"تنمية الشبابية" بالتنسيق مع أوقاف مأرب تختتم المرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمي حلقات القران    السيد القائد: اعلان الحكومة اللبنانية تبني الورقة الامريكية (خيانة للبنان)    الرئيس الزُبيدي: المكاسب الاقتصادية ثمرة جهود على مدى سنوات    حكومة التغيير والبناء : هذا ما حذر منه السيد القائد !    اللواء بن بريك يُعزّي العميد عادل الحالمي بوفاة والدته    مدير عام مديرية قشن يدشن عدد من الدورات التدريبية    مليشيا الحوثي تمنع التعامل بالبطاقة الشخصية الذكية في مناطق سيطرتها    الحكومة: لن نسمح بأي ممارسات احتكارية أو تلاعب بالأسعار ولا تساهل مع المخالفين    سريع يعلن عن عملية عسكرية في فلسطين المحتلة    الحوثيون يهاجمون المبعوث الأممي ويهددون بإنهاء عمله في اليمن    تدشين توزيع الحقيبة المدرسية لأبناء الفقراء والمحتاجين في مدينتي البيضاء و رداع    من يومياتي في أمريكا .. لحظة إسعاف    من يومياتي في أمريكا .. لحظة إسعاف    خبير طقس يتوقع أمطار غزيرة إلى شديدة الغزارة مصحوبة بحبات البرد والبروق والرياح    قيادي حوثي يسطو على شقق سكنية تابعة لأوقاف إب    السامعي بسيطًا مثل الناس، نبيلاً كقضيتهم    إنصاف مايو: إجراءات البنك المركزي خطوة مهمة ويجب دعمها بموازنة وإصلاحات شاملة    الجنوب يخلع قفاز الصبر: كسر قبضة الفوضى وفتح معركة استعادة القرار    في سجون الأمن السياسي بمأرب: وفاة معتقل في اليوم الثالث لسجنه    قرار استثنائي سيظل كسيحا    من يخرجها من ظلمات الفساد.. من يعيد المسار لجامعة عدن (وثيقة)    عمرو بن حبريش.. من هضبة الوعود إلى هاوية الفشل    المقدم بن قصقوص المشقاصي يقدم استقالته من مؤتمر بن حبريش الجامع    إجرام مستوردي الأدوية.. تخفيض أسعار أدوية خرجت من السوق قبل 25عاما    خريطة ما يسمى ب "إسرائيل الكبرى" وفق تصريحات نتنياهو (الدول العربية المستهدفة)    مطار تعز.. مشكلات التعويضات والتوسعة المتعثرة    إيران تعبر إلى نصف نهائي سلة آسيا    تدشين مشروع أتمته الاعمال الإدارية بذمار    "عودة الأسطورة".. سعر ومواصفات هاتف Nokia 6600 5G كاميرا احترافية 108 ميجابكسل وبطارية    «فيفا» يختار الحكمة السعودية ريم في مونديال الصالات    بطولة سينسيناتي.. إيجا إلى ربع النهائي    10 عادات افعلها صباحاً لصحة أمعائك وجهازك الهضمى    الرشيد يسحق النور صبر ب14هدفاً في مباراة من طرف واحد    في بطولة " بيسان " تعز 2025 .. -"الاهلي" يتغلب على "التعاون" بثلاثية" تمنحه الصدارة وتعززحظوظه في العبور .؟!    باريس يتوج بطلا للسوبر الاوروبي عقب تخطي توتنهام الانجليزي    أرقام صادمة وجرائم جسيمة.. عقد من التدمير الحوثي الممنهج للاقتصاد الوطني    تواصل تزيين وإنارة مساجد الحديدة احتفاءً بذكرى المولد النبوي    صنعاء تدعو للاستعداد غدا لحدث عظيم !    اللواء الخامس دفاع شبوة يحيي ذكرى استشهاد مؤسسه    - الفنان اليمني أحمد الحبيشي بين الحياة والموت يا حكومات صنعاء وعدن والمخا ومارب    محافظ ذمار: من يفرّط برسول الله سيفرّط بفلسطين    النفط يستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأميركي        لكم الله يااهل غزه    قرار غير مسبوق يخص حكام الليغا في الموسم الجديد    وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة    الأرصاد يحذّر من استمرار هطول أمطار رعدية في عدة محافظات    عدن .. ادانة متهم انتحل صفة طبية ودبلوماسية ومعاقبته بالسجن ودفع غرامة    القطاع الصحي يستعصي على النظام ويتمرد على تخفيض الأسعار    نيويورك حضرموت    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    تقرير بريطاني يكشف دور لندن في دعم مجازر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة    مكتب رئاسة الجمهورية ينظم دورة تدريبية حول مهارات التفاوض واختلاف الثقافات .    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    فريق طبي مصري يستخرج هاتفا من معدة مريض    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    حملة ميدانية في مديرية صيرة بالعاصمة عدن لضبط أسعار الأدوية    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجسد المشلول ... لن ينفعه العُكاز
