الحمد لله الباقي بعد فناء خلقه ، وإن الحدث عظيم ومصاب الفقد أليم ، والحزن يعتصرنا جميعا بفقدان هذا العلم الكبير وهذا الإمام العظيم ، بقية السلف السيد العلامة النسابة الفقيه المفتي الحبيب علي المشهور بن محمد بن سالم بن حفيظ ابن الشيخ أبوبكر بن سالم ، رحمه الله رحمة الأبرار ، وأسكنه أعلى فراديس الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، وأخلفه في أهله وأولاده وذريته وفي الأمة الإسلامية بالخلف الصالح (آمين). فقيهنا الراحل بذل حياته كلها في خدمة العلم وطلاب العلم ومجالس العلم ودور العلم وحلقات العلم ، والسير والتنقل في سبيل التربية والتعليم والدعوة إلى الله في تريم وفي المناطق والنواحي المجاورة ، يتنقل بهمة وعزيمة عالية من درس إلى آخر ومن مجمع علمي إلى أخر ، ومن ترتيب علمي إلى غيره ، لا يكل ولا يمل ولا يتضجر أبدا في تقديم المعلومة والفائدة لطالبها. لقد علمنا فقيهنا الراحل قيمة الوقت وأهمية ترتيب وظائف الأوقات ، وحافظ على وقته ورتبه أحسن ترتيب ، فهو دقيق المواعيد في كل تراتيبه ومجالسه ودروسه ، بحيث لا تجد فراغا في وقته إلا وله نصيب منه في بذل العلم والتعليم والنصيحة والمشورة والمسالة ، فبيته مفتوح دائما يستقبل الضيوف بنفسه ويجلس يستمع لهم مع التواضع والبساطة ويقدم لهم المعلومة والفائدة والفتوى مع كبر سنه وشيخوخته ، إلا انه الصابر المجاهد المحتسب لله تعالى. فقيهنا الراحل نجده حاضرا ومتصدرا في الكثير من مجالس تريم في دار الفقيه ، وفي رباط تريم ، وفي زوايا تريم ، وفي مساجد تريم ، وفي دار المصطفى ، وفي المناسبات والزيارات الدينية ، وكثير من تراتيب ومجالس تريم قائمة عليه وهو المتصدر بها والحاضر بها ، حتى في إجابة دعوات الأفراح والمناسبات وفي الجنائز والمآتم حاضر ومتصدر بها. فقيه الدين لا نقول وداعا ، ستفتقدك وستبكيك كل هذه المجالس والتراتيب والدروس العلمية والمناسبات والزيارات الدينية ، وستفتقدك بطون الكتب وتقريرات المسائل الفقهية في المعاملات والعبادات في دروسك اليومية ، لكن ستظل وتبقى حاضرا فيها بروحك وهمتك وعزيمتك ونشاطك ونظراتك وكلماتك ونبرات صوتك وتوجيهاتك التي لن ينساها أحد ، ولن يودعها أحد أبد ما حيينا. طبت حيا وميتا ، وسلام عليك حيا وميتا ، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، ونسأله تعالى أن يرحمك بواسع رحمته وعفوه وغفرانه ويخلفك بالخلف الصالح . (آمين يارب العالمين).. إنا لله وإنا إليه راجعون.