احتباس الحلول المصادرة و إخفاء المعالجات المحاصرة و حجب التصحيحات القادرة دلائل قاطعة على إبقاء "الوضع العام" في حالة "موت سريري" منظم . و الوضع العام المتأزم ناتج بالطبع عن استمرار الحرب و تداعياتها و تبعاتها و التي تزداد تعقيدا و تأزما على عكس ما كان متوقعا و منظورا بحسب المؤشرات و المعطيات الدولية و تأثيراتها على المنطقة و الاقليم و التي بطبيعة الحال تتدخل في إدارة "الازمة اليمنية