خطوة عسكرية مفاجئة للإمارات مع اقتراب حرب جديدة ضد الحوثيين باليمن    الرئيس العليمي يصدر توجيهات عاجلة بشأن المنخفض الجوي في محافظة المهرة    بيان حوثي جديد: دول التحالف العربي ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية ضمن أهداف "الجولة الرابعة للتصعيد"    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    عيدروس الزبيدي يصل عدن رفقة قيادات عسكرية بارزة.. والمجلس الانتقالي: غدا يوم تاريخي!    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    برشلونة قد يهبط للمستوى الثاني اوروبيا والخطر قادم من ليفركوزن    د. صدام عبدالله: إعلان عدن التاريخي شعلة أمل انارت دورب شعب الجنوب    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    الكشف عن كارثة وشيكة في اليمن    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    التلال يفوز بكأس إعلان عدن التاريخي على حساب الوحدة    خادمة صاحب الزمان.. زفاف يثير عاصفة من الجدل (الحوثيون يُحيون عنصرية أجدادهم)    45 مليون دولار شهريا يسرقها "معين عبدالملك".. لماذا لم يحقق مجلس القيادة فيها    ميلاد تكتل جديد في عدن ما اشبه الليله بالبارحة    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    البنتاجون: القوات الروسية تتمركز في نفس القاعدة الامريكية في النيجر    كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    دورتموند يفوز على سان جيرمان بذهاب نصف نهائي أبطال أوروبا    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن.. سفراء فوق العادة لإدارة شؤون بلد ممزق
نشر في عدن الغد يوم 11 - 02 - 2021

مطلع مارس/ آذار 2019، أطل من عدن، المحمية الاستعمارية السابقة، والعاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وزيرُ الخارجية البريطاني جيرمي هنت، ووجه من هناك كلمة لليمنيين.

كان يرتدي درعًا واقيًا من الرصاص، من تلك التي يحرص على ارتدائها الصحفيون، بالأعلى من ملابس يرتديها المسؤولون الغربيون في العطل، أو حين يأخذون حيواناتهم الألفية إلى نزهة. قميص سماوي بأكمام مطوية، وبنطلون زيتوني من الكتان، تمامًا كما لو أنه أراد بمظهره ذاك رفع الكلفة، وإظهار الأشياء التي لا تقال عادة أمام عدسات الكاميرا.

كانت الزيارة مفاجئة، ما بعث توقيتها الحساس بعدد من الرسائل المبطنة؛ فعدن في تلك الفترة كانت على أعتاب حرب داخلية ضروس، بين شركاء السياسة والسلاح، إلى الدرجة التي أصبح فيها مقام الحكومة في قصر معاشيق -محل زيارة المسؤول البريطاني- ضرب من المخاطرة.

بعبارات أوضح، في الوقت الذي كان يتعذر فيه على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي العودة إلى قصره الجمهوري (معاشيق)، وبالتزامن مع إجراءات تعسفية فرضتها الجماعات المسلحة، بحيث لا يستطيع خلالها المواطن اليمني اجتياز بوابة العلم برًّا، للدخول إلى المدينة المقطّعة الأوصال، كان الوزير البريطاني يلقي خطبته من إحدى الإطلالات البحرية الحزينة للمقر الرئاسي.

وتقدم المملكة المتحدة، أو بريطانيا نفسها، باعتبارها الجهة الدولية الأكثر نفوذًا، أسفل الطاولة في الشأن اليمني، مع كونها حاملة قلم الملف اليمني بمجلس الأمن الدولي، وإعطاء المجتمع الدولي لها فرصة الوساطة الأممية في تسوية النزاع، عبر اختيار الخبير في القانون الدولي البريطاني مارتن غريفيث مبعوثًا أمميًّا إلى اليمن.

فبعد كل هذه السنوات من مغادرة بريطانيا كدولة استعمارية للأراضي اليمنية في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 1963، يبقى سؤال المصالح التي تسعى إلى تحقيقها قائمًا، بعد إبقاء باب التدخل غير موارب، إن لم يكن هناك نزوع كولونيالي، وإن بأثر رجعي، لا تزال ممارساته قائمة على الدول التي اختارت الانعتاق من وصاية المستعمر، بالكفاح المسلح.

