قومياً و بمجرد وصفه للأوضاع في عدن المثقلة بالجراح بأنها لا ترتقي إلى المستوى الذي يعول عليه نعيده كعادتنا بردة انفعال إلى رجلٍ لا يفقه شيئاً عن ما يقول .. إن لم تكن معنا - كيفما اُتُّفِق - و إلا سنضيفك إلى قائمة الأعداء ، لغة تجاوزت كبريات الامبراطوريات الدكتاتورية .. كيف لأسلوب خطابي الارتجال في الحديث لسان حاله أن يقدّمَ نموذجاً في نشر و حفظ والسلام و الوئام و التآخي واللحمة الوطنيه و الدفاع عن كرامة الناس والتيقن بأن هناك مناضلين وطنيين بحجم وطن مع أنهم لا يجيدون إطلاق رصاصة مسدسٍ ، أيها الكرام ليس حمل البنادق و أزيز الصواريخ و الرصاص هي وحدها معيار علامة الجودة للوطنية و حب الأوطان .. التصالح و التسامح كقيمة يبدُ أنه هو الآخر سيتحول إلى وسيلة قمعية لأي ملاحظة عن حالة الانقسام التي لم تجد لفتةً صادقةً للتحاور مع من اُبٔتُعِدَ قسراً عن دياره من عقود بسبب الصراعات تلك الصراعات التي كان اللجوء إلى الوحدة لتجاوزها أحد أبرز الأخطاء الذي أوقع الجنوب في فخ لم يُحْمَد عقباه .. التمادي في عدم الأخذ بالاعتبار لنداءات التآخي و إعلاء الوحدة الوطنية أرضاً و إنساناً سيسبب لاحقاً أحد أبرز التعقيدات لبناء تراص جنوبي جنوبي مجدداً.