مما لاشك فيه ان الحروب والصراعات تخلف كوارث على المجتمعات ويأتي الفقر والتخلف والجهل والتطرف وانتشار الامراض بمختلف انواعها وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي من اهم مخلفات الحروب والصراعات والنزاعات والشواهد على ذلك كثيرة . ولعل من اهم تلك الشواهد وحتى لا نذهب بعيدا هو الواقع المأساوي والكارثي المحزن الذي يعيشه اخواننا في الصومال فالشعب الصومالي ومنذ بداية الحرب الاهلية مازال يكتوي بنار الفقر والجهل والتخلف و الامراض المختلفة والتطرف نعم كل ذلك حل بالشعب الصومالي نتيجة الحرب الاهلية .
الجمهورية العربية السورية هي الاخرى وبعد ان كانت بالأمس القريب من الدول المصنعة والمنتجة وبعد ان كانت تعيش حالة من الاستقرار والتطور والنهضة في شتى المجالات تحولت اليوم وبفعل الحرب الأهلية التي بدأت منذ العام 2011 الى بلد اشباح فجميع المدن والقرى السورية وبعد ان كانت مدنا للسياحة العالمية تحولت الى مدن موت ورعب يحاصرها الدمار والخراب والاقتتال والدماء والأشلاء وهاهو الشعب السوري اليوم وكما نرى بات مشردا في اكثر من قطر عربي يبحث عن المسكن وعن لقمة العيش والأمن والاستقرار ومن كان منا يوما يتوقع ان يصل الحال بسوريا الشموخ والعزة والكبرياء الى ماهي عليه اليوم من دمار وخراب الى درجة ان الفتاة السورية في معظم الاقطار العربية تبحث عن من يتزوج منها دون ان يدفع شئ مقابل ذلك الزواج وتدل بنفسها لا لشئ إلا لأنها تريد ان تضمن لنفسها المأكل والمشرب والمسكن والأمن والاستقرار ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم !
الجمهورية اليمنية هي الآخرى كانت مرشحة لخوض حرب أهلية طويلت المدى وكما يقال مالها اول ولا آخر وكانت قد بدأت بالفعل الحرب الاهلية رحاها في اكثر من منطقة وخلال ازمة 2011 التي عصفت بالبلد كانت شرارة الحرب الاهلية قد بدأت في ارحب وهمدان وابين وعدد من احياء العاصمة صنعاء ولولا فضل الله سبحانه وتعالى ورحمته بنا لكانت اليمن اليوم في خبر كان وفي حقيقة الامر لقد ادركت جميع الاطراف المتصارعة انه لن يكون في هذه المعركة من منتصر او مهزوم ولا غالب ولا مغلوب فالجميع سيخسر المعركة والوطن والشعب هو الخاسر الحقيقي .
دول الخليج والدول الاوربية الراعية للمبادرة الخليجية ادركت ايضا حقيقة انه ليس بمقدر اي طرف من الاطراف المتنازعة حسم المعركة لصالحه وهو ما جعلها تتدخل لإخماد فتيل الحرب الاهلية التي كانت قد بدأت وقد تبنت تلك الدول ما يسمى المبادرة الخليجية وايدها وساندها ودعمها في ذلك المجتمع الدولي والامم المتحدة وقد جاءت المبادرة الخليجية كطوق نجاة لليمن واليمنيين جميعا وقد حرصت المبادرة الخليجية والقائمون عليها على مراعاة كل طرف من الاطراف المتصارعة وبذلك شكلت المبادرة الخليجية حلا وسطا مرضي للجميع بحيث لاغالب ولامغلوب ولامنتصر ولامهزوم وبالتالي حفظت المبادرة الخليجية ماء الوجه للجميع وهو ما شجع جميع الاطراف المتصارعة للمضي قدما للتوقيع على المبادرة الخليجية متسلحين بالحكمة اليمانية . وبعد توقيع المبادرة الخليجية من جميع الاطراف المتصارعة بداء الجميع وبإشراف وضغط اقليمي ودولي بتنفيذ المبادرة الخليجية وبفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل شجاعة واقدام وحكمة اليمنيين تم تنفيذ معظم بنود المبادرة الخليجية الى ان وصلنا الى الحوار الوطني والذي يعتبر من اهم بنود المبادرة الخليجية وبعد ان وصلنا بفضل الله وبفضل شجاعة اليمنيين وحكتمهم الى الحوار الوطني وبعد ان شاركت جميع الاطراف المتصارعة بالحوار وبعد ان اجتمعت جميع الاطراف المتصارعة منذ زمن بعيد على طاولة مستديرة اذ اجتمع الحراكي مع المؤتمري مع الحوثي مع الاصلاحي مع البعثي مع الاشتراكي مع المستقلين مع المهمشين .
ومن خلال جلسات الحوار الوطني ومداخلات ومشاركات اعضاء الحوار الوطني يبدو واضحا انهم جميعا قد اتفقوا على تضميد جراح الماضي والخروج باليمن واليمنيين من عنق الزجاجة والانطلاق نحو اليمن الجديد وبعد ان بداء النقاش المستفيض والحوار الجاد عن هيئة وشكل ومضمون وملامح اليمن الجديد وبعد هذا كله وجب على ابناء الشعب اليمني جميعا بمختلف توجهاتهم وشرائحهم ان يدركوا حقيقة اننا اليوم نعيش مرحلة جديدة وفرصة لا يمكنها بأي حال من الاحوال ان تتعوض نعم فنحن اليوم نعيش مرحلة بناء اليمن الجديد وتأسيس الدولة المدنية الحديثة .
ولأن الدولة المدنية الحديثة ليست حكرا او ملكا لحزبا اوعائلة او قبيلة ولان الدولة المدنية الحديثة تؤمن بالرأي والرأي الآخر ولان الدولة المدنية الحديثة تؤمن بالعدالة والمساواة سلوك ومنهاج وممارسة ولان الدولة المدنية الحديثة تؤمن بالحياة الكريمة التي لا مذلة فيها من أحد ولا فضل فيها من احد على احد ولان الدولة المدنية الحديثة تؤمن بالشراكة وعدم الاقصاء فان مسئولية بناءها والوصل اليها وتحقيقها مسئوليتنا جميعا دون استثناء نعم فمسئولية الوصول الى اليمن الجديد وبناء الدولة المدنية الحديثة هي مسئولية المؤتمري والاصلاحي والاشتراكي والناصري والحوثي والحراكي والبعثي والمستقل كما هي مسئولية الدكتور والمهندس والفلاح والعامل والاستاذ والطالب والجندي والتاجر ورجل الامن.
فلنتصالح ولنتسامح ولنتصافح ولنتعاون ولنتآخى ولنمضي جميعا يدا بيد نحو المستقبل المشرق والغد المنشود نحو اليمن الجديد يمن العدل والمساواة يمن النظام والقانون يمن الحرية والكرامة يمن البناء والنهضة يمن الاستثمار والسياحة . ياترى هل آن الاوان لان نضمد جراح الماضي ونمضي قدما نحو اليمن الجديد ؟ والجواب وبكل تأكيد نعم لقد آن الاوان لان نمضي الى المستقل المشرق والغد المنشود الذي طالما حلمنا وتغنينا به جميعا .. فهيا بنا نمضي الى اليمن الجديد .