فزيارة وزير الخارجية البريطاني، لعدن، أتت ضمن جولة دبلوماسية شملت الإمارات وسلطنة عمان، وهما المستعمرتان السابقتان لدولة "صاحبة الجلالة"، والمحظيتان الحاليتان، اللتان فضلتا إبقاء جزء من الوصاية البريطانية على شؤونهما بعد الاستقلال، ما أتاح لهما فرصة أن تنعما بالحماية.

وعلى ما تحمله السياسة من تعدد أوجه، لم يكن محتوى الخطاب الذي حرص المسؤول على توجيهه لليمنيين، مهمًّا، بقدر الرسالة الواضحة، التي تمكّنت بريطانيا من بعثها، بعد كل هذا الزمن من إجلائها: ها نحن ذا مجددًا في عدن، لكن ليس لاستعماركم هذه المرة، وإنما لتذكيركم بالضريبة الباهضة للاستقلال.

هذا المدخل يبدو مناسبًا؛ لدحض المقولة الأثيرة للمتحاربين اليمنيين منذ العام 2014، من أن ضرورة الحرب قائمة في إعادة الاعتبار للسيادة الوطنية، لكن ست سنوات من الحرب بدت أكثر من كافية، للقول بغير ذلك.

وليس هناك ما هو أدل وأوضح من التحوّل الدراماتيكي لخطاب الحرب، من "الدفاع عن الفقراء تجاه الأوضاع الاقتصادية الصعبة"، إلى "الدفاع عن سيادة البلد وتقرير مصير أجزاء من أراضيه"، وها نحن ذا في أكبر أزمة بشرية يعيشها العالم منذ أكثر من نصف قرن.

من الطبيعي، إذن، أن تصبح شمّاعة الدفاع عن السيادة، آخر الأكاذيب، التي قدّر لها أن تسقط في طريق اليمنيين الذين يناضلون لعودة حياتهم إلى سياقها الطبيعي.

هنا، لسنا مطّلعين على التفاصيل الدقيقة للكيفية التي صار بها السفيران: الإيراني حسن إيرلو، والسعودي محمد آل جابر؛ الشخصيتان الأكثر نفوذًا وتدخّلًا على نحو سافر، في شؤون اليمنيين، غير أن مؤشرات تأثيرهما السلبي في الحياة العامة الداخلية، صارت مؤخرًا أكبر من قدرة بلد، ومواطنيه، على الاحتمال، أو الصمت.

في الأزمنة التي كانت فيها السيادة تعني شيئًا آخر، غير الذي نراه، كانت وظيفة السفير تقتصر على تمثيل مصالح بلاده في الداخل، ضمن برتوكولات دولية متعارف عليها. ومع أنه شهدت فترة ما قبل 2011، تدخلات لسفراء في مسائل الاستقطاب السياسي لليمن، أو التحشيد باتجاه مناصرة قضايا دولية وإقليمية، مثلما رأينا من نشاط للسفارة الليبية، خلال الفترة من 2007 وحتى 2009، ضمن حملة القذافي ضد الملك السعودي عبدالله، والإيرانية والأمريكية، كان آخرها أثناء حكومة باسندوة. لكن هذا الصراع الدبلوماسي في الأراضي اليمنية، كان أحد التجليات الواضحة لعدم قدرة البلد، على إدارة شؤونه.

لا يزال الجميع يتذكّر، أداء السفير الأمريكي الأسبق في اليمن، جيرالد فايرستين، خلال المرحلة الانتقالية إلى الدرجة التي ردّ فيها على صحفي، خلال فترة توليه منصبه، نعَته ب"الحاكم الفعلي لليمن"، بالقول: "هذا لطف من اليمنيين".

سفير، وحاكم عسكري آخر
يقدّم السفير السعودي إلى اليمن، محمد آل جابر، نفسَه، باعتباره وصيًّا كاملًا على مجريات الشأنين السياسي والاقتصادي الخاص باليمنيين، دون الحاجة للمواربة، أو عناء تذكير نفسه ودولته، أن الوظيفة الدبلوماسية، أضيق من الثوب الفضفاض الذي فصّلته له الحرب؛ وربما مشترك الجغرافيا.