نشر في عدن الغد يوم 21 - 04 - 2013

في إحدى المرات جذبتني كلمات جميلة ومعبرة في أحد المواقع الإلكترونية لم أستطع معرفة قائلها جاء فيها: " تكون السفن آمنة عندما تكون راسية على الموانئ، ولكن السفن لم تصنع لهذا، انطلقوا إلى البحر وافعلوا شيئا جديداً "، عندها وبعد مرور الأيام رُحتُ أُسقِط معناها بهدوء تام على الأوضاع والمستجدات الراهنة لعلي أصل لفهم دقيق وعميق لمتغيراتها المتواترة باطراد شديد ولعلي أجد حلولاً مقنعة وجذرية لمجموعة من التساؤلات تطقطق بشدة داخل عقلي تكاد تفتت وتحطم جدرانه، عندها ارتأيت أن أخفف الضغط المتزايد عليه وأمنعه من الانفجار المدوي وقررت أن أفرغ في هذه اللحظة وأبدد الدوامة أو يمكن تسميته بالإعصار الذي يعصف بجميع حواس الجسد في سطور هي عبارة عن خليط من الاستفهام والتعجب، الحيرة والهم، الحزن والغضب، الغموض والوضوح، الفوضى والتنظيم في آن واحد.
إن ما يعتصر قلبي وخاطري ووجداني ليس فقط فيما سأسرد من عبارات وجمل في هذا المقال، بل يمكن القول أنها مصفوفة من التساؤلات والتعقيدات التي تبحث عن إجابات منطقية شافية أصبحت الشغل الشاغل لدي ولدى العديد من الشرائح المجتمعية في بلدنا والبلدان العربية الأخرى، مصفوفة فوضوية تحتاج إلى إعادة لملمة وترتيب، حتى وإن كانت هذه الفوضى بحد ذاتها تمضي بصورة منظمة، ولست هنا في محل استعراض للجمل المركبة المعقدة الفهم كي أنقل مواهبي وأسلوبي في الكتابة والصياغة، فلست بكاتب ولا أديب ولا مفكر، مجرد إنسان يبحث لنفسه ولغيره عن خطوط واضحة ومفاتيح غير مستنسخة تمكننا من الولوج في فضاءات مفتوحة للبذل والعطاء والعمل الجاد، تحكمنا نظم توجهنا للصواب وتردعنا عند الخطأ وتضمن لهذا العمل الديمومة والبقاء، واستمرار هذه التعقيدات واستفحالها سيحولنا جميعاً إلى أناس مجردين، والتجريد هنا لا يقصد به انتزاع المبادئ والقيم اللصيقة بنا منذ نعومة أظافرنا وبأن نسقط في وحل أو مستنقع قذر يستحيل أن ننظف بعده كما حدث مع بعض أبناء جلدتنا ممن سبقونا وما زالوا يمضون بنا ومعنا إلى هاوية سحيقة تتيح لأقوى الأقوياء بل وأضعف الضعفاء بأن يقفل بكل سهولة فوهتها ويحبسنا في غياهبها المظلمة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها إن لم يكن خبث نواياه سيدفعه لأن يدفننا فيها بعد الانزلاق مباشرة، ولكن التجريد الذي أعنيه هو تجريد الجسد من الحركة، أي أن نُشل، قلب ينبض وعقل يفكر ولكن دون حراك، شلل جزئي أو شلل كلي، أما الشلل الجزئي فأعراضه بدأت بالظهور، بعض الأيدي والأرجل منملة وخدرة وبعض الألسن بدأت تثقل بداخل أفواه شفتها السفلى أصبحت تميل وتعوج، بل ربما نكون مشلولين فعلاً بصورة جزئية ونحاول أن نواسي أنفسنا ونظهر لأحبائنا قبل أعدائنا أننا ما زلنا أصحاء متعافين وبأنه عارض صحي بسيط وإرهاق بعد عمل مضني وشاق سيزول نهائياً وبصورة تلقائية بعد أن نأخذ قسطاً من الراحة، أما الشلل الكلي فأعراضه أشد وأقسى من الشلل الجزئي، فتأثيره يمتد على طول الجسد وعرضه، يبقيه ممدداً طريحاً، يرى من خلال عينيه أموراً خاطئة سيمتد تأثيرها عليه وستتجاوزه لتصل إلى غيره وحواسه الأخرى لا تقوى على ردعها أو تجنبها على أقل تقدير، وأمل الشفاء منه ضئيل قد يمتد لمدى الحياة، إلى ساعات الغرغرة والزفرات الأخيرة وانتزاع الروح.
