في واقع وإيقاع الحياة لا بد من تلاقيات وتنافرات وتنافر التلاقيات أو تلاقي المتنافرات، وبالتالي فالحياة هي قصص وحكايات وآهات فيها لذة وأمنيات أو فيها مرارة وإحباطات. فتصنيف المسلمين إلى مهاجرين وأنصار فرضه واقع تطورات وأحداث فترة، والتصنيف إلى أمويين وعباسيين واشتقاقات أخرى كقريشيين أو آل البيت فرضته صراعات أزمنة، ولكن الذي بات يفرضه أكثر في المراحل اللاحقة هو ما في كل واقع من صراع في أية مرحلة وحاجيات أطراف في هذا الصراع لصراعها أو لأهدافها.7 لو تتبعنا بتعمق ودقة أكثر حياة الناس فالصراع الذاتي والتلقائي في الحياة وفي كل مرحلة يفرز صنوفاً وتصنيفات شتى، وللمهتم وذوي الاهتمام التركيز في البحث والتتبع والمحاور أو الوجوه، التي تفكك إشكالية أو تحل مشكلة في أية مرحلة حياتية وفي أي واقع للحياة. فحتى في مثل هذه الصراعات الحياتية التلقائية والبسيطة فالأفراد غالباً ما يميلون للتبرير أو التبرئة، وذلك يصبح قدراً من المنهجية لعمل الذات، ويمثل قدراً من السياسة للتعامل مع الواقع ومع الآخر فيما يعني الذات أو يتصل بها. ففي أحداث وحالات أو واقع ووقائع يصل غالبية في أسرة أو قرية إلى قناعة بأن شخصاً وصلت أخطاؤه في حق ذاته إلى فداحة أو آخر بات أكثر من يخطئ في حق الآخرين.. في حالات كهذه فحسب نوع ووضوح الخطأ وطبيعة وقدرات من يتهم أو يدان بالخطأ يقدم صنفين أو تصنيفين، فصنف يدافع بالتبرير للخطأ وصنف يدافع للتبرئة من الأخطاء. إذا تصورت شخصين واجها أي مشاكل أو إعاقات وتعويقات في صراعات الحياة وعمر كل منهما ثلاثون عاما، وأحدهم يستعرض هذه المشكلات بإفاضة شرح ليبرر عجزه عن أي نجاح حتى خمسين أو ستين عاماً، فيما الآخر يكمل قصص إحباطه وتحطيمه بقصص إصرار وصلابة وعصامية ليحقق قدرا من النجاح يلمس حتى عمر الخمسين أو الستين، فالفارق هو الذي يقدم المفارقة فوق التبرئة والتبرير. درست في قريتي التابعة حينئذ لمحافظة صنعاء سنوات بعد تولي الرئيس عبدالرحمن الإرياني، ولم أجد لا في قريتي أو محيطها مدرسة ودراسة حتى للصف الرابع الابتدائي، ولم تكن تجد هذا المستوى إلا إذا توجهت إلى عمران أو حجة أو العاصمة صنعاء. والتحقت بالصف الخامس فيما أقراني توجهوا إلى السعودية للعمل وكسب أجر ورزق أعلى وأسرع كمفارقات تلقائية لتأثير ومؤثرات أو رغبات وطموحات. الحروب الشطرية والجبهة الوطنية ومقتل الرئيسين الحمدي والغشمي حتى اندثار الشيوعية وتحقق الوحدة والانتقال إلى توتر للعلاقات مع السعودية ودول الخليج وطرد مليون عامل، كانت عناوين واقع معاش وتعايش بما يسقطه الوعي من صراعات داخلة عليها، أو بما تستطيع تفكيكه بأي قدر موضوعي ومتجرد ومتحرر من الصراعات. حين استعراض الأحداث والتطورات فهل مشكلة العرب هي في التبرئة أو التبرير لمجمل الوضع والحال العربي، أم المشكلة باتت أكبر في البقاء والاستمرار في تخريجات أو حتى استحقاقات تبرئة وتبرير؟!! لا أحد يستطيع إقناع الولاياتالمتحدة بإنصافنا كعرب بما نراه إنصافاً أو بالحد الأدنى الذي يقبل به كإنصاف في الصراع مع إسرائيل، ولا