في الفترة الماضية، التي شهدت مداولات تقاسم كعكة الحكومة اليمنية، رأينا حالة التهافت لاسترضاء السفير، الذي بلغ ذروته بين (مسؤولي المنفى) اليمنيين، حتى لكأن تقديم فروض الولاء والطاعة، كان شرطًا موضوعيًّا، لاحتفاظ بعض الوزراء بحقائبهم؛ وزيادة!

في نهاية أكتوبر/ تشرين الثاني 2020، لمز رئيس الوزراء اليمني السابق أحمد عبيد بن دغر، سفراء لم يسمهم، قال إنهم يتدخلون في شؤون تشكيل الحكومة الجديدة دون مراعاة للشقين الأمني والعسكري ]في اتفاق الرياض[.

لكن المسؤول اليمني، المقرب من الرئيس هادي، عاد سريعًا لتوضيح ما حصل (مِن لَبْس)، فكتب: ‏"لا تصطادوا في الماء العكر، ليس المقصود، في مقال اليوم سعادة السفير محمد آل جابر، بل سفراء آخرون طلبوا التسريع بإعلان الحكومة، اعتقادًا منهم أن تشكيل الحكومة دون اعتبار للجانب العسكري، يحقق الاستقرار".

وأضاف: "نحن نكن كل الاحترام للسفير آل جابر ولقيادة المملكة، وعلاقتنا بهم دائمة واستراتيجية".

بالنسبة لرئيس وزراء سابق، أطاحت به قبل ذلك بشهور، نواياه الصادقة، من أنه حاول أثناء توليه دفة الحكومة، الاقتراب أكثر من ممارسة صلاحياته الدستورية، فإن أحلام العودة إلى المنصب، تقتضي منه دحض أي لبس في مواقفه، عندما يتعلق الأمر بالسفير السعودي، محمد آل جابر.

لكن أيضًا، بالنظر إلى القطيعة البحثية لمراكز الدراسات السعودية، فيما يخص الشأن اليمني، على أن كل ما يدور في هذا البلد لا يستحق التمعن فيه، هي من جعلت الدبلوماسي السعودي يرتقي هذا المرتقى الصعب، وقد وجد نفسه الممسك بخيوط اللعبة السياسية والاستخباراتية كاملة.

فآل جابر، من المسؤولين السعوديين الذين لم تأتِ عليهم تصدعات العرش الملكي ما بعد العام 2014، وقد استطاع الحفاظ على منصبه، كما أنه يرأس إلى جانب منصبه، مجموعة من العمليات الحيوية، للنظام الذي يمثله، من ذلك إشرافه على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، والإدارة التنفيذية لمركز إسناد العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، ويرأس قسم التحليل الاستراتيجي بوزارة الدفاع السعودية.

في مطلع أغسطس/ آب 2018، وفي آخر وجود للرئيس اليمني على أراضي بلده، كان الأخير في زيارة إلى مدينة المهرة اليمنية، التي شهدت توترًا بعد تنامي النفوذ السعودي على حساب النفوذ العماني الراسخ. لكن وعلى غير ما هو معهود في التقاليد الدبلوماسية، استقبل السفير السعودي محمد آل جابر، الرئيس اليمني في أرضية المطار، ما أعطى الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي فرصة جديدة، لازدراء الممارسات اليومية لدبلوماسية الجوار التي وجدوها -دائمًا- ما تفتقر للكياسة والحس السليم. عوضًا عمّا يعكسه هذا التصرف، من تدخل في الشأن اليمني، ومحاولات فرض واقع جديد، من بوابة الفوضى التي تجتاح البلد.

بعدها بسنوات قليلة، ومع تضاؤل النشاط الرئاسي اليمني، إلى مستوى الصفر، رأى الجميع، آل جابر، كما لو أنه (آخر الحرس) في منظومة سياسية ارتضت لنفسها الاغتراب عن شعبها وواقعها؛ فهو يودع السفراء، ويستقبل آخرين، يوقع مذكرات تفاهم بشأن اليمن، بين الصناديق السيادية السعودية، على أن السعودية هي الطرف الأول في هذه المعادلة المختلة كليًّا، والسفير آل جابر هو الطرف الآخر.

