في أعوام 1957م و1958م من القرن الماضي شهدت مناطق الجنوب ومنها مناطق يافع انتفاضتها المسلحة ضد التواجد الاستعماري البريطاني على مناطق عدن والجنوب وكان نصيب منطقة يافع كردة فعل الانجليز هو قصف الطيران البريطاني لحصون قادة هذه الانتفاضة الشجاعة وفي الغارة قصفت حصون السلطان الثائر محمد بن عيدروس العفيفي وأبناء عمه وقصفت حصون آل بن حلموس في مكتب يهر وفي قرية ذي صراء والظبي وقصفت منزل المناضل الشجاع العم صالح البادع وكذا في الموسطة والحد من مناطق يافع كان الهدف هو إخضاع يافع وإخضاع الجنوب لمخططه القادم لبريطانيا في إقامة مشروع الاتحاد الفدرالي لكن من وسط تلك الشوامخ (جبال يافع) كان الثوار أكثر وعيا وشجاعة في مقاومة المحتل البريطاني فتمرد السلطان الثائر محمد بن عيدروس العفيفي والشيخ ابو بكر النقيب وصالح البادع وصالح عبدالقوي ومحمد صالح المصلي ورفاقهم وجاء المدد بعد وقت قصير من شباب شجعان آمنوا بربهم وبأن العمل المنظم من خلال كيان سياسي واحد يقود نضالهم سوف يهزم الاحتلال البريطاني وأعلنت ثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة وخرج الفتى الأسمر الشجاع علي محضار قاسم ورفاقه من يافع ليواصلوا المسيرة تحت قيادة (الجبهة القومية) وكان لهم التوفيق باضطراد حتى تحقق النصر يوم 30 نوفمبر 1967م بإعلان الاستقلال الوطني المجيد. تعرفت على رفيق الدرب الطويل علي محضار قاسم في تعز أثناء حضورنا لمؤتمر (جبلة) التاريخي للجبهة القومية حضر هو ببندقيته قادم من جبال يافع الشماء وانا كطالب حضرت المؤتمر ممثل للقطاع الطلابي قادم من عدن (المستعمرة) التقينا في تعز بكل مودة وعشق لنضالنا المشترك نضال جيش التحرير في الأرياف وفدائي عدن وقطاعات العمل الشعبي والنسائي والنقابي والطلابي فيها وفي معظم المدن في تلاحم وتضامن عظيم ومجيد! بعد اللقاء والتعارف مع القائد البطل علي محضار قررت ان التحق بجبهة يافع بقيادة هذا القائد الجسور واعترض القائد التاريخي فيصل عبداللطيف على ذلك كانت قاسية علي في تلك اللحظات لكنها صادقة حيث قال: (نحن نعمل على تعليمكم لتصبحوا رجالا أكفاء ولسنا بحاجة الى مقاتل الان ممن هو مثل عمرك وممكن لأي شخص أن يقوم به أفضل منك لذا تعلم وناضل معنا!) رحم الله القائد الوطني الكبير فيصل عبد اللطيف الشعبي ورفاقه جميعا. بعد المؤتمر التاريخي للجبهة القومية في جبلة عدنا الى محطاتنا ليزاول كلا منا نشاطه التنظيمي او العسكري او السياسي في توازن دقيق تقوده قيادة جماعية فريدة حققت الأهداف في إحباط مخططات بريطانيا (العظمى). عاد فقيدنا الجسور المناضل القائد علي محضار الى يافع لينظم العمل السياسي والعسكري لجبهة يافع حيث التقى بقيادة الجبهة الاصلاحية في لبعوس وعلى رأسهم الفقيد سالم عبدالله عبدربه و محمدد ناصر جابر ومحمد عبدالرب بن جبر وآخرين ليتولى قيادة العمل العسكري في يافع السفلى ومنها انطلق وفيها وقع في شرك كمين (خياني) لأفراد من الحرس الاتحادي وتم القبض عليه وعلى رفاقه ومنهم الفقيد القائد الشجاع محمد علي القيرحي وسجنوا في سجن البحرين بمدينة جعار حتى تمكنت الخلية التنظيمية للجبهة القومية بقيادة الرفيق محمود سبعة في جعار من الإفراج عنهم بتهريبهم وحارسهم الوطني الشجاع الى مناطق يافع (الحيد) يستاهل مثل هذا القائد ان يكتب له كتاب بصفات العز والناموس لأنه وزملائه في يافع شقوا صدر التاريخ وتمكنوا من إخماد الفتن الداخلية واتجهوا الى شق الطرقات وبناء المدارس والمستشفيات، الخ. بدأت يافع منذ هذه اللحظات وبدأ الجنوب يدخل تاريخ تاريخه الجديد بتلك الجمهورية الوليدة الخالدة. هذه العملية التاريخية لم تتم دون تضحيات -دون دماء-دون اختلاف بين الرفاق ومع الحلفاء وبالطبع كان لهذا تأثيره على القيادات والكوادر والشعب ايضا وللتاريخ والأجيال نسجل أن علي محضار قاسم ترفع بنفسه عن هذه الخلافات وبعد عنها بعد أن تحقق الاستقلال غادر القائد علي محضار مع بعض ممن غادروا المشهد السياسي في الوطن ليعيش في الغربة في اوروبا وكانت سنوات شديدة الوطأة عليه وعلى رفاقه في الداخل ممن كانوا يعرفون سجية الرجل ودماثة أخلاقه وتواضعه وعدم تطلعه للمناصب. وعندما عاد الى الوطن بعد تطورات دراماتيكية منها تحقيق الوحدة (المغدورة) كان محل تقدير واحترام أهله ورجاله ووطنه وشغل مستشار لوزير الداخلية برتبة (لواء) وبعد حرب 1994م وحرب 2015م التي دمرت الأرض والإنسان عاش مع معاناة شعبه وأهله وعندما مرض وتعالج في القاهرة في ظل غياب مؤسسات الدولة كان لشباب يافع وآخرين الدور البارز في المساعدة على علاجه بكل وفاء و أريحية. رحم الله قائدنا ورفيق دربنا علي محضار قاسم ورحم الشهداء وكل من فارق حياتنا من زملائه ابطال قادة حرب التحرير.