وأنا في بداية جلسة المقيل،في أول اللحظات الجميلة، في زاوية المَجلس القريبة من قلبي يجلس أخي نشوان،كان الجوء هادئاً،لا ضجيج ولا شائبة،كلها لحظات سلام وحُب وطمآنينة،ثم لوهلة بدأت أسمعُ صوتا أعجبني بِشدة ، تسلل إلى دِماغي ومن كل الذحل نظفني، إنه صوت التونسية مروة قريعة. صوتها جميل كَرشة ، نادر كشجرة دم الأخوين في سقطرى،صوت ناعم قام بإذابة الدم في أوردتي،نَبرات بُلبُلية وعُرب تونسية،أُغنية قريعة بنكهة يمانية وأصالة تُراث أرض بلقيس والسيف إبن ذي يزن والقبيلة الحميرية والفن المعماري في صنعاء القديمة . صوتها طَري كَزخة ، أخضر كضحكة طفلة ، يفوح عطرا كزهرة، يجعلك تبتسم دون ارادة ، يرَقِصُ كل قطعة من جسدك وكل قِطعة،يذهب بك إلى البعيد، ينتشلك من بين الرُكام، ينقذك من التيه والضياع والوحدة، يعالجك من كل غصة، يمسحُ بمناديل الريشة جميع الدموع من وجنتاك وكل دَمعة ، صوت ليس كأي صوت، لم أرى فنانة لديها خامة صوتية كخامة مروى قريعة. بنت تونس الخضراء من تتغنى بالأٌغنية اليمنية والتُراث دون تزييف ودون سرقة اللحن، دون أن تقوم بتغيير النُطق، مروة قريعة من إذا غنت تبتسمُ صنعاء وتضحك تعز، ترقصُ عدن ويتمايل عرش بلقيس في مأرب، تنضج فاكهة الرُمان في صعدة ويفوح فُل الحُديدة ، تعزفُ لَحج وتزغرد الجوف وشبوة والمهرة والخضرة تعانق جِبال وسهول ووديان إب بلاد أروى الملكة . تعيدُ اعمار المنازل المُهدمة في عمران وحجة وريمة،مروة قريعة،أجمل من تغني التُراث اليمني، لديها خامة صوتية فريدة، أتت من تونس الخضراء كي تنقذنا من الشتات والعذاب والوجع ، أتت كي تؤنس وحدتنا وتمطر اُغنيات وفرحة ونشوة وسعادة في حقولنا اليابسة التي أحرقتها اقذائف ، عندما تغني يصفق لها القمر قبل قلبي، ترقصُ النجوم قبل نبضاتي ، وتعزف أوردتي قبلُ العود ، يجب على الجميع التوقف عن غناء التُراث اليمني، يتركوا مروة قريعة وحدها تصدح بِفننا وتراثنا كي تذهب به إلى البعيد، وحدها من تستطيع أن تفعل هذا، وحدها التونسية من ستحلق بِتراثنا بعيدا، غني يا مروة قريعة ، غني نحنُ عطشى، نحنُ فقدنا أنفسنا بسبب الحَرب غني كي نجدنا في نبراتك يا أيتها الفراشة التونسية الجميلة جميلة صوت وصورة وأُغنية .