قراءة تحليلية لنص "خطوبة" ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة تحليلية لنص "خطوبة" ل"أحمد سيف حاشد"    إشهار "مكون مجتمعي" في حضرموت لجمع المكونات المختلفة تحت مظلة واحدة    سوريا اليوم.. بين ترمب ونتنياهو والوسطاء ومحاولة الإذلال    سوريا اليوم.. بين ترمب ونتنياهو والوسطاء ومحاولة الإذلال    المحامي صبرة من معتقله: الزيارة مرفوعة عنّا وعلى الزملاء تحريك القضية    التصنيف الأمريكي لتنظيم الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي محدود الأثر    أزمة أخلاق!    حين يفشلون في كسر رجل.. يبدأون بمحاولة كسر أصله    البنك المركزي يوضح حول المستحقات المالية لمحافظه    تكريم الفائزين بجائزة جامعة صعدة للإبداع والبحث العلمي    لحج.. قوات الجبولي تُشدّد الحصار على قرى في مديرية المقاطرة وتقطع الطريق الرابط بين تعز وعدن    تدشين فعاليات إحياء ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء بالامانة    دراسة: استخدام العدِّ بالأصابع يمهِّد للتَّفوق في الرياضيات    قبائل بني ضبيان في الضالع تعلن النفير العام لمواجهة الأعداء    مصر: الجزيرة العالي للإعلام ينظم ندوة "صنّاع النجوم.. ومسيرة الإنجازات في الرياضة المصرية"    مساء الغد.. المنتخب الوطني الأول يواجه جزر القمر والمدرب: نسعى للتأهل إلى كأس العرب    كلمة العميد بن الشيخ أبوبكر تخرج فئران المخدرات والديزل من جحورها    أحزاب شبوة تؤكد دعمها لوحدة الصف وتطالب بصرف المرتبات وتحسين الأجور    هل يستنسخ الحجوريون تجربة طالبان في وادي شحوح بحضرموت؟!    مناقشة برنامج دعم توطين الصناعات المحلية    تدشين عدد من المبادرات المجتمعية في مديرية الخبت بالمحويت    تسوية تاريخية .. 14 مليون دولار لتعويض جماهير نهائي كوبا أمريكا 2024    الحباري ومغلي ينافشان سبل تعزيز خدمات الرعاية والتأهيل للمعاقين في محافظة ريمة    بطولة النخبة للمياه المفتوحة بالحديدة على كأس الشهيد الغماري    السامعي يؤكد أهمية تشجيع المشاريع الطبية العملاقة لخدمة ورعاية المرضى    تدشين برنامج مراجعة وتحديث وإدارة السياسات المالية والتجارية والاستثمارية    صنعاء توزع خوذ مجانية للدراجات النارية في التقاطعات    الذهب يرتفع لأعلى مستوى له مع تجدد التوقعات بخفض الفائدة الأميركية    محكمة غرب تعز تقضي بإعدام شاب قتل والده في إب    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    خالد اليماني... جنوبي أصيل أم يمني مرتد؟    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    تقرير أممي: نزوح أكثر من 18 ألف شخص في اليمن منذ بداية العام    حين يتحوّل فستان إعلامية إلى معركة هوية في وطنٍ تُنهكه المآسي !!    نزال مرتقب: ديتشيفا تواجه كيليهولتز ضمن بطولة "الطريق إلى دبي" للفنون القتالية    الصحفي والمدرب الحقوقي عماد السقاف    العرب يعزلون سوريا بأسوار خرسانية داخل حدودها    خبراء التغذية: النظام الغذائي مفتاح التركيز الذهني    دور السعودية في اعتداء الضاحية    أزمة وقود غير مسبوقة في المهرة    في الجولة الخامسة لدوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه تشيلسي في قمة كلاسيكية.. ومان سيتي يستقبل ليفركوزن    بركان إثيوبي يثور بعد 12 ألف عام والرماد يصل اليمن وعمان وباكستان    محافظ المهرة يُشيد بدور الإصلاح والمكونات السياسية في دعم جهود السلطة المحلية    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    