أحد كذلك يستطيع إقناع السوفيت بأن خيار الشيوعية لا يناسب بلداننا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية. بدلاً من أن تكون أولوية أنظمة الثقل العربية التوافق على أعلى حد ممكن من التحرر من الصراعات العالمية والارتباط بها، فالذي حدث هو مجاراة الصراعات العالمية بصراعاتنا من أولوية التحرر من الرجعية وإسقاطها حتى التحرير من الإلحاد وهزيمته. أثقال الغرب بأي وعي أو بدونه لم تكن مشكلتها فقط في خوض صراعات وحروب قومية ورجعية وحراسة البوابة الشرقية ومواجهة الإلحاد بأعباء وتبعات هذه الحروب والصراعات الواقعية والمباشرة، بل المشكلة الأبعد والأكبر من ذلك ما فرض من خلاله على وضع وواقع العرب كأرضية تكتيكية لاستراتيجية الصراع العالمي، وبالذات من الطرف المنتصر "أميركا والغرب" التي تعي التعارض عقيديا مع خيار الشيوعية والتقارب واقعياً في الملكية الفردية والنشاط الحر مع الغرب. فأين تتجه اليمن في تبرئة أو تبرير هل لثوريتها القومية ضد الرجعية في حروب ثماني سنوات أم لتحالفها مع الرجعي من رحم وحاصل تلك الحروب؟!.. أين هي ومن هي لتبدأ أو تبرر للهزيمة القومية أو الثورية أممية وخياراً شيوعياً؟!. كيف لبلد لا زال في واقعه شيء من تخلف القرون الوسطى أن يصبح عضواً في حلف وارسو أو ثقلاً في حروب الجهاد لمواجهة الإلحاد. إن مثل ذلك كان قفزاً شاطحاً على الواقع أو مغترباً في فوقية على الواقع فاقد الواقعية تماماً، وأسس ويؤسس لثقافة سياسية غير واقع تندمج مع الصراعات أو مع ثقافات أي صراعات. يمن الخيار الشيوعي وصلت إلى عضوية حلف وارسو ونالت صراعات فوقيتها لفترات اهتمامات مباشرة للكرملين، وحين أحداث عدن 1986م حذر السوفيت نظام صنعاء من التدخل قبل حدوث طلقة نار واحدة، فيما يمن الخيار الآخر لم تكن تستطيع حتى الوصول إلى البيت الأبيض لتشكو وضعها وصراعاتها أو الصراعات ضدها وتبعاتها، واعتقد أنه حتى مع اقتراب زحف التوحيد شيوعيا بالقوة من ذمار فإن أميركا لم توجه إنذاراً أو حتى يصل الاهتمام والأهمية إلى ما دون ذلك. في جوانب أخرى من واقع التطورات في واقعها العرب فاليمن تقمع بأقوى الوسائل لمجرد مجاراة موقف عربي في مقاطعة مصر، واليمن منذ ما بعد 1990م تعرف كما أعي كمتابع ومعني بأن خطف سياح أو تفجيرات وقطع طرق هو إرهاب له أية علاقة أو ارتباط بخارج أو واقع في الخارج، ولكنها لا تستطيع ممارسة هذا الطرح بمباشرته لأن ذلك أو ردود أفعاله تسبب لها مشاكل وتبعات أكبر. ثورة سبتمبر ارتبطت بصراعات الخارج مع الطرف القومي ثم الرجعي، وهي اتصلت بصراعات الخارج الأكبر بأشكال غير مباشرة، فيما ثورة أكتوبر ارتبطت بالطرف الأممي صراعياً وبشكل مباشر. إذاً فتحقق الوحدة يفرض أولوية معالجة واقع وتبعات صراعات في هذا الواقع، وطبيعة ومستوى التبعية للخارج ومعالجة تبعاته، ولكن الصراعات كثقافة والصراع على الحكم في ظل أوضاع للواقع كمتراكمات ومؤثرات فرضت وتفرض إيقاعها بأعلى مستطاع داخلي وخارجي ومتداخل ومتخارج. حين جاءت أميركا للتدخل في الصومال فالتطرف المتداخل