الحاج جدي عبدالله شيخ منصور العلهي رحمة الله عليه رحمة الأبرار ، تذكرت شخصية هذا الرجل العفيف النزيه وورعه وتقواه ، رجل من معدن أصيل وزمن جميل. أتذكر الجد عبدالله بهدوءه وسماحته ، عاش حياة بسيطة ، ورغم تقدمه في السن ولكنه رحمه الله كان رجل ذو همة وبأس محب للعمل يكد ويتعب في أرضه الزراعية ، وأتذكر وهو يذهب حاملا"فأسه الصغيرة ومنجله ليقطع به الحشائش ويضعها في كشيدته ويحملها على جسمه النحيل ليجلبها لأغنامه ، هذا المشهد رسخ بذاكرتي وأنا صغير، وكذلك كان الجد عبدالله يمتلك عدة خلايا (نحل العسل)،وكان دائما"ماينقله مابين بيته وخلف المسجد وأراه وهو يتفقده وبالذات بعد المغرب ، وكم كانت فرحتنا كأطفال صغار، والجد عبدالله يدبس العسل ونحن حوله، مشكلين دائره ننتظر له بلهفه وهو يقطع بسكينه أقراص العسل ويناولنا قطع الشمع المليئه بالعسل الفاخر واللذيذ، تغمرنا السعاده ونحن نتذوقها ونرتشفها، وهو يبتسم لنا رحمه الله وكانت للحاج عبدالله نخلتين في الطين الواقع شمال القرية، وكان تمرهما من ألذ وأحلى أنواع التمور التي ذقتها خلال حياتي، وعندما يجني ثمرهما كان يوزع على كل بيوت القرية حبات الخريف، ليطعموا من خير ها كل أهل القرية، وأصبحت عادة سنويه ننتظرها بفارق الصبر. خصوصا"نحن الأطفال في ذلك الزمن الجميل. أذكر الجد عبدالله رحمه الله وبساطته، فكان يذهب إلى موديه أو إلى القوز وبالذات دكان سليمان حيدره فدعق لشراء حاجياته ، وكانت تلك الحاجات بسيطه بساطة ذلك الزمن، وهي قطعة من التبغ، وزيت السمسم، وكمية بسيطه من التمر ، ألى جانب كيس صغير من طحين الحبوب العربيه، وأتذكر الجد عبدالله ألف رحمة عليه ، في أيام رمضان المبارك، وفي المناسبات الدينيه ، وهو يذبح الذبيحة ويتشارك فيها مع مجموعة من أهل القرية أو مايسموه الشراء ، وكان يقسمها إلى أرباع وأثمان حسب الطلب، وأذكر وأناصغير وممن حضروا توزيع اللحم ، حيث يصلح السهم ويضع . عود صغير على كوم من اللحم، ويقول لأحد الأطفال هذا لمن ويسمي أحد المشترين ويعطى له قسمه من اللحم ومن ثم الإسم التالي حتى يتم توزيع كل الكميه ، أذكر هذا وأنا ممن شاركوا في قرعة السهم، وأذكر المكان الذي كان يتم فيه توزيع اللحم، وهو أما تحت بيت المرحوم علي الذيب أو تحت حصن عمي ناصر مشرف رحمهما الله جميعا". زمن جميل وماضي حلوعاش فيه الجد عبدالله، وحياة بسيطة ووادعة ، بوداعة وطيبة أهل ذلك الزمن. عاش الجد عبدالله عفيفا" شريفا"نزيها"قنوعا" بماكتب له الله من نصيب هذه الدنيا، ورغم متاعب الحياة وشقاوتها لكن الجد عبدالله شيخ ورفاقه رحمهم الله جميعا"لم تشغلهم عن ذكر الله وعن صلاتهم وعبادتهم أبدا"، بل كان الجد عبدالله وأخوته من جيله مرابطين في بيوت الله لأداء فريضة الصلاة، ومن حبهم وتقواهم لله ولشعيرة الصلاة ، وقبل بناء مسجد القرية ، كان الجد عبدالله وجيله من أهل القرية يصلوا صلاة كل جمعة في القوز إلى جانب صلاة العشاء والتراويح طيلة شهر رمضان المبارك عند الشيخ حسين أحمد درامه رحمه الله. هذا غيض من فيض من سيرة وحياة رجل فاضل عاش عزيزا" كريما"وبشرف وشهامة ونخوة قلما تجدها اليوم. رحمك الله ياجد عبدالله شيخ رحمة واسعه وجعل منزلتك الجنة بإذنه تعالى. وبمثل هؤلاء الرجال يحق لنا إن نفتخر ونقتدي بهم ونتعلم منهم ومن مآثرهم كل خير وكل جميل!
بقلم / أبو معاذ/أحمد سالن شيخ عبيد العلهي.. فرعان/موديه.