آل جابر، أيضًا، يطل بين الفينة والأخرى، في حملات تحريض الناشطين اليمنيين على بعضهم، وقد اعترف إعلامي واحد على الأقل (بفعل تبدّل المصالح والسياسات)، باشتراكه في مطبخ فبركة أخبار، كان يراد به دعم توجهات السفير والخطاب الإعلامي الذي يرتضيه السفير الحاكم. وفي بعضها، فقد حصافته ودبلوماسيته، ليخرج، بقضه وقضيضه، للمشاركة في الجوقة.

من هو محمد آل جابر
تقول مصادر "وكيبيديا" الموسوعة الإلكترونية على الإنترنت، إن محمد آل جابر وُلد في عام 1970، في منطقة عسير جنوب السعودية.

وتقدمه الموسوعة على أنه حاصل على ماجستير علوم عسكرية وإدارة أعمال من جامعة الملك عبدالعزيز، وبكالوريوس في العلوم العسكرية بكلية الملك عبدالعزيز الحربية.

تذهب هذه المصادر، لاعتباره درس التحليل الاستراتيجي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتخطيط العمليات النفسية في بريطانيا. وعمل آل جابر قبل تعيينه سفيرًا ومفوضًا فوق العادة لدى اليمن، ملحقًا عسكريًّا في اليمن وجيبوتي 2009.

سفير و(غازٍ)
"جاءت الثورة الإسلامية من أجل القضاء على الاستبداد الداخلي والهيمنة الأجنبية ولمساعدة الشعوب المظلومة، ما يجعل الاستكبار العالمي والصهاينة يخافون من تكرارها في اليمن، انتصار الثورة الإسلامية في غزوها لليمن، هو أكبر دليل على ذلك".

هذه آخر تغريدة، نشرها السفير الإيراني إلى جماعة أنصارالله (الحوثيين)، حسن إيرلو، في 10 فبراير/ شباط الجاري، وبثلاث لغات؛ الإنجليزية، والفارسية، والعربية، وبالرغم من استخدام لغة مواربة، في التغريدة العربية، إلا أن لغة (الغزو) و(الهيمنة) بدت سافرة، ولا تحتاج إلى لغة دبلوماسية لإيصالها لليمنيين، وربما للعالم.

في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وصل السفير الإيراني الجديد، حسن إيرلو، إلى العاصمة اليمنية صنعاء، ضمن مقايضة دولية، كانت الولايات المتحدة، بطريقة أو بأخرى، جزءًا منها. أثارت حينها هذه الخطوة الكثير من التساؤلات والجدل، خاصة أنها ناقضت الأعراف المتعلقة بالدبلوماسية الدولية، باعتبار هذا النشاط محكومًا باتفاقية فيينا. لكن على ما في الوضع اليمني من تعقيد، لم يكن الجميع متفائلًا بهذه الخطوة، إلا أنه تجاوز الشعور بالتشاؤم إلى نوع من الممارسات المتطرفة والمناقضة لروحي القانون والدستور اليمني. هنا أيضًا، لا يمكن الجزم في طبيعة عمل السفير وصلاحياته، لكن ما يبدو واضحًا، أن تصرفات سلطة الأمر الواقع بصنعاء، بعد وصول السفير الإيراني، أصبحت مشوبة بالتهور والاندفاع والعدوانية، وتنحو منحى من سلطة سلاح إلى دولة ثيوقراطية تستنسخ النموذج الإيراني في تمثلاتها، وبالمخالفة الكاملة لدستور الجمهورية اليمنية.

ما يجعلنا نذهب لبناء هذه المقاربة، هو ما رأيناه من التعاظم المطّرد لدور السفير، ومحاولة إعلام جماعة "أنصارالله" إظهاره على أنه حاكم عسكري، أكثر منه دبلوماسي، من اللقطات التي رافقت تحركات الرجل في ميدان السبعين، لحظة الاحتفال بالمولد النبوي، إلى الفيديوهات التي تسربت للإعلام، وتظهره، يقود طابورًا من مسؤولي حكومة صنعاء، يرددون النشيد الفارسي، في فعالية تأبينية للقائد في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.

هذا السلوك فرض تحديًّا، ليس للخارج والإقليم الذي يمثل استفزازه جزءًا من مهام النوايا الحسنة للرجل، وإنما حتى للداخل، الذي يرفض أن تتحوّل بلاده إلى حديقة خلفية للجيران وللإقليم المشحون بالصراعات.

