وستتأكد أننا لسنا خير شعوب الأرض ، ولا أعرقهم ، ولا أطهرهم كما ندعي ، وستكتشف أن بلادنا ليست خضراء مباركة كما تعلّمنا بل حمراء من دمائنا المسفوكة عبثاً !
ستعلم أننا فشلنا بأن نتعلم كيف نحيا مع بعضنا كبشر ؛ لنصبح عبئاً ثقيلاً على أنفسنا وعلى الإنسانية !
ستكتشف أننا لم نعد أمة محترمة بين الأمم ، وسترى أنك وسط مجتمع يسبح في النفاق والرياء والكذب ؛ مليئ بالتناقضات والخرافات والأساطير الخيالية !
سترى أننا لا نملك الحقيقة المطلقة لأسرار الكون والحياة كما نظن ، ولسنا الوحيدين الذين نستحق الرفاه إن كنا نستحقه !
ستتأكد أن لا وقت ولا طاقة ولا رغبة ولا حاجة للغرب في التآمر على ديننا ومذاهبنا كما نتوهم لأننا نحن من نتآمر على بعضنا ، وندمر أوطاننا بأيدينا ، حيث مازلنا نعيش في القرن السابع خارج الزمن !
ستتأكد أننا لسنا في معركة مصيرية مع شياطين الكفار ، والماسونية العالمية ، بل إننا نحارب طواحين الهواء وأنفسنا في أحسن الأحوال !
سترى أننا أسأنا لديننا أكثر من أعدائه المفترضين ، وستكتشف أن لا أحد من رجال الدين يمتلك تفويضاً أو مرسوم تعيين أو وكالة عامة من الله !
ستتبادل الأفكار بلا حدود مع رجل غريب في مطعم أو مقهى ، وتتبادل الابتسامات مع إمرأة حسناء في الشارع دون أن ينظر أحد إلى عرقك أو لونك أو عقيدتك غير أنك إنسان فقط ، وستشعر بإنسانيتك لأول مرة كما لم تشعر بها من قبل طيلة عمرك !
ستتعلم احترام غيرك لتنال احترامه ، وستخجل لأشياء كنت تقترفها كبديهيات في وطنك كرمي أعقاب السيجارة ، أو عبور الشارع من غير المكان المخصص !
سوف تشتاق كل لحظة للوطن والأهل والأصدقاء ، وستفتقد جلساتهم وضحكاتهم ورائحة خبزهم والكثير من التفاصيل ، لكنك تخاف أن تعود يوماً ، وإن عدت فلن تكون أكثر من زائرٍ عابر أو ميت في تابوت لا محالة ، حيث سيصبح القبر في وطنك أقصى أمانيك منه !!