والمتخارج في واقع اليمن كان استهدف قواتها بتفجير فندق عدن قبل فشلها واضطرارها للرحيل من الصومال، وإفشال وتفكيك ألغام تفجير فندق عدن هي جزء من الحرب ضد الإرهاب يمارسها النظام بهدوء حتى لا تستنزف ضده صراعات أو يستعمل لتآلب أثقال صراعات. إذاً فلم يعد الخيار القومي أو الرجعي أو الأصولي هو الأساس والقياس وإن احتاجت مختلف الأطراف لأية تبرئة أو تبرير. إذا "الماقبل" هو أساس لا ينكر ولا يساس بتطرف في الصراع فالقياس بات "المابعد" أكثر منه "الماقبل" إما باستيعاب ثقافة التحولات والتطورات أو باستيعاب التحولات والتطورات بثقافات الصراع. دعونا نتعمق في واقع الحياة العربية أو الواقع العربي حيث المصالح أو الخوف تفرض في الواقع الصوت الأعلى لصالح النظام وضد أي خصوم أو مناوئين داخلياً أو خارجياً، فيما متراكم يؤثر أو احتقانات تعتمل تريد إعلاء الصوت المناوئ أو المعارض للنظام، وهذا لا يسبب فقط مستوى من التمزق بل لا يساعد أو يسمح ببناء ثقافة اتزان واعية أو في وعيها بقدر ما يكرس آليات وآنيات ضعف يوصل إلى فقدان الثقة أو ضعف الذاكرة. الإعلام يغلب أو في غالبه فشل أميركا في العراق كمعمعة تؤيدها وسائل إعلام أميركية ومسؤولين في الإدارات الأميركية، ونحن ربما حاجيتنا السياسية لهذه المعمعة واستعمالها أكثر من اهتمامنا بتفكيك وقائع وواقع وتطورات موضوعياً للتأكد من حقائق انتصار أو استحقاقات إخفاق لإدماجها بأي قراءات أو تقديرات. ومع ذلك فإن إجراء انتخابات في العراق وفي ظل أية تبعية لأميركا أو حتى إيران لا يقلل من حقيقة أنها أكثر انتخابات تشد عامة العرب أو غالبيتهم بعد الانتخابات الإسرائيلية. لا يمكن إدانة هذا الانشداد بالعمالة أو الخيانة كونه يأتي من مسافة التمزق حتى داخل ذات أكثر تشدداً وتطرفاً كانشداد للتطرف وانشداد لواقعية معا. فالوصول إلى هذا الإبهار في انتخابات العراق هو نجاح أكبر لأميركا في ظل الحديث عن فشلها، وفي ظل علو أصوات إنكار هذا الواقع المنبهر- أكبر منه- لو جاء في ظل حديث انتصارها وفي ظل تطبيل ومديح لانتخابات وديمقراطية العراق.. نحن لم نحس ولا نحس أصلاً أن أميركا أو الاتفاق معه هو الذي يحمي الحكم كطرف أو نظام لفترة أو مؤسسته الواقعية في إسرائيل كما الحالة في العراق وبالتالي فنحن لا نطلب من أميركا أو غيرها دعم بناء هذه المؤسسية واقعيا ووعيا أولاً، ولكننا نطلب الدعم لإقصاء نظام والإطاحة به، وبالتالي فلا ثقافتنا ولا صراعاتنا تمكن من النفاذ إلى هذا الأهم، فتظل انشغالاتنا بإثارة البهارات أو الانبهار أو إثارة التطرف والإرهاب كاستجابات تطرف حين الفكفكة لتكون "مع أو ضد" نظام و "مع أو ضد" السوفيت أو "مع أو ضد" أميركا. هل الذي يمنع أي اتجاه لانفصال هو انتماء الأكراد أو الشيعة للعراق أم ما هو من الاستراتيجية الأميركية فيما يتصل بالعراق والمنطقة في أوضاع تحالف أو صراع كما تركيا أو إيران؟!!. إذا أثبت الزمن عدم واقعية شعار أو سعي لاستهداف أنظمة تحت عنوان التحرر من الرجعية، فإن على المعارضات ألا تقع في هذا الخطأ أساسا