منتخب الناشئين يفوز على غوام بعشرة أهداف ويتصدر مجموعته    قراءة تحليلية لنص "أريد أن أطمئن" ل"أحمد سيف حاشد"    الكاتبة اليمنية آلاء الحسني تُطلق روايتها "حينما تأكلك الجزيرة"    الضالع تستعد لأول مشاركة في مهرجان التراث الدولي    مصادر حكومية: انفراج مرتقب في صرف المرتبات وتحولات اقتصادية تعزز فرص الاستقرار    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    رئيس الوزراء يؤكد استمرار الإصلاحات وتعزيز حضور الدولة وتقليل السفر الخارجي    آخر حروب الإخوان    رئيس سياسية الإصلاح يلتقي مسؤولا في الحزب الشيوعي الصيني لبحث العلاقات وأوجه التعاون    ريال مدريد ينجو من إلتشي بشق الأنفس    تقرير عبري: نصف الإسرائيليين يعانون أمراضا نفسية بعد 7 أكتوبر    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في مضمون مسودة اتفاق أممي ينهي الحرب والأزمة اليمنية
نشر في عدن الغد يوم 11 - 11 - 2020

ما هي البنود في مسودة الأمم المتحدة التي "يكمن فيها الشيطان"؟
لماذا قد نشاهد رفضاً من المكونات والأطراف اليمنية للمسودة؟
ما موقف الانتقالي وفصائل الحراك الجنوبي من بعض بنودها؟
هل سيتم القبول بها للمراوغة وكسب الوقت فقط؟
تقرير / بديع سلطان:
أعلن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن تسليمه طرفي النزاع اليمني مسودة
لإنهاء الصراع، تكون أساسًا لتسويةٍ سياسة شاملة.
وارتكزت مسودة الحل على ثلاث أسس رئيسية، تمثلت في وقف إطلاق فوري للنار
في كافة أرجاء اليمن، والشروع في تدابير إنسانية واقتصادية، واستئناف
المشاورات السياسية.
تحليل الديباجة
أهمية المسودة، وتوقيتها، ومحتواها التفصيلي يدفعنا إلى تقديم "ما يشبه
القراءة" لبنودها ونقاطها، وربطها بالتأثيرات والتداعيات المحركة للصراع
اليمني، والمؤثرات الداخلية كذلك.
وإذا تحدثنا عن الديباجة الأولية للمسودة، فقد حملت إشارات إلى اجتماع
الطرفين تحت الرعاية الأممية، وقلقهما "الشديد" من التهديد الخطير الذي
تفرضه جائحة كورونا على اليمنيين، وتهيئة البلاد لمواجهة الفايروس،
وإدراكهما ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية
والإنسانية، وقلقهما الشديد -بحسب الديباجة- من التصعيد العسكري المستمر،
كل ذلك لم يكن بذي معنى بقدر ما حملته تفاصيل المسودة.
ويكفينا تفنيد وصف الطرفين بأنهما "مقتنعان تماماً بضرورة طي صفحة العنف
والمعاناة، وفتح الباب أمام عودة السلام الدائم إلى اليمن"، وهي الصفات
التي تضمنتها ديباجة المسودة.
فعطفاً على واقع انعدام الثقة بين الطرفين، وتجدد المواجهات على طول
الجبهات المشتعلة بينهما يتأكد للجميع أن اقتناعهما بعودة السلام لم يكن
تاماً في أحسن الأحوال، بحسب الوقائع المشاهدة، بغض النظر عن "رغبتهما في
الوصول إلى حل سياسي عادل ينهي الحرب، ويعمل على ضمان السلامة والأمن
والرَّخاء لشعب اليمن وشعوب الدول المجاورة"، وفق الديباجة.
واللافت في مقدمة المسودة أنها أكدت إعلان الطرفين "التزامهما بسيادة
اليمن واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه"، وهو ما قد يشكل معضلة في قبول
الجنوبيين بهذا الحل، باعتبار أنهم متمسكين بانفصال الجنوب، فيما المسودة
ترفض ذلك وتؤكد على وحدة البلاد.
البنود الرئيسية
تحدثت المسودة عن اتفاق طرفي النزاع على بنود أساسية تركزت حول: وقف
إطلاق النار في كافة أرجاء اليمن، وتدابير إنسانية واقتصادية، بالإضافة
إلى استئناف المشاورات السياسية.
