فرُّوا من نار إلى نار.. تركوا بيوتهم وأموالهم بسبب نار الحرب، نزحوا إلى مناطق أخرى لتقابلهم هناك نار أشد من الأولى وهي معاناة العيش ونقص الغذاء. عاشوا غربة في موطنهم أجبرتهم الحرب على الفرار من بيوتهم إلى العيش في مخيمات، ذاقوا أسوأ الأمراض، الشمس تلفح وجوههم من كل مكان، يعانون سوء التغذية، يفتقدون إلى المأوى الآمن. بلغ عدد النازحين في اليمن 4 ملايين شخص في نهاية عام 2019 بحسب مفوضية شؤون اللاجئين. معاناة أحد النازحين.. المصدر: مفوضية شؤون اللاجئين. بعد أن نجت من الموت عندما تعرض منزلها للتفجير مرتين وفرت من مدينتها صنعاء، كان آخر ما توقعته "دولة جرادي" البالغة من العمر 35 عاماً، الطرد من منزلها الحالي وخطر العيش في الشارع مع عائلتها. ذلك هو الوضع الذي وجدت نفسها فيه بعد أن تراكم عليها إيجار المسكن المبني من الطين والذي تستأجره الآن في عمران. تقول دولة: ”كان لدي منزل في صنعاء ولكنه تعرض للدمار جراء الحرب، لذا تعين علي أن أبيع أملاكي ومجوهراتي لنتمكن من الهرب.“ وجدت مع زوجها وأطفالها الأربعة شقة من غرفتين في مبنى قديم من الطين واستعملت مدخراتها لتسديد إيجار الأشهر الأولى متوقعةً انتهاء الحرب سريعاً وتمكنها من العودة. ”لقد أفقرتنا الحرب.“ استنزفت دولة وعائلتها مواردهم خلال العامين اللذين قضوهما في النزوح، وقد تسلموا إشعاراً بالطرد من صاحب المسكن نتيجة عدم تسديد الإيجار لأشهر. تنهدت دولة قائلةً: ”لقد أفقرتنا الحرب. اضطررت لإخراج أولادي من المدرسة لأننا لا نستطيع تحمل التكاليف. نأكل ما نستطيع إيجاده - الخبز الجاف والشاي إن حالفنا الحظ، ثم طردنا صاحب المنزل. الأمور صعبة جداً بالنسبة لنا.“ وفي اليوم الذي سبق موعد خروجها من المنزل، قدمت المفوضية لدولة وعائلتها المساعدة في مجال الإيجار على شكل منحة نقدية لتتمكن من تسديد الديون والبقاء في الشقة: ”حصلنا على المال البارحة، الحمد لله! أعطينا نصف المبلغ للمالك واستخدمنا النصف الآخر لشراء الطعام.“ ويعيش غالبية النازحين في اليمن مع عائلات مضيفة أو في مساكن مستأجرة، في حين أن البعض الآخر أجبروا على الإقامة في تجمعات غير رسمية أو مراكز جماعية مثل المدارس المهجورة والمرافق الصحية أو المباني الدينية التي تأوي اليوم عائلات كثيرة.