وتصبح وسيلة للاستهداف، والتطور هو تطوير للصراعات، والتغيير ليس أكثر من تغيير ألواح وملامح للصراعات. إذا الأنظمة العربية هي الأقوى في الواقع فهي الأضعف في مناظرات الفضائيات، وفي واقع اليمن بات الخوف يتوازن بين النظام بمؤثراته والمعارضة بتأثيرها، ولم تعد العمالة هي للامبريالية أو للرجعية، وإنما للنظام بحيث يخاف شبهة الدفاع عنه بما يمتد في الترابط والتداخل إلى مستوى من الخوف من الدفاع عن حقائق في الواقع أو استحقاقات وطن. النظام تكرر حشره في زوايا الدفاع بالتبرير أو التبرئة وأفضلية لم تأت فقط من تطرف الآخرين كأطراف، وإنما من عدم التوقف عند التبرئة والتبرير والتقدم سياسياً وواقعياً في خطوات نوعية لإشراك الآخر ومرونات التعامل مع الآخر. أية معارضة في أجواء متراكمات أو احتقانات أو استجابات ربما تستطيع التأثير بسقف محدد على الأنظمة باستحقاقات فوق الحقائق بأي قدر من التزييف والمزايدات، ومع ذلك فإن علينا تشخيص المشاكل الأهم في وضع أي واقع ووعيه ومن ثم من وجه النظام كما من وجه المعارضة في الوعي أو ثقافة الصراع. إذا كنا في حاجة لرحيل الاستعمار لتحقيق التحرر ونيل الحرية فربما اكتشف لاحقاً الحاجة إلى الاستعمار ليمنحنا الديمقراطية، فهل هذا تطور من استعمار إلى استعمار أو من استعمال إلى استعمال؟!!. أميركا لا تريد توسيع وتوسع تدخلها المباشر بعد تجربتي أفغانستانوالعراق، وهي لا تستطيع تحمل الأعباء أو التبعات حتى لو أرادت. هل ثقل المعارضات العربية تعارض أميركا أم تعارض الأنظمة بأميركا أم كلاهما؟!!. أيهما يمثل تدخلاً واضحاً توجيه ضربات أميركية لليمن بعد أحداث سبتمبر 2001م أم محطة مثل مؤتمر لدعم اليمن في الحرب ضد الإرهاب؟!. التدخل في اليمن بل والدخول إليها بعد سبتمبر 2001م ترحب به المعارضة لإقصاء خصمها النظام ولإيصالها إلى النظام، فيما مؤتمر لندن الداعم للحرب ضد الإرهاب مرفوض، كونه يمثل دعماً للنظام ومن خلاله، وبالتالي فهو تدخل ووصاية وما إلى ذلك، فإذا المستجد الديمقراطي هو جديد المعارضة ووعيها فأي جديد هذا وأي تجديد أو إضافة واعية ونوعية للوعي؟!!. وجود معارضات عربية باتت في إطار التطورات بواقعها وإيقاعها بين حتميات المستقبل بغض النظر عن القبول بالديمقراطية أو بمستوى منها، وهي حتمية ستفرض نفسها بأقوى من مدى أو سقف الحرب ضد الإرهاب. ما يفترض من أي مستوى من رفض الديمقراطية أو أساليب ممانعة كبديل لمنع أو قمع فذلك ليس إلا وجهاً للمشكلة، وجهها الأهم الاندفاع المعارضي الصراعي كدمقرطة فاقدة لمضمون الديمقراطية وفاقدة لوعيها، وبالتالي فبين نضوج ظروف وعوامل تحقق الحتمية نضوج البديل للنظام، وبدون هذا النضج فالمعارضة أصلا هي من يفرض استمرار حتمية الصراع. ميزان أو توازن صراعات عالمية أو محلية يوجد أو يفرض هامش ديمقراطية سياسي أو استقلالي، ولكنه يستحيل ان تكون الصراعات هي الديمقراطية والديمقراطية هي الصراعات. ولهذا فإن أي نظام بقدر ما يقبل بأوسع أو توسيع الهامش الديمقراطي هو أكثر ديمقراطية تمارس الصراع على أنه الديمقراطية