وفي تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار، فإن الموافقة عليه تستلزم وقفًا
فوريًا وشاملاً لإطلاق النار في كافة أنحاء اليمن؛ بهدف توسيع دائرة
التدابير الإنسانية والاقتصادية العاجلة؛ لتخفيف وطأة المعاناة عن الشعب
اليمني والتصدي لمخاطر الجائحة، وضمان حرية حركة المواطنات والمواطنين
وإعادة فتح الطرق والمطارات وتدفق البضائع والخدمات الإنسانية والتجارية،
وبناء الثقة بين الطرفين، وإيجاد بيئة مواتية لاستئناف المشاورات
السياسية في اليمن.
وتبدو هذه الجزئيات أساسية في ما يتعلق بما يترتب على عملية وقف إطلاق
النار، و"إيقاف كامل لجميع العمليات العسكرية الهجومية البرية والجوية
والبحرية، بما في ذلك إعادة نشر القوات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة
والذخائر".
ومنع إعادة الانتشار العسكري التي تطرق إليها الاتفاق، تكشف حجم عدم
الثقة بين الطرفين، وهو ما يضع الاتفاق برمته على المحك، باعتبار أن
إيقاف اطلاق النار يُغري المتحاربين بترتيب أوراقهما العسكرية على الأرض،
وإعادة توزيع قواتهما لتتمركز في مواقع أكثر تناسبية مع "المعركة
القادمة"، في حالة فشل الاتفاق.
ولم ينسَ الاتفاق أن يشير إلى إيقاف "جميع العمليات العسكرية البرية
والبحرية والجوية بكافة أشكالها وبجميع وسائلها ضد أراضي المملكة العربية
السعودية ودول التحالف ومياهها ومطاراتها وسفنها ووحداتها البحرية"، وهو
ما يبدو ضمان لدول التحالف، والسعودية تحديداً من هجمات الحوثيين.
آليات تنفيذ وقف إطلاق النار
يمتلك اليمنيون تاريخاً غير مسالم مع آليات تنفيذ الاتفاقات التي توصلت
إليها الأطراف السياسية، فهناك الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية، وآلية
تنفيذ اتفاق السلم والشراكة، وآلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض.
وجميع تلك الآليات لم تنفذ أو يكتب لها النجاح بشكل كامل، حتى الآن على الأقل.
وهو ما يخشاه اليمنيون من الآلية المقترحة لتنفيذ مسودة الحل النهائي،
بين الأطراف اليمنية، ومنها تشكيل "لجنة تنسيق عسكري برئاسة الأمم
المتحدة وعضوية ممثلين عسكريين رفيعي المستوى من طرفي الاتفاق".
كما أن لجان الأمم المتحدة لم يكتب لها هي الأخرى النجاح في الحديدة،
لتنفيذ اتفاق ستوكهولم، وهو ما يجعل من اللجنة المقترحة هذه محل شك
أيضاً!.
خاصةً وأن المسودة أشارت إلى فرق مشتركة من الجانبين لتشكيل هذه اللجان،
التي ستعمل من خلال "اجتماعات دورية"، وبحسب مراقبين فإن هذه الآلية بحد
ذاتها تحتاج إلى فترة زمنية طويلة، حتى يتم التأكد من التزام الطرفين بكل
بنود وقف إطلاق النار.
وهو ما يعطي أمداً إضافياً للأزمة، ولا يضمن نهايتها فور بدء تنفيذ المسودة.
كما أن الملاحظ في هذه النقطة أنها حافظت على الحظر الجوي ساري المفعول
إلا من "طلعات جوية غير مسلحة لغايات المراقبة والاستطلاع"، وبهدف التأكد
من تنفيذ اتفاق الرياض.
التدابير الإنسانية والاقتصادية
تضمنت الإجراءات الإنسانية والاقتصادية جوانب عدة، أولها تدابير مشتركة
بين الحكومة اليمنية والحوثيين؛ لمواجهة جائحة كورونا والحفاظ على الشعب
اليمني من تداعيات الفايروس، والتخفيف منها.
