1) كلما أشعرها بالوِحدةِ، رصَّتْ المرايا من حولها، وتعددتْ فيها، لتبدأ بتعجيز الزجاج: "من أجملُ امرأةٍ في العالم؟".
2) حلَّ فصلُ الخريفِ، وآن موسم الهجرةِ. كابرتْ، وعذرتْ؛ فسمحتْ بتحليقِ طيورها، وبقيتْ كالبحيرة، دون أنيسٍ، وحيدة.
3) آخر لمعانها كان انطفاؤها. منحتْه إشعاعها، ليضيء، ورحلتْ.
4) فجرَ بها، كما فعل إيساف بنائلةً، وسرحَ بغيرها. وحدها مُسخت إلى حجرٍ، في زمنٍ.. تباع الأصنامُ للزينةِ، وليس للعبادةِ.
5) يتقمصُ دورَ رجل الثلجِ القاتل، كلما صمتتْ، وكان أسفلها بركانٌ، من حميمِ الاحتياج.
6) انقسمَ من حولها إلى عالمين، الأكبرُ يلومها على مغادرتهِ، والأصغرُ يستسهل ما قامَ بهِ.
7) تناولتْ دفتر ذكرياتها، وقلبتْ صفحاته. وعود لم تتحقق، وجروح لم تندمل، من الذكر الحكيم، رتلت: "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا".
8) سجل هرمون حبِها أعلى قراءة على الإطلاق. لم تجد من يعشقها، مثلما فعلتْ، لذلك قررتْ، الاعتصام في السماءِ، مثل الله، وبجوارهِ.
9) جسدها بارد جداً، هذا لا يعني أنها ميتةٌ، فالنوم بجانب الغرباء، كالموتِ حضوراً.
10) تسبب غيابهُ المتعمد بجعل المساء شحيحَ الحيلةِ معها. لا صوتَ، سوى لِ صرار ليلٍ حزين، وسريرٍ أنهكه جسدها النحيل.
11) رجتْهُ أن لا يكونَ صريحاً كفايةً، أن يكون متعقلاً بما بينهما. حبذتْ أن يقَول لها: "لنحاول فهم بعضنا"، عوضاً عن فجاجتهِ، عندما قال لها بتوجس: "دعينا لا نتقابل بعد اليوم".
12) في برزخهِ غير المعبدِ، أمسكتْ العصا من المنتصفِ، ورضيتْ بالخسارةِ المريرةِ، على أن تكسبَ نفسها، وبين ما فاتَ وما هو آت، جهلتْ مصيرها.
13) استعصى الإمساك بِ الرجل الزئبقي، تخللها من مسامها، وجرى مع دمها في عروقها. مسَّ كل جزءٍ في جسدها. أيقظ خلاياها النائمةِ. سرع تفاعلاتها؛ وتبخَّرَ.
14) كانتْ تحضرُ، في جُمَلهِ عنها، ضميراً بارزاً، وناءَ فاعلين. ... صار يُخفيها، بأجوبته عنها، ضميراً مستتراً، وكأنها لم تكن هي.
15) شيءٌ ما، ظلَ يؤرقُ رقودها في قبرها، قبل وداعه، نسيتْ ترتيبَ تفاصيلَ وجههِ، لحياتهِ الآتيةِ.
16) خطُ الفجرِ البادئ بالظهورِ في الأفقِ، من نافذتها المزينة بستارٍ ورديٍ، سيميز لها بين الرجل الذي جاءها في أحلامها، والرجل المجهول في مدوناتِ الغيبِ.
17) قاسمها تصرفاتِها الطائشةَ، اهتماماتِها التافهةَ، هواياتِها السخيفةَ. بالأمس فقط، أعادَ لها أشياءَها، بطيشٍ وتفاهةٍ وسخفٍ أكبر.