أجمعت فعاليات سياسية وحقوقية في الداخل الفلسطيني على التحذير من تداعيات مخطط "برافر" الإسرائيلي القاضي بمصادرة نحو 800 ألف دونم من بدو فلسطين في النقب وهدم 35 قرية، مؤكدة أن هذا من شأنه دفع فلسطينيي 48 نحو الصدام والمواجهة في معركة الصراع على الأرض. وأكد مدير مركز "عدالة" الحقوقي في النقب ثابت أبو راس أن الحكومة الإسرائيلية شرعت في تنفيذ المخطط حتى قبل منحه صبغة قانونية، وذلك من خلال هدم عشرات المنازل أسبوعيا، حيث تم منذ مطلع العام الحالي هدم أكثر من 400 منزل من أصل 30 ألفا تتطلع إسرائيل إلى هدمها وتشريد سكانها ووضع اليد على أراضيهم حتى عام 2016.
وكشف أبو راس للجزيرة نت عن إخطارات وزعتها المؤسسة الإسرائيلية على سكان القرى التي سيطالها الهدم والتشريد، أبلغتهم فيها بإغلاق جميع المدارس في قراهم منذ مطلع العام الدراسي القادم وطالبتهم بالبحث عن مدارس بديلة.
وأضاف أن السلطات الإسرائيلية تحرمهم من أبسط الخدمات وتمنع عنهم المياه والكهرباء والخدمات الطبية كوسائل عقاب جماعي للضغط عليهم وإرغامهم على قبول المخطط والرحيل القسري.
عقاب أبو راس: إسرائيل تنتهج العقاب الجماعي لسكان النقب
وأوضح أبو راس أن إسرائيل تواصل عسكرة وتهويد النقب بالمصادقة على بناء 11 مستوطنة جديدة ودعم 70 مزرعة فردية تشغل عشرات آلاف الدونمات خصصت لليهود بالمجان. وذكر أن الحكومة الإسرائيلية طرحت عرضا لنحو 82 مزرعة فردية أخرى، وشرعت في نقل معسكرات الجيش من منطقة المركز وتل أبيب إلى النقب ببناء قاعدة للاستخبارات العسكرية وأربعة مطارات ومراكز للصناعات العسكرية ومساكن للجنود الدائمين والاحتياط، ضمن مخطط لاستقدام 300 ألف يهودي.
وصعّدت لجنة التوجيه العليا لعرب النقب -بالتنسيق مع لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48- من الخطوات الاحتجاجية ونقلت معركة الأرض إلى القدسالمحتلة، ونصبت اليوم الاثنين خيمة اعتصام قبالة الكنيست الإسرائيلي تنديدا بالمخطط الذي سيناقشه للتصديق على التعديلات وإقراره كقانون يخول الحكومة صلاحيات الشروع في تنفيذه.
عسكرة الزبارقة: إسرائيل تتعمد عسكرة النقب
وقال القيادي في التجمع الوطني عضو لجنة التوجيه لعرب النقب جمعة الزبارقة إن خيمة الاعتصام والمناصرة للنقب الذي يسكنه نحو 220 ألف فلسطيني، تحمل رسالة إلى المؤسسة الإسرائيلية تطعن في شرعية المخطط.
وأشار الزبارقة إلى أن هذا المخطط يعتمد نهج التشريد والتهجير والتطهير العرقي للسكان الأصليين، مقابل عسكرة الأراضي وتوظيفها لتوطين اليهود.
وأضاف أن رسالة الاعتصام تحذر القيادة الإسرائيلية من مغبة تنفيذه بشكل تدريجي، ومحاولة فرض حلول من طرف واحد من شأنها أن تؤدي إلى مواجهات دموية تتحمل إسرائيل كامل المسؤولية عنها.
وأكد الزبارقة للجزيرة نت أن إسرائيل أرادت جس نبض الجماهير أثناء هدمها قبل أيام قرية عتير وتشريد سكانها، لافتا إلى عدم التعويل على القضاء الإسرائيلي المنحاز إلى المؤسسة الحاكمة في الملفات الوطنية وقضايا الهوية والأرض والمسكن.
كما أكد أن المخطط سيفشل و"سيتحطم على صخرة الإرادة الشعبية التي هي صمام الأمان لمواصلة النضال والإصرار على التصدي لمخطط التطهير العرقي والتشريد والهدم".
التفاف أبو عبيد: إسرائيل أعلنت الحرب على الوجود الفلسطيني
من جانبه عزا القيادي في الحركة الإسلامية المنسق الإعلامي لمؤسسة النقب للأرض والإنسان سلمان أبو عبيد تردد الحكومة الإسرائيلية في طرح وإقرار المخطط الاستيطاني، إلى الالتفاف الشعبي لفلسطينيي 48 والضغط الدولي على تل أبيب.
وأشار أبو عبيد إلى الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإسرائيل وحالة الاحتقان في أوساط البدو بالنقب الذين أكدوا رفضهم التنازل والمساومة أو التعويض، وتصديهم للمخطط بالإصرار على النضال مع تأكيدهم على حقهم التاريخي في ملكية الأرض.
وقال للجزيرة نت إن إسرائيل بهذا المخطط أعلنت الحرب على الوجود الفلسطيني في النقب الذي تصل مساحته نحو 12 مليون دونم، وتعتمد نهج وسياسة سلب ومصادرة الأراضي المتواصلة منذ النكبة لوضع اليد عليها، ومصادرة ما تبقى للبدو من أراض تبلغ مساحتها مليون دونم وتعتبر الاحتياط الأخير والوحيد للسكان الأصليين، لحسم معركة الصراع على ملكية الأرض لصالح اليهود.
وأكد أبو عبيد أن إسرائيل سترتكب حماقة إذا ما اختارت فرض المخطط بالقوة، وقد اصطدمت قبل أيام بإرادة شعبية تنادت إلى إعادة بناء قرية عتير بعد هدمها، وهو ما منع المجنزرات المدعومة بالقوات العسكرية من مواصلة هدم المزيد من القرى، حيث حذرت جميع الفعاليات السياسية والشعبية من مغبة اشتعال انتفاضة الأرض والمسكن في النقب والتي قد تنتقل إلى كافة أراضي الداخل الفلسطيني.