كما تضمنت تدابير تخص الأسرى، و"إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين
والمفقودين والمحتجزين تعسفيًا والمخفيين قسرًا والموضوعين تحت الإقامة
الجبرية والأشخاص المسلوبة حريتهم بسبب النزاع، وفقاً لاتفاق ستوكهولم،
وخاصة في ضوء تهديد انتشار كورونا في أماكن الاحتجاز".
ويعتبر حقوقيون أن هذا الإجراء الخاص بالأسرى، يأتي من أولويات تجاوز
آثار الحرب، ويعتبرون أنها ضرورة ملحة لتحقيق الإنصاف لآلاف الأسرى
والمحتجزين لدى الجانبين.
ولم تغفل مسودة الاتفاق "فتح الطرق الرئيسية إلى المدن، بالتنسيق مع لجنة
التنسيق العسكري لآلية وقف إطلاق النار، لا سيما الطرق في تعز (خاصة طريق
الحوبان) وصنعاء والحديدة (خاصة الدريهمي) ومأرب وصعدة والجوف، بغية
تسهيل حرية حركة الرجال والنّساء والبضائع والخدمات الإنسانية والتجارية
بما فيها تلك الضرورية لمواجهة كورونا واتخاذ كافة الترتيبات الأمنية
اللازمة لضمان سلامة وأمن وحرية الحركة والمرور للمسافرين".
ولعل في فتح الطرق الرئيسية ما يعطي الاتفاق أهمية قصوى، باعتبار أن
الطرق متعلقة بشكل مباشر بحياة الناس وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية
اليومية.
كما لم ينسَ الاتفاق الحديث عن "صرف رواتب جميع موظفي الخدمة المدنية في
كافة أرجاء اليمن وفقاً لقوائم رواتب عام 2014"، بالإضافة إلى "تشكيل
لجنة مشتركة من الطرفين للاتفاق على كافة التدابير الفنية اللازمة لصرف
الرواتب، وتقوم الأمم المتحدة بالتواصل مع المجتمع الدولي لحثه على
المساهمة في موضوع الرواتب".
وليس أكثر من الرواتب وتوفيرها يحدث فارقاً في حياة اليمنيين، ويجعلهم
يلتمسون أن هناك فائدة من وراء هذه المسودة، بحسب مراقبين.
وأشار الاتفاق إلى "عقد لجنة الرواتب اجتماعها الأول فور توقيع هذا
الإعلان المشترك لوضع التدابير والإجراءات الفنية اللازمة لصرف الرواتب
في غضون شهر من توقيع هذا الإعلان المشترك".
آلية أثبتت فشلها
يرى مراقبون أن آلية تحويل إيرادات النفط والغاز في فروع البنك المركزي
اليمني قد اثبتت فشلها في تجربة ميناء الحديدة، وإدخال الوقود إليها
وتحويل إيراداتها إلى حسابات بعيدة عن متناول الحوثيين، حيث استطاعت
المليشيات النفاذ إلى تلك الحسابات ونهبها، بحسب بيانات حكومية.
غير أن مسودة الاتفاق طرحت هذه الآلية من جديد، خين أشارت إلى "فتح حساب
خاص، بإدارة مشتركة من الطرفين، في البنك المركزي اليمني وفروعه لإيداع
اللازم من الإيرادات المركزية والسيادية بما في ذلك إيرادات النفط والغاز
والجمارك والضرائب والموانئ، بما في ذلك موانئ الحديدة، والمنافذ في كافة
أنحاء اليمن وبشكل منتظم لصرف رواتب جميع موظفي الخدمة المدنية في كافة
أنحاء اليمن وفقا لقوائم عام 2014".
وهي طريقة يخشى اقتصاديون أن تتعرض لنفس المعوقات التي تعرضت لها التجربة
السابقة في الحديدة، رغم أن الاتفاق يتحدث عن تضمين مشكلة ميناء الحديدة
والوقود الداخل عبرها، في بنود المسودة، وهو ما يؤكد فشل نفس الآلية التي
يحاول الاتفاق تعميمها.
المطارات والموانئ
كما ينص الاتفاق على "فتح مطار صنعاء الدولي للرحلات الدولية والتجارية
والإنسانية والمدنية أسوة بالمطارات اليمنية الأخرى"، غير أن ذلك لا يضمن
أبداً تحويل مليشيات الحوثي مطارات صنعاء والحديدة أيضاً لاستخدامات
عسكرية، أو على الأقل استقبال الدعم العسكري الإيراني عبرها، بحسب
مراقبين.
كما تطرقت المسودة إلى مشكلة الموانئ اليمنية، وعلى رأسها ميناء الحديدة،
باعتباره المنفذ الوحيد بالنسبة للحوثيين، حيث قالت "رفع القيود على دخول
سفن الحاويات التجارية والسفن المحملة بالغاز والنفط والمشتقات النفطية،
وغيرها من السفن المحملة بالسلع والبضائع، بشكل منتظم وبدون تأخير ما
دامت ملتزمة بحظر توريد الأسلحة المفروض بموجب قرارات مجلس الأمن ذات
الصلة".
كما أشار إلى أن "تقوم آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (الأونڤيم)
بمنح تصاريح دخول لكافة السفن بعد التأكد من التزامها بحظر توريد
الأسلحة. حال الحصول على تصريح الدخول من "الأونڤيم"، يتم رسو تلك السفن
مباشرة بموانئ الحديدة ورأس عيسى دون تعطيل أو تأخير".
الجزئية أعلاه تعني إلغاء مسئولية التحالف العربي عن تفتيش السفن القادمة
إلى الموانئ اليمنية، ومنحها التصاريح، وهو ما قد يخلق إشكالية متوقعة مع
التحالف العربي، خاصةً في ظل اتهامات للمنظمات الأممية بالتواطؤ مع
الحوثيين.
مطار صنعاء.. الملحق
احتوت المسودة في ختامها على ملحق خاص بمصير مطار صنعاء الدولي، وبما أن
الحديث عن الموانئ والمطارات، فمن المناسب أن نتناول هذا الموضوع بشكل
تسلسلي.
وتحت عنوان "آلية تنفيذية لفتح وتشغيل مطار صنعاء الدولي"، تحدثت المسودة
عن أن "يتم استئناف الرحلات الجوية الدولية المدنية والتجارية والإنسانية
من وإلى مطار صنعاء الدولي دون عوائق"، وهو ما يتناقض مع الإشارة السابقة
التي تناولت هذا الجانب وقيدته بالجانب الإنساني فقط.
وهذا ما قد يسبب إشكالية في قبول هذا البند من قبل التحالف العربي
والحكومة الشرعية، اللذين يعتقدان أن هذا تهديد لجهودهما، ويسمح للحوثيين
بتسيير رحلات عسكرية أو استقبال أسلحة ودعك خارجي.
وتناولت المسودة كذلك أن تقوم الأمم المتحدة "بتشكيل لجنة إشرافية فنية
مشتركة مع إدارة المطار في صنعاء؛ للتعاون والتنسيق والتسهيل في
الإجراءات التشغيلية بما فيها التراخيص".
وحصر الاتفاق منح التراخيص على "إدارة المطار في صنعاء، وفقًا للآلية
المتفق عليها مع الأمم المتحدة"، ما يعني إنهاء مسئولية التحالف العربي
عن هذا الإجراء، وهو ما قد يدفع هذا الأخير إلى الضغط على الحكومة
الشرعية لرفضه.
والملاحظ في بقية بنود الملحق أنه قام بتنظيم عملية استئناف الرحلات
المدنية والتجارية، من خلال "قيام إدارة المطار في صنعاء باتخاذ كافة
الإجراءات اللازمة لضمان امتثال المطار لجميع معايير الأمن والسلامة
وبشكل يتماشى مع المعايير والاتفاقيات الدولية".
كما "تقوم إدارة المطار في صنعاء بالسماح للشركات الجوية الوطنية
والدولية بتوفير خدمات النقل الجوي التجاري للمسافرين والشحن الجوي
والإنساني من وإلى مطار صنعاء الدولي عبر الوجهات الدولية المتنوعة".
استئناف المشاورات السياسية
لفتت المسودة المقترحة إلى أن الطرافان "وافقا على استئناف المشاورات
السياسية في أقرب وقت ممكن بقيادة يمنية وتحت رعاية الأمم المتحدة بهدف
وضع نهاية كاملة للحرب في اليمن من خلال الإسراع في إبرام اتفاق سلام
شامل على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادرة مجلس التعاون الخليجي
وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني".
الشيء اللافت في النص أعلاه، أن المسودة تطرقت إلى المرجعيات الثلاث،
والتي تتمسك بها الحكومة الشرعية، غير أن المشكلة تكمن في قبول الحوثيين
بهذه المرجعيات، التي تضعهم في موقف ضعيف، يتقبلون الإملاءات وكفى.. وهو
ما يتناقض مع شخصية المليشيات العنيدة.
كما أشارت المسودة إلى "استرشاد المشاورات السياسية بمبادئ احترام سيادة
اليمن واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه، والدخول إلى مرحلة انتقالية بعد
التوصل إلى اتفاق سلام شامل".
وهو نص من المؤكد أن يثير حفيظة الجنوبيين الراغبين بالانفصال عن وحدة
اليمن، ما قد يؤدي رفضهم هذا إلى مشكلة في تمرير المسودة والقبول بها،
خاصةً بعد أن تم استيعابهم في الحكومة القادمة.
توجيهات
الجزء الأخير من المسودة، والذي سبق الملحق، لم يتناول سوى توجيهات لطرفي
النزاع في اليمن، حتى تسير الاتفاقات بشكل طبيعي.
غير أن مراقبين يشككون في الالتزام بهذه التوجيهات من قبل الطرفين، كما
توقعوا أن تبدأ حينها الاتهامات المتبادلة بعرقلة الاتفاق، وتأكيد كل طرف
التزامه بينما يقوم الآخر بعرقلة التنفيذ!.
وهذا ما يعطي للمسودة طابعاً أخلاقياً وليس إلزامياً حتى يضمن اليمنيون
الوصول إلى بر الأمان وإنهاء الأزمة والنزاعات التي ما والت مستمرة منذ
ست سنوات.
تفاصيل الشيطان
يعتقد محللون أن المسودة مليئة بالتفاصيل والجزئيات التي يمكن أن تمثل
نواة لمصاعب في طريق ليس فقط تنفيذها، بل قبل ذلك قبولها والموافقة
عليها.
حتى وإن تم التوافق عليها، فإن كثيرون يعتقدون أن التوافق سيكون على
إبداء الرغبة في دراستها وبحثها سويةً فقط، دون الشروع في تنفيذها، وهو
ما قد يمنحها مزيداً من الوقت، تستمر فيه المواجهات وربما تتفاقم.
بالإضافة إلى أن المسودة تتحدث عن انتهاك مسلمات تؤمن بها وتتمسك بها
أطراف الصراع في اليمن، وليس فقط الطرفان اللذان تقصدهما وتشير إليهما
المسودة.
فعلى الساحة لا يوجد الحوثيون أو الحكومة الشرعية فقط، فهناك الحراكيون
والانتقاليون، ممن يبحثون عن الانفصال، بينما تنص المسودة على "وحدة
وسلامة أراضي اليمن".
وعلى الطرف الآخر، تنتزع المسودة مهام ومسئوليات من التحالف العربي،
كتفتيش السفن القادمة إلى موانئ اليمن، ومنح التراخيص وغيرها، بالإضافة
إلى الإشراف وفتح مطار صنعاء، وهو ما تخشاه الحكومة الشرعية والتحالف من
أن يستغله الحوثيون في استجلاب دعم عسكري وأسلحة.
ويبدو أن هذه هي التفاصيل التي يكمن فيها "الشيطان" ويختبئ في انتظار
الوقت المناسب لإعلان رفضه أو عرقلة التنفيذ، وهو "الشيطان" ليس طرفاً
بعينه، ولكنه قد يكون جميع الأطراف غير الراغبة بالتسوية.
كما احتوت المسودة على بنود أثبتت بالتجربة فشلاً ذريعا، ولم يعد هناك
مجال لتنفيذها.
لهذا تبدو المسودة مفككة وغير متماسكة، ولهذا يرجح كثير من المحللين
بأنها لن تقوى على الصمود، وستنال رفضاً واسعاً من الأطراف اليمنية، وحتى
وإن راوغت وهادنت من باب السياسة، إلا أنها ستسعى إلى كسب الوقت ليس
أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.