صحيح أن المشلول يبقى قادراً على التفكير وتحليل الأمور ووصف الأحداث من حوله، ولكن ما الفائدة من تفكيره وتحليله ووصفه هذا وهو لا يستطيع أن ينطق بها ولا يقدر على تطبيقها عملياً وأن يجعلها واقعاً ملموساً يسد بها رمق الشرائح المعدمة، فالطاقة الكامنة بداخلنا لن تطلق إلا إذا كانت لدينا رغبات حقيقية وجادة في مساعدة الآخرين وخدمتهم. المشلولون المقعدون كثر، وما هم فيه من شلل كان نتاجاً طبيعياً لتهربهم المستمر من تحصين أنفسهم وعدم الاعتناء بها جيداً وإجهادها بسباقات متواصلة خاضتها لتعود عليها بالربح والشهرة واعتلاء الصدارة لا غير، إن ارتضى هؤلاء بالبقاء في عجزهم ومرضهم فهذا شأنهم، أما أن ينقلوا عدواهم إلى أناس أصحاء وسليمين فهذا جنون بأعلى مراتبه، فالوباء القاتل لا بد من احتوائه سريعاً وتداركه كلياً وإلا فإن عواقبه ستكون أكثر من كارثية.
إن الإصابة بعارض طفيف عليه ألا يجعلنا نستسلم أو أن ننتظر يداً بيضاء أو سوداء لتنتشلنا بطريقتها من بين أنقاض انفجار ربما ساهمت بصمتها أو بإشرافها المباشر على حصوله، وألا نظل نتحجج ونتمسك بضعفنا وعدم مقدرتنا على النهوض، حيث يقول مخترع المصباح الكهربائي توماس أديسون : " ضعفنا الأكبر يكمن في الاستسلام، وأكثر الطرق المؤكدة للنجاح هي أن نحاول مرة أخرى". الخوف الأكبر ليس في تحسرنا على ما مضى، بل من أن نبقى دائماً مترددين، ننتظر الساعات الطوال ونمني على أنفسنا فرص قد تأتي أو لا تأتي متوافقة مع أهدافنا وطموحاتنا النبيلة التي دائماً ما نتغنى بها وننشدها لنا ولغيرنا منذ الوهلة الأولى التي بزغ نورها وحلقت راياتها، وأعظم الخوف أن نقوم بتجربة وتطبيق ما أثبتت التجارب أنه غير مجدي وفعال، وأن نعالج أخطائنا السابقة بنفس الأساليب والأجساد المنحية المعلولة التي أوقعتنا فيها، بل علينا الاعتماد على أجساد شابة متعافية قادرة على خلق فرص جديدة يمكن استغلالها استغلالاً جيداً نفعها يعود على الجميع دون استثناء لا أن تبقى محتكرة ومتداولة بين فئة على حساب الفئات المتبقية، فمصيرنا لا يمكن أن نتركه لمسائل الحظ أو المصادفة إنما هو اختيار، إما أن نختار جسداً بأعضاء متكاملة ومتعافية، أو نختار الاستسلام للشلل والعجز، وحينها سندرك أن الجسد المشلول لن ينفعه العُكاز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.