حيرتنا يازمن ، وزادت حيرتنا كلما زادت سنين عمرك يازمن ، نادمين على ماضيك ، كارهين حاضرك ، خائفين من مستقبلك ، لم نعد نفهم نظامك المتقلب وبأستمرار ، فليس هناك قواعد ولا مبادىء ولا أساسيات في نظامك ، لكي نضع لنا نظام يوازي نظامك ونعيش مع بعض في وئام ، ماضيك كنا نراه حزين في حينها ، ولكننا نتمنى عودته لأنه أجمل من حاضرك ، وحاضرك أليم وكئيب ونتمنى رحيل أيامه بسرعة الضوء ولكن نخاف أن مستقبلك أسوأ وأظلم من حاضرك ، ومستقبلك يقلقنا فلا يمكن أن نتنبأ به ، فهناك السيء و الأسوأ و الأكثر سوءً ، فماذا تخفي لنا في جعبتك يازمن ؟! ... حلاوتك يازمن لاتدوم ، ومرك يدوم بل تزيد مرارتك يوماً بعد يوم ، متقلب في مزاجك لا يثمر معك عيش ولا ملح ، تنقش فينا أعتقاد ملبوس بالاحلام الوردية وحقيقته كوابيس ظلالية ، توهمنا بأن أعتقادنا جميل وزاهر ولأجله نقاتل ولكن حقيقة أعتقادنا قبيح وضار وقاتل لنا ، تحبب لنا شيء هو شر لنا ، وتكره لنا شيء هو خير لنا .. هذه أخطائنا منذ القدم ، فما نتمناه والذي نعتقد أنه منقذنا وشابعنا ومفرحنا ، صار هو غارقنا ومجوعنا ومحزننا ، وما أوهمنا به بأنهن شقيقاتنا صرنا زوجات أعداؤنا ، وما وعدونا به رسى في أرض عدونا ، ألسنتهم تنطق لنا بالخير وأصابعهم تنسج شبكة الشر بخيوط شبابنا وأبرة سلاحهم ، أستجابوا لدعم تحريرنا وأمعنوا بتفرقتنا وتمزيقنا بمقتضى مصالحهم ، يدهم على يدنا أستعدنا أرضنا ويدهم الأخرى تحفر قبرنا ، ترعى مع راعينا وتأكل مع أعداؤنا ، فهذا يازمن ما قدر لنا وهذه حكمتك ( تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن ) .. فعند أجتياح المليشيات الحوثية الجنوب ، وخوفاً من أن تتغير عقيدتنا ، صار الجنوبيين يبحثون عن داعم ليساندهم (لأن الوحدة قضت على المؤسسات الحكومية الجنوبية ) للقضاء على العميل الأيراني ، وتحقق ماتمنيناه بدعم من قبل التحالف والمجتمع الدولي ، ولكن لم يتحقق ما أعتقدناه .... أعتقدنا بأن المتمرد المهزوم سيتقوقع في مران فقط ، وستقص جناحاته التي طار بها إلى الجنوب وطغى بها على الشمال ، وسيعاني ليجد ما يسد جوعه ، وسيطوق مذهبه الشيعي من الأنتشار ، وسيحاصر من جميع الجوانب السياسية والعسكرية والأقتصادية لينهار وبذلك ينتهي عصره ، ولكن للأسف صار العكس ، فعصره صار العصر الحديث وعصرنا صار العصر الحجري ، فمن كان بالأمس متمرد صار اليوم يعيش حياة مستقرة أكثر من حياتنا ، وصار محمي أقليمياً و دولياً أكثر منا ، وأصبحت معركته واحدة ضد الشرعية ( كما صور لنا المخرج الكوميدي ) والشرعية معركتها واحدة ولكن أس ثمانية ( 1^ )ضد الحوثي وضد الشرعية وبين الجنوبيين وضد القاعدة..إلخ ( كما صور لنا المخرجان السياسيان )، متمرد ورث ارض أضعاف مضاعفة من مساحة مران وشرعية تسلم أرضها عن رضاء تام للمتمرد ، مسؤولين المتمرد مستقرين في صنعاء ، ومسؤولين الشرعية مشردين في الرياض ، متمرد تحت رأية وجيش وعدو واحد وشرعية ( متفرقة ) تحت رايات وجيوش مختلفة توجه بنادقها تجاة بعضها البعض ، شهداء المتمرد ( كما يقول ) ذات الصنف الواحد الذين قتلوا علي يد عدوهم الواحد ، وشهدائنا ذات الأصناف العدة الذين قتلوا على يد حوثي او شرعي او جنوبي او قاعدي او.....إلخ ، متمرد تفوح منه الثقة وشرعية تفوح منها العجز ، متمرد يعرقل محادثات السلام وشرعية تتنازل لأجل السلام ، متمرد يدعم ويصنع السلاح ( طائرة بدون طيار ) وشرعية يقضى على سلاحها أو يسلم ، متمرد يسمح له بالتقدم وشرعية يسمح لها فقط بالتراجع ، متمرد وعملته تفوق عملتنا بمقدار الضعف بالرغم أنها نفس العملة ، متمرد مستقر العملات الأجنبية وشرعية تهرول عملتها ألى ارض لبنان والصومال ، متمرد وأحد يحكم أرضه وأسس نظام وقانون واحد ، وشرعية يحكمها بعدد أصابع اليدين وعجزوا عن خلق نظام وقانون واحد ، متمرد ينعم بأستقرار الأسعار وشرعية تغرق بغلاء الأسعار ، شرعية وعدت بأعصار الأمل اللأنظامية التجوعية الفتنية ومتمرد لم يوعد بعاصفة الأمل وحياته أكثر نظام واستقرار ، المتمرد حصد خير الحرب اللأمنتهية والشرعية حصدت شر شتات الحرب ، متمرد هوجم من عدة دول ولم يقهر ، وشرعية ساندتها عدة دول ولم تفوز ، فما هذا التناقض الجنوني بين مكاسب المتمرد والشرعية ، فالمتمرد يعيش واقع الشرعي والشرعية تعيش واقع المتمرد .....