في ذكرى مولدكِ ، ال 30 ،أسكنكِ ، لأنك مأهولة بالأمان . فعندما تظنين أنك قد اختفيتِ عن أعيننا ؛ فإنها في حقيقة الأمر ، طاقة حبك وعاطفتك وحكمتك وشغفنا بك ؛ تبقى في كل قلب طاولته على مر السنين . أنتِ نعمة كونية حلت على هذا البلد ، بما لها من حضور نجيع مدموغ بالعمق والأزلية .. مرفوع برفعة السماء ، موسوعة بسعة الأرض ومن عليها . حُبكِ مملوء فينا ، وباقي ببقاء الحياة على هذه الأرض . لكنكِ - دون شك - لا تتحملين تبعات ما أفسده من أوصلنا لما نحن فيه من تخندق خلف المناطقية والتعصب والكراهية .. هذه الأفعال ليست نتاج صنعك ؛ بل موجودة نتيجة تخلفنا وجهلنا وقلة وعينا . أنت أزلية الوجود ، جزء أصيل من كينونة الدولة ورافعة وعمود أساس من أعمدة بقائها . ستكونون باقية صامدة راسخة رسوخ جبال شمسان جنوباً وربي وسطاً والنبي شعيب شمالاً ومحمية حوف شرقاً ومحمية برع غرباً مهما كان الإحباط سيد الموقف حالياً بمرضه الذي لا يمكننا رؤيته ، لأنه في جوفنا كثقب أسود ، يلتهمنا من الداخل ! إلا أنك سيمفونية نابضة ، وحدك لاشريك لك القادرة على لملمة جراحنا وتطبيبها وانتشالنا مما نحن فيه من مآسي وويلات وحروب وأوبئة وفيروسات وفقر وجهل وتخلف وحروب ! فبك ومنك وإليك وفيك تهنأ روحنا ويطيب خاطرنا وتشفى جراحنا وتهدأ آلامنا . يمكننا إدراك ما نعيشه اليوم من نكبات وأزمات وحروب وصراعات من خلال حياتنا اليومية وعمق الهوة والفجوة فيما بيننا ! لكن الحل الوحيد لانتشالنا مما نحن فيه ؛ الحب غير المشروط فهو يشفينا بحسب ماقاله الدكتور هاوكينز في كتابه القوة مقابل الإكراه . نعلم جميعاً أن الإختلاف سنة كونية في الحياة وأن لكل منا نقطة بداية مختلفة عن الآخر ، لكننا دونما شك ؛ نحن من نوجه الدفة لمستقبل من صنع أيدينا . فا لنجعل من الإختلاف ظاهرة صحية وإثراء حضاري لنهضة شعبنا ورقيه وسمو هدفه وعلو مجده . اللطف وحده فيما بيننا، كفيل بعودة الحياة لسابق عهدها ومجدها ، والعطف للجميع ، والمغفرة والبساطة وتوقير الحياة وتبجيل الحقيقة ، لا يمكن أبدا تغيير واقعنا للأفضل، بما نقوله أو نفعله ؛ بل بتبعات ما نمسي عليه . دعونا نجعل الحب كأنزيم روحي، يضعف آلام الفرقة والتشرذم والصراع والحروب ويعالجها . يقولون أن التراكم المعرفي والخبرات الواقعية تعلم الإنسان ألا يعود لأخطائه وزلاته ، ونحن لدينا من الخبرات الإنسانية ما يكفي لنتخلص من إرث الصراعات والنزاعات والخلافات ، للوصول للقمة . ختاماً يقال : أن البارعون لا يُعرفون ،يبدون أناساً بسطاء ، من يعي هذا يعي الحقيقة . ومن يعي الحقيقة يدرك أنها القوة الرقيقة . وتلك القوة تحرك كل الأشياء وليس لها أسم . أختم بما قاله الدكتور هاوكينز : «العالم مهووس بالمظاهر وقد ينخدع بما يبدو جيداً وخيراً لكنه كارثي في الحقيقة ، ولهذا فمن المهم التفريق بين ماهو ظاهر وماهو باطن ، فما يبدو جذاباً قد يكون تافهاً أو ينتهي بما لم تتوقع ، وما يبدو تافهاً قد يثبت أنه ذو أساس وأثر قوي وحقيقي في الواقع » مقتبس من كتابه القوة مقابل الإكراه