أخبريني كيف أكتب لكِ حروفي يا أُمي وكل حروف اللغة في حضرتك تبدو ناقصة كيف أمرر أصابعي على كيبورد هاتفي وكل أزرار الكيبورد مُصدئة في حضرتك ترتجف الأصابع يعتذر إلي الكيبورد ويمنعني من الكتابة عنك يهمس إلي ويقول أرجوك توقف يا إبن تلك المرأة الطاهرة أنت يا إبن المرأة التي هطلت من الجنة يصرخ في وجهي أرجوك توقف لا تحرك أصابعك لا تكتب لوالدتك كل الحروف التي تحتضنها أصابعك هُنا ليست مُكتملة لكنني لا أكترث أعود لمداعبة الحروف أمسك حرف الألف لكنه يهرب مني كما تهرب الغزال من ثمة وحش أهرع صوب ذلك الحرف أحاول جاهداً القبض عليه لكنه يهرب مرة وثانية وثالثة ورابعة أسرع إليه خطوة خطوة لكن كلما أقتربت منه يلفُ حولي كما يلتف حُبي حول ضحكتك العذبة تركته جانباً وشديتُ الرحيل لحرف الميم فبمجرد ما قبلتها أصابعي تطايرات كل حروف الكيبورد إلى وجهي كما تتطاير شضايا القنابل والصواريخ أهرب مسرعاً نحو المرايا فوجدت وجهي يشبه وجهُ فاتنة مُمتليء بحبات النمش أعود لحرف الياء فوجدته يصرخ في وجهي إذهب من هُنا يا إبن فتاة الريف يا طفل صديقة الزرع والمطر وصوت العصافير وبهاء السنابل في الحقول وزهرة فاكهة التوت وجمال رائحة الفُل والمشاقر أنت أنت يا فتى ربما أصابك الجنون فكيف تريد مداعبتي وتكتب عن جنتك ثم يردف قائلاً لله ما أحمقك أرد عليه لماذا كرهت أصابعي يا صديقي وأنا الذي أداعب حروفك كل يوم وأنا الذي أكتب للفاتنات يضحك بصوت عال ثم يقول مرة أخرى لله ما أحمقك ويعترف ثم يهمس في أُذناي أنت الآن تكتب عن أُمك يا فتى وليس للفاتنات أُمك التي حملتك في بطنها تسعة أشهر يا فتاها المُدلل أُمك من وضعتك وهي تصرخ عالياً من شدة الوجع من سهرت الليالي والأيام جوارك من كانت تقبلك تمسح الدموع من وجنتيك وفي لحظة كانت ترمي بك إلى الأعلى ثم تحتضنك هذه أمك يا فتاها البار الكثيف بخوفك عليها وحُبها أنت أنت الغزير بقُبلاتك التي تطبعها على رأسها المبتسم دائماً في وجهها وأنت أنت الذي تتكحل عيناك برؤيتها وعندما تنظر إليها تترتب دقات قلبك ويغادر الألم جسدك من حملتك وأرضعتك حولين كاملين فكيف تريد الكتابة عنها وعن حُبك وطاعتك لها في ظرف دقيقة ودقيقتين أو حتى ساعة وساعتين إذهب من هُنا يا فتى لا تلمس حروفي بأصابعك إذهب ثم إبحث عن لغة أُخرى ترافق أصابعك وعندما تجدها عليك أن تظل عشرون عاماً تكتب عن والدتك ثم خسرتُ المعركة وفازت أُمي والكيبورد .