إن الواقع الأليم الذي تعيشه اليمن جعلني كئيباً شارد الذهن مضطرباً لاشئ يجول في خواطري سوى تلك الأشلاء الممزقة والأجساد المتخضبة بالدماء في بلدٍ يعيش أهله تحت خط الفقر لتزيده الحروب أضعاف من المعاناة والمآءسي المتراكمة عليه منذ عقود من الزمن. واقعٌ جعل الجميع يفكر متى وكيف ومن هي الأطراف التي تقف مع الوطن فالكل في اليمن يدعي الوطنية لكن الوطنية بريئة منهم كبراءة الذئب من دم يوسف. وكيف للوطنية أن تسكن أجساداً قبلت بالعمالة ورضت بالذل والخنوع وأستجارت بدول محتلة تريد أن تأخذ مقدرات وطن يحلم أبناءه يوماً باأن يتطور بلدهم من خلالها. الواقع الأليم الذي نعايشه كل يوم يظهر على أجساد اليمنيين الذين يتباكون على أبواب المساجد وطواريد المستشفيات تلك الأجساد الفقيرة المحتاجة لرغيف من الخبز، وسكن آمن يقيهم من الأمطار وكهرباء تخفف عنهم وطأة حرارة فصل الصيف الذي جعل من المواطن المكلوم يشتم هذه الحكومات المتعاقبة التي تشحت وتأكل الحقوق باإسمه كل يوم وتبني القصور ويدرس أبناءها أرقى الجامعات العالمية. الواقع الأليم الذي نعايشه سوف تجده في تلك الصنابير المتوقفة عن العمل بعد إن إمتلئت بالأملاح وتصدأت بالحديد المتفحم، مما جعل من المواطنين يدفعون الالاف من الريالات لاأجل الحصول على الماء الذي يؤمن لهم العيش . الحرب تزداد ضراوة والتصعيد يكبر كل يوم هنا وهناك والنائمون على الأرائك والغرف المكيفة صامتون يكتفون باإدلاء التصريحات الباردة المنددة بالأوضاع التي كانت نتاج لخذلانهم أبناء شعب ينام أولادهم وبطونهم تقرقر من الجوع والألم يعتصرها ولاتجد قوتها اليومي. إن الواقع الذي نشهده يجعلنا نتألم أكثر على اليمنيين الذين ينتاحرون بثرواتهم على حساب الطبقة المسحوقة التي تتمنى أن ينتهي زمن الحرب وأن تضع أوزارها باأقرب وقت ممكن. باتوا يطالبون ويتظاهرون في الكثير من المدن مطالبين الرحيل لكل القوات التي كانت سبباً في إطالة زمن الحرب لاأجل كسب المزيد من الأصوات الشعبوية التي تمطع من خلالهم أن تحصل على الكثير من المكاسب الإقتصادية في العديد من الأماكن الإستراتيجية. يطالب اليمنيون اليوم بخروج كل غازي لاأرضهم لاأجل أن يفرضوا صوتهم وقوتهم وحوارهم الجاد لاأجل إخراج اليمن من ديمومة الصراع القائم منذ سنواتآملين بسرعة الإستجابة لاأجل أن يعيشوا واقعاً جديدا ومغايراً لهذا الواقع الذي أمات فيهم الأمل والأحلام وخلق فيهم اليأس والقنوط وجعلهم ينسون أنفسهم بعد أن رأوا أن السياسيون تناسوا معاناتهم وأحرموهم الحياة الكريمة التي يعيشها معظم شعوب العالم.