كان الجميع وخاصة السياسيون يدركون جيداً , ومنذ وقت بعيد , أن نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل مرهون بالمشاركة الفاعلة والجدية لقوى الحراك الجنوبي الناشطة في الساحة الجنوبية في الداخل وفي الخارج .. سيما وأن القضية الرئيسة التي صمم الحوار من أجلها إلى جانب قضايا أخرى ثانوية هي القضية الجنوبية أو بالأصح قضية الجنوب التي يتوقف على حلها حلاً عادلاً ومنصفاً وبما يرتضيه أبناء الجنوب .. يتوقف على ذلك أساساً مستقبل اليمن . فهل شاركت قوى الحراك الجنوبي الفاعلة في هذا المؤتمر ؟ الإجابة على هذا السؤال يمكن أن يقولها أي لبيب ومطلع وبدون أي تردد وهي ( لا ).. إذ أن المشاركين في هذا المؤتمر ب 85 مقعداً التي خصصت للحراك الجنوبي من أصل 565, هؤلاء المشاركون يمثلون في الأساس "مؤتمر شعب الجنوب" , الذي أُعلن عن تأسيسه قبل انعقاد مؤتمر الحوار بشهرين ولا يمثل إلا فصيلاً حديث النشأة والتكوين والارتباط بالشارع الجنوبي يقوده كل من رجل الأعمال الشيخ أحمد بن فريد الصريمة والمناضل محمد علي أحمد وهما من قادة الجنوب في الخارج ولكنهما ليسا من قادة الحراك الجنوبي , مع التقدير الكبير لعدد من هؤلاء المشاركين الذين ابلوا بلاءً حسناً في إيصال صوتاً جنوبياً واضحاً وقوياً إلى المؤتمر والى الرأي العام اليمني والعربي والأجنبي .. ومع هذا وذلك تظل هذه المشاركة رمزية وقد اصطدمت منذ البداية بعراقيل ومصاعب ومقاومة جمة من قبل القوى التقليدية المتنفذة في صنعاء الرافضة لحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً وهي نفس القوى التي كانت رافضة أساساً للوحدة مع الجنوب- الإنسان وما يهمها هو الجنوب -الثروة والأرض – التي استولت عليه بفعل حرب 1994م الهمجية والظالمة . لذلك لا أعتقد أن هذه المشاركة من شأنها أن تؤثر على الموقف المتصلب لنخب صنعاء تجاه قضية الجنوب . فلا النقاط العشرين التي أقرتها اللجنة الفنية للتحضير للحوار نفذت ولا النقاط الإحدى عشر ( نقاط الثقة ) التي قدمها المشاركون الجنوبيون نفذت ولا النقاط الإثني عشر التي يشترطها الشيخ الصريمة لعودته للمشاركة في الحوار .. ستنفذ . إن الحوار الذي يمكن أن يفضي إلى حل عادل ومنصف لقضية الجنوب هو الحوار الندي الذي يشارك فيه ممثلو قوى الحراك الجنوبي ومعارضة الخارج وعلى رأسهم البيض والعطاس وعلي ناصر وباعوم والخبجي ومسدوس والشنفرة وشلال والسعدي وبامعلم وقاسم عسكر وباصرة وطماح ومحمد علي أحمد والنوبة والطويل وبامدهف وبنان وبن شعيب وغيرهم من الرموز التي تقود نضال شعب الجنوب منذ سنوات طويلة .. ومن شباب الجنوب وفعالياته الجماهيرية التي تؤمن ايماناً قاطعاً بعدالة قضية الجنوب وجوهرها , من جهة وممثلوا الشمال من جهة أخرى وبإشراف إقليمي ودولي فعال وضامن لمخرجات مثل هذا الحوار . وبمعنى آخر لا بد أن يشارك في مثل هذا الحوار التفاوضي من هم أصحاب قرار وقادرون على الالتزام بتنفيذ مخرجاته على الأرض . وعدى ذلك فالحوار حول القضية الجنوبية كما هو في مؤتمر صنعاء لن يكون إلا مضيعة للوقت وإهداراً للفرص .