في 19 من يناير/ كانون الثاني من السنة الجارية، قال السفير الإيراني، خلال إحدى لقاءاته، إن "بعض المنظمات الدولية العاملة في اليمن تمارس أنشطة مشبوهة"، دون وازع من أن مثل هكذا تصريح، يجعل المخاوف من "التدخل السافر" في شؤون البلد، محل تأكيد وصدق.

وتجاوز أيرلو هذا التصريح العابر، إلى آخر أكثر تفصيلًا، وقد حدد "170 منظمة" قال إنها "تعمل على طمس الحضارة، وتغذي الحرب الناعمة".

مصطلح "طمس الحضارة" و"الحرب الناعمة"، في الكلمات التحريضية للسفير، هما دخيلتان أيضًا، ومخترعتان في الطريق القسري لتطبيق نموذج الدولة الدينية، على مجتمع بالأصل محافظ، لكنه يعرف جيدًا التهديد الحقيقي لحضارته وثقافته، مع رؤية حراس الفضيلة الجدد ل"حضارته" يعودون به القهقرى، بعد عشر سنوات من النضال، للانعتاق من براثن الاستبداد والتخلف.

في الاجتماع ذاته، أفصحت نوايا السفير، ومهامه عن نفسها، وقد قال "إن اليمن يمر اليوم، بما مرت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية سابقًا، والتي اتخذت استراتيجية متقدمة لاستعادة الحضارة، حتى حققت في 40 سنة، ما لم تحققه الدول الأخرى في 400 عام".

بعد عشرة أيام فقط من هذه التصريحات النارية السافرة، نرى معنى أن نقطع من مسيرة هذا البلد 400 عام. نعم، 400 عام، إن لم يكن أكثر من ذلك، ولكن ليس قدمًا، وإنما تقهقرًا إلى الوراء، بدأت أول حملة كراهية ضد نساء البلد، بتحريض غير رسمي على قيادة المرأة للسيارة، ومن ثم شرعت رسميًّا بالفصل بين الرجال والنساء في المعاهد والمطاعم، ووضع اشتراطات غير قانونية على مسائل تحديد النسل، ومن ثم منع النساء العاملات في المطاعم من مزاولة أعمالهن، وتخصيص دروس وعظية في مساجد العاصمة، ابتدأت في جمعة ال29 من يناير/ كانون الثاني، ولم تنتهِ بعد، للتحريض على النساء وحقوقهن المكفولة بالقانون.

لا يعرف السفير الإيراني ما كان عليه اليمن، قبل العام 90، لكن الذين يقومون بتطبيق سياساته لقمع المجتمع، وفرض الوصاية عليه، يدركون أن "الهوية الإيمانية"، فعل دخيل، على شعب، سئم الوصاية والخداع، وآن له أن ينعتق من جوعه ومرضه وقمعه.

من هو إيرلو؟
تقدم وسائل الإعلام التابعة للائتلاف الإيراني، حسن إيرلو بأنه من مواليد 1959 بطهران، وبدأ حياته المهنية في وزارة الخارجية الإيرانية بصفته مهتمًّا بشؤون الخليج، ثم عيّن بعد ذلك مديرًا للمكتب اليمني في الوزارة.

أيضًا تعطيه هذه الوسائل دورًا في تنسيق المساعدات الإيرانية إلى اليمن بعد بدء الحرب، وإرسال الطائرات والسفن (الإغاثية) إلى الداخل اليمني، قبل أن يتم تفويضه ب(صفة كاملة) لتولي الملف اليمني، واعتماده سفيرًا لإيران في اليمن.

لكن المصادر المناهضة للنظام الإيراني، تقدّم السفير، على أنه من جناح الصقور داخل جمهورية إيران الثيوقراطية، باعتباره عضوًا متمرسًا في جناح الحرس الثوري الإيراني، وقيادي عسكري مقرّب من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.

وبحسب هذه المصادر، شارك إيرلو في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن المنصرم، وجرح فيها، وفي خبرته العسكرية يقدم على أنه خبير في "الأسلحة المضادة للطيران". في نهاية السنة المنصرمة، أدرجت الولايات المتحدة "إيرلو" في قائمة عقوباتها، المتعلقة بالإرهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.