فيما تتصاعد اعداد الضحايا العراقيين نتيجة توسع الإنهيارات الأمنية التي تضرب بالمفخخات والقنابل العبوات الناسفة مختلف مناطق البلاد فقد تراشق رئيسا الحكومة والبرلمان الاتهامات حول المسؤولية عن ذلك، حيث دعا المالكي إلى مقاطعة جلسة البرلمان الطارئة المقررة اليوم الثلاثاء بينما طالب النجيفي النواب بالمشاركة فيها بشكل فاعل لمعالجة الوضع الأمني المتدهور بشكل غير مسبوق حيث تم تفجير 15 مفخخة في 4 محافظات خلال الساعات الاخيرة مما أدى إلى مقتل واصابة حوالي 380 مواطنًا. دعا رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي أعضاء المجلس "إلى الحضور الفاعل للجلسة الطارئة التي ستعقد اليوم لمناقشة تداعيات الوضع الامني الخطير الذي تعيشه البلاد هذه الأيام" كما قال في بيان صحافي تلقته "إيلاف" الليلة الماضية. وأشار إلى أنه قد تنسب "إستضافة وزيري الدفاع والداخلية والقادة الأمنيين لجهاز المخابرات وقيادة عمليات بغداد وقيادة عمليات دجلة لحضور الجلسة الاستثنائية لمناقشة التدهور الامني والتفجيرات الاخيرة التي طالت حياة المواطنين في عموم العراق".
وجاءت هذه الدعوة ردا على مطالبة رئيس الوزراء نوري المالكي للنواب بعدم المشاركة في الجلسة الطائرة اليوم متهما مجلس النواب بالمشاركة بتأزيم الأوضاع الأمنية في البلاد وقال انها ستساهم بتصعيد الأوضاع الأمنية وستتحول إلى سوق عكاظ.
واضاف المالكي خلال مؤتمر صحافي في بغداد امس بحضور نائبيه لشؤون الخدمات صالح المطلك والطاقة حسين الشهرستاني وعدد من الوزراء إن "كل الأداء الذي قدمه مجلس النواب كان واحدا من الأسباب التي أزمت الأوضاع في البلد من خلال الطرح الطائفي والتصدي للجنود واتهامهم والتمييز بين دم ودم ومن خلال الإعلام".
واتهم مجلس النواب بانه "شريك أساسي في الاضطرابات التي تشهدها البلاد" داعيا أعضاء مجلس النواب "الذين يحرصون على ضرورة التهدئة إلى عدم الحضور إلى الجلسة الطارئة التي ستعقد اليوم لأننا إذا أردنا أن ننطلق انطلاقة صحيحة علينا أن ندعو إلى الهدوء".
واشار الى ان الحكومة بصدد اجراء تغييرات في مواقع المسؤولين عن الامن في البلاد وفي الخطط الامنية بعد تزايد وتيرة العنف في الاسابيع الاخيرة. واعتبر المالكي ان العراق يشهد "عدم استقرار مجتمعي بسبب الفتنة الطائفية التي ارتبطت هذه المرة بمعطيات خارج الحدود وبصراعات طائفية في العراق ادخلها المفسدون والسيئون من الطائفيين".
وجاء المؤتمر الصحافي للمالكي في وقت تشهد مناطق متفرقة من العراق سلسلة تفجيرات وهجمات دامية خلال الساعات الاخيرة قتل فيها حوالي 80 عراقيا عراقيا واصابة 350 اخرين مقتل 24 شرطيا وقالت الشرطة ومسعفون إن 80 شخصا قتلوا في تفجيرات سيارات ملغومة وهجمات انتحارية استهدفت مناطق متفرقة في اطار موجة من اسوأ اعمال العنف الطائفي منذ انسحاب القوات الأميركية نهاية عام 2011. وزادت التفجيرات عدد قتلى الاشتباكات الطائفية في الأسبوع الاخير الى اكثر من 200 شخصا مع بلوغ التوتر الطائفي مرحلة يخشى البعض معها العودة إلى الصراع الأهلي.
ولم تعلن أي جماعة على الفور مسؤوليتها عن التفجيرات لكن في العراق عدة جماعات سنية مسلحة من بينها جماعة دولة العراق الإسلامية المنتمية للقاعدة والتي تستهدف الشيعة سعيا لاشعال فتيل صراع طائفي. وقد أدى هجوم للجيش العراقي على ساحة اعتصام في بلدة الحويجة بمحافظة كركوك الشمالية الشهر الماضي إلى موجة من العنف اسفرت عن سقوط أكثر من 700 قتيل الشهر الماضي طبقا لأرقام الأممالمتحدة وهو أعلى عدد من القتلى في شهر واحد منذ نحو خمس سنوات. وفي أوج الصراع الطائفي في العراق عامي 2006 و2007 كان عدد القتلى يتجاوز أحيانا ثلاثة آلاف في الشهر.
رئاسة البرلمان تقاضي رئيس الوزراء وخلافات حول طارئة اليوم وردا على اتهامات المالكي للبرلمان بالمشاركة في تأزيم اوضاع البلاد، قال محمد الخالدي مقرر مجلس النواب إن رئاسة المجلس ستلجأ الى مقاضاة رئيس الوزراء على اكثر من قضية اقلها سعيه الى الاخلال بعمل المؤسسات الدستورية.
واضاف ان رئاسة مجلس النواب سترفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء لما وجه من اهانة للمؤسسة الدستورية الاهم في الدولة العراقية. واشار في تصريح نقلته الوكالة الوطنية العراقية للانباء الى ان "ماصدر عن رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي يعتبر من الجرائم الماسة بسير العمل المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقية رقم 224 365 229 المعدل".
ويشهد انعقاد طارئة البرلمان اليوم خلافات بين القوى السياسية، ففيما قال ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ان نوابه لن يشاركوا في الجلسة اليوم، اكدت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي تأييدها لعقدها للوقوف على أسباب التدهور الأمني ووضع الخطط والأطر الكفيلة بإخراج العراق من نزيف الدماء المتواصل داعية جميع نوابها إلى قطع إجازاتهم والتوجه لبغداد لحضور الجلسة.
وشددت القائمة في بيان صحافي تلقته "ايلاف" عل "ضرورة المشاركة الفعالة والتعاون الكامل مع القوى الوطنية وشركائنا في العملية السياسية بما يضمن وحدة العراق وحقن الدماء الزكية".
ودعت "كافة القوى الاقليمية كافة الى وقف التدخل في شأننا الوطني وان تتبنى مواقف وسياسات ايجابية تصب في التقريب بين الفرقاء وتبتعد عن اسلوب تغذية الصراع". وطالبت السكرتير العام للامم المتحدة وامين عام جامعة الدول العربية الى بذل اقصى المساعي الحميدة لنزع فتيل التوترات القائمة وخلق اجواء من التهدئة، وصولا الى مقاربة مقبولة تزيل بؤر التوتر في منطقة تقف على برميل بارود متفجر".
ومن جانبه اكد فرات الشرع النائب عن كتلة المواطن بزعامة رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم ان كتلته ستحضر بكامل اعضائها جلسة البرلمان الطارئة اليوم واصفا اياها بانها خطوة مهمة لدعم الاجهزة الامنية بمواجهة الارهاب. وقال ان مايشهده العراق من خروقات امنية مستمرة بحاجة ماسة لتطبيق الدستور واقرار مانراه مناسباً لدعم الاجهزة الامنية.
اما النائبة عن كتلة الاحرار الصدرية النيابية مها الدوري القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي الى التنحي عن منصبه جراء ما تشهده البلاد من تفجيرات.
وقالت الدوري لوكالة كل العراق "الى متى يبقى المالكي يتفرج والدم العراقي يسيل والى متى نصحو في كل يوم على ايام دامية وانفجارات تفجعنا باعزتنا وابنائنا واوجه خطابي الى المالكي واقول له إن الفرصة اليوم امامك لتحقن دماء الشعب العراقي وتحافظ على وحدة الصف بتنحيك عن رئاسة الوزراء والتنازل لاي شخص داخل التحالف الوطني فغدا امام الله لاطاقة لك بهذا السيل من الدماء فاعقلها وتوكل على الاقل من اجل نفسك امام الله".
وأضافت " فالمسؤولية الشرعية الضامنة في حماية امن الشعب العراقي كلهها تقع على عاتقك يارئيس الوزراء لانك وحدك من تتصدى لهذه المسؤولية الكبرى فاتق الله في نفسك واتق الله في شعبك وارفض صوت حاشيتك فانها تريد بقاءك من اجل بقاء مصالحها الدنيوية".
وكان النجيفي دعا السبت الماضي الى عقد جلسة نيابية طارئة بحضور مسؤولين امنيين وعسكريين بهدف مناقشة التدهور الامني في البلاد في وقت تتواصل اعمال العنف وقال "ان هدف هذه الجلسة مناقشة ملابسات التدهور الخطير وتقديم التفسيرات المقنعة والمهنية الى الشعب العراقي".
واعتبر النجيفي في بيانه ان الاسبوع الاخير "واحد من اشد اسابيع العراق دموية"، مشيرا الى ان هذا الامر يدل "على عمق الفشل المنكر للحكومة والاجهزة الامنية واخفاقاتها المتتالية في حماية المواطنين". ورأى ان العراق يعيش "تداعيات خطيرة "نتيجة هذا التدهور المريب الذي تقف خلفه قوة ظلامية تهدف الى اشعال الفتنة بين مواطنيه واضعاف ارادته وعزمه ووحدته وتمزيق نسيجه الاجتماعي".
وعلى الصعيد نفسه دعا المالكي الاحد الماضي الى اقامة صلاة موحدة بين السنة والشيعة كل يوم جمعة في بغداد بعد تزايد استهداف مساجد الطرفين في الاسابيع الاخيرة. وقال المالكي في بيان وزعه مكتبه الاعلامي ان "الصلاة الموحدة يفهم منها انها تجمع العراقيين من السنة والشيعة وهذا ما نتمناه فالصلاة الموحدة الحقيقية يجب ان تجمع المسلمين بكل طوائفهم في مسجد واحد". واضاف "ادعو الى اقامة صلاة موحدة بهذا الشكل في احد مساجد بغداد الكبيرة وتستمر بصورة دائمة كل يوم جمعة".
وقال ان "الذين يستهدفون المساجد هم اعداء السنة والشيعة على حد سواء ويخططون لاشعال الفتنة وهو مخطط قديم يراد احياءه". وناشد "علماء الدين الافاضل الى القيام بواجبهم بنبذ الطائفية والفرقة والدعوة الى وحدة الصف".. مؤكد ان "توجيهاتنا الى الاجهزة الامنية بحماية جميع المساجد ودور العبادة واضحة ومشددة ولا تساهل مع اي تقصير في هذا المجال".
وفي واحد من اعنف الهجمات ضد دور العبادة قتل 41 شخصا واصيب العشرات بجروح في انفجار عبوتين ناسفتين الجمعة استهدفتا مصلين قرب مسجد سني وسط بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) وذلك غداة مقتل 12 شخصا في هجوم انتحاري بحزام ناسف عند مدخل حسينية في كركوك (240 كلم شمال بغداد) مساء الخميس.