أو الديمقراطية على أنها الصراع. أثقال النظام الدولي الجديد تتحمل مسؤولية تعويض اليمن عن تضحياتها والتضحية بها في الحرب الباردة وبالذات الطرف المنتصر أميركا والغرب، ولكن أطراف الصراعات في اليمن لم ولن تلتفت لمثل هذه القضية، ليس فقط لانشغالها بأولويات صراعاتها داخليا ولكن خوفاً من مزيد انكشاف وعيها البائس في ظروف وصراعات الحرب الباردة. هذه واحدة من أوجه وقضايا الوعي الداخلي في ظل غلبه وتغليب للصراعات، أما غير ذلك فلا تأثير لضغوط أطراف داخلية على البلدان الأكبر والأكبر، ومع ذلك فالطبيعي حضارياً وأخلاقياً وإنسانياً أن يقف الطرف المنتصر في الحرب الباردة أمام أكبر ضحايا هذه الحرب لتعويضها تنمية ورفاهية أو نهوضاً وتحضراً فوق التداخل مع أو بالقضايا الجديدة كما "الإرهاب". مواجهة الإرهاب قضيتنا كواقع ووطن بشكل أساسي مثلما مواجهة الشيوعية في اليمن أو أفغانستان هي مسؤولية الغرب وأميركا بشكل أساسي، وبالتالي فالطرف المنتصر معني أخلاقياً وحضارياً وإنسانياً بتعويض ودعم أكبر ضحايا الحرب الباردة وبالذات من تحمل الأدوار والأعباء النوعية لتكتيك استراتيجية الطرف المنتصر بمعزل عن الإرهاب، وحتى لو لم تأت قضية الإرهاب أو الحرب على الإرهاب. لقد جرى تطوير لشعائر الموت طال اليمن شيء منه وصل إلى حده في خلافات كما جرى تطوير شعارات الموت، فزعيم قال "سنرجم بإسرائيل في البحر" حتى آخر قال "والله لأحرقن نصف إسرائيل". وعندما تصبح المعارضة أحزاباً سياسية وواجهة الديمقراطية فإنها لم تعد لتهتم بشعائر الموت، ولكنه يستحيل الاستغناء الكامل عن شعارات الموت. وحيث أصبحت شعارات الموت للرجعية والإمبريالية والإلحاد والاستعمار الحديث.. الخ يضرها، فالمشترك الذي بات يجمعها هو شعار "الموت للنظام" فهل الموت للنظام شرط الديمقراطية أم هدفها؟!.. وماذا عن البديل أهلية وواقعية وديمقراطية ووعياً؟!.. أي نظام كان في اليمن فهو وارث لواقع ووعي صراعات الحرب الباردة فوقياً كصراعات سياسية ولمتراكم تخلف كرسته الحرب الباردة، أو حالت دون أعلى قدرات انتشاله وتطويره، وبالتالي فهو الوارث الحقيقي وربطاً به واقع ووحدة الوطن التي خصت به إسرائيل أو أميركا أو الرجعية والإمبريالية في التفعيل السياسي المشترك أو في أفعال وتمرد الحوثي. فاليمن هي الساحة التي اختزلت صراعات المنطقة والعالم تكتيكياً واستراتيجياً داخلها قرابة نصف قرن حتى اندثار الشيوعية وتحقق الوحدة، وهي التي بعد ذلك تصب المخزون وتمركز اختزال صراعات الحرب الباردة ضد النظام والوحدة وهي ضد الوطن، فثنائية الرجعية والامبريالية أو أميركا وإسرائيل بات بديلها النظام والوحدة أو الوحدة والنظام. لقد ظل كل جديد سياسي يأتي إلى اليمن منذ قيام ثورة سبتمبر واكتوبر يأتي بصراع جديد، وحين أوصل التطور إلى عنونة الجديد بالديمقراطية، أصبح الديمقراطية تجميع ومجمع صراعات فوقية في ظل واقع ووعي تخلف، فالجديد غير الصراعي كما يفترض هو ما يأتي من الطرف المنتصر في الحرب الباردة، وليس من أطراف تطرف في صراعات تلك المرحلة والزمن.