د/ وائل أحمد عبد الكريم عشر سنوات تقريباً مضت ونحن نغرد خارج السرب، مضت بعضها في ظل انقسامات وحراك ثوري ومرحلة انتقالية، وشبة دولة، وصولاً إلى صراع سياسي وديني وطائفي تكلل بحرب أهلية بدعم إقليمي سخي، اذهب معه ما تبقي من معالم الدولة، وما من درس واحد استخلص من كل هذه المأساة. واللافت للأمر أن الخطاب السياسي المتعلق بالصراع أو بالسلام، مازال محكوماً بمنطق الأيام الأولى: فالإشكالية في نظر المتحاربين تكمُن في التوصيف بعد كل هذه السنوات وهذا الدمار والحرب العبثية، ما زالوا يبحثون عن التوصيف لا عن الحلول، وهذا هو واقعنا المُخزي. ولا زال الخطاب السياسي للقوى المتحاربة يتفرٌد بإبراز مظالم الأمس – بل الأمس البعيد، لتبرير مواقف اليوم، والمطامع الواهية الكامنة وراءه، من خلال محاولة أقلية فرض إرادتها ونظرتها بالحق الإلهي في الحكم على مجتمع غير متجانس ومفكك من داخله، وأغلبية ذات طموحات شخصية متواضعة تسيطر عليها قوى سياسية وحزبية ومدنية، لم يعد اليمن الواحد القضية التي تؤرقهم. واقع اليمن للأسف مقيت شديد البعد عن واقع الأمس المُظلم، البلاد مقسمة حسب القوى المسيطرة على الأرض، والايديولوجيات السائدة، والاحتلالات الخارجية أن "صح التعبير" منها السياسية ومنها ما هو على أرض الواقع، والناس أي الشعب يتضور جوعاً ويتسولون حقوقهم من السلطات، والمساعدات من المنظمات الدولية التي استشرى فسادها في زمن الحرب. " ماتت الضمائر" هل يعلم المتحاربون بأن الحديث عن اليمن هو الحديث عن أسوأ أزمة إنمائية وإنسانية من صُنع الإنسان في العالم، هل يعلمون أن الحديث عن اليمن هو حديث عن 24 مليون من أصل 30 مليون شخص في أمس الحاجة إلى المساعدات العاجلة، هل يعلمون أن الحديث عن اليمن في وقتنا الحاضر هو واقع مؤلم ل 1,6 مليون طفل من أطفاله يعانون من سوء التغذية الحاد. " ماتت الضمائر" في المقابل تشهد القنوات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي صراع بالغ الأهمية، يتعلق بإعلان الحكومة الجديدة، والمطالبات بتمثيل المكونات عبر المحاصصة السياسية المقيتة، فهناك مطالبات بتمثيل نسائي، وتمثيل شمالي، وتمثيل جنوبي، وحضرمي، وحتى تمثيل فضائي، في حين لم يهتم "الأخوة الأعداء في تهامة" إن وجد لهم حصة في الحكومة أو لم يكن لهم، فهذا انعكاس طبيعي لوزن هذه القوى والقيادات التي لم تجعل لنفسها مكانه أو احترام لبعضها البعض في المقام الأول، ولذلك نحن في ركب المتخلفين والمتخاذلين عن المطالبة بحقوقنا حتى على الجزء الجغرافي الذي نعيش فيه. ( نعود لموضوعنا) " باعتقادي كان من الأجدر والأجدى لو أن هذه الأصوات المطالبة بالتمثيل في الحكومة ارتفعت لتصويب مسار الشرعية اولاً، بدلاً من العويل على عدم الالتحاق بها". فماذا ننتظر؟ الإجابة بالمختصر حكومة بلا صلاحيات، ورئيس بلا دولة، وقوى سياسية تابعة وعاجزة. انتظرنا حتى تملكنا اليأس، ونفدت منا عبارات المناشدة والنصح، وما عاد هناك ما يمكن تقديمة لتوصيف ما آلت إليه الأزمة اليمنية، التي انزلق أطرافها بلا رجعة ولا خوف ولا رادع إلى المجهول والانقسام والشتات؛ حتى اصبحوا ( أطراف الصراع) عبئاً على أنفسهم وعلى داعميهم، وعلى البلاد والعباد، لا تشغلهم قضية وطنية واحدة ، بل يسعون لتحقيقي أهداف متناقضة، الرابط الوحيد الذي يجمعهم أنهم يتعيشون على انقاض هذا الوطن البأس. " ماتت الضمائر"