كثيراً ما استوقفتني جملة (رجل بحجم الوطن) في رثاء بعض الشخصيات الوطنية؛ ولكنني أقف اليوم أمام جملة (رجل بحجم عدن) على اعتبار أن عدن مدينة تحتفظ بأهميتها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والتاريخية أيضاً .. عصيَّة عدن .. وهي تختلف عن كل المدن، وعن كل عواصم الدويلات اليمنية القديمة، وعن كل مدن الموانئ في العالم العربي، وحجمها أكبر من حيث أهميتها ودورها، حتى يُقال : ‘‘اذا استقرت وازدهرت عدن، استقر وازدهر الوطن كله'' ولهذا هي بحاجة إلى شخصية قيادية تخدمها، ولا يجب أن يأتي تعيينها لإرضاء التوازنات السياسية أو المناطقية، بل يفترض غداً أن تخضع الشخصية المرشحة لقيادتها حتى على مستوى مكاتبها التنفيذية، إلى مفاضلات علمية متبعة في العديد من مدن الموانئ المتطورة. وهذه الشخصية القيادية ينبغي أن تتميّز بصفات حددت في النوع الثالث من الشخصية الكاريزماتية وهي سلطة الشخصية الملهمة Chrismatic authority والتي يمكن تعريفها أي هذه الشخصية ‘‘ هي التي لها قدرات غير طبيعية في القيادة والإقناع، وتمتاز بالقدرة على إلهام الآخرين عند الاتصال بهم وجذب انتباههم بشكل أكثر من المعتاد ''. وأهم ما يميز الشخصية القيادية الملهمة الإبداعية في فنون التخطيط والإدارة الحديثة، المصداقية والجاذبية غير الزائفة، وهذه الصفة لا يصنعها الإعلام كما يصنع (نجوم الشباك) في فنون المسرح والغناء والسينما أو كرة القدم ويصنع العسكر على صفحات التواصل الإجتماعي! و واقع البلاد وعدن تحديدا" .. بإعتبارها ‘‘ مضغة '' إذا صلحت صلح جسد الوطن كله، بحاجة إلى رجل ليس بحجم الوطن ، ولكنها بحاجة.. اليوم، إلى رجل بحجم عدن .. رجل دولة، في صورة جديدة لشخصية المناضل الوطني الأستاذ محمود عبد الله العراسي (1942 - 2012) محافظ عدن الأسبق، والمناضل الشهيد هادي أحمد ناصر العولقي (1948 - 1986) السكرتير الأول لمنظمة الحزب الاشتراكي م / عدن - رحمهما الله - ومعهما الشخصية الوطنية والاولمبية الدولية الأستاذ أحمد قعطبي، كقيادات كاريزمية إبداعية ملهمة للآخرين، استطاعت في ظروف سياسية معقدة من تاريخ الوطن، أن تقاوم الآراء المعارضة وتقدم خدمات جليلة، وتقيم مشاريع تنموية في عدن، أثارت حساسية خصومها في تلك الفترة الزمنية العصيبة! ولم يمجِّدهم الإعلام حينها، وحتى بعد رحيل العراسي والعولقي، كما يفعل اليوم في صنع قيادات Movability لا تمتلك مهارات الشفافية والإقناع، ولا القدرة على كسب مودة الآخرين لها، ولا كسب تقدير المختلفين معها. وكم نحن بحاجة إلى رجالٍ بحجم أهمية عدن ومكانتها غداً، لترسم ملامح مستقبلها، وازدهار الاقتصاد الوطني وتحسين أحوال الناس في هذه البلدة الطيبة.. همسات : - عدن أغنى من مدن الموانئ في المنطقة، إذا وجدت قيادة بفكر وعقل حكيم.. يمكنها أن تغدو مثل (هونج كونج) في (10) سنوات. - الكاريزما .. نعمة ربانية، لا تكتسبها القيادات بغموضها وعزلتها وشخصيتها الضبابية. - مشروع الدولة والسلام بحاجة إلى قيادات كاريزماتية، حتى على مستوى قيادة منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، وإدارة رياض الأطفال. - دع أبواب ونوافذ مكتبك وبيتك مفتوحةً، ليمرُّ الهواء ويتيح الفرصة للعقل في التأمل والتفكير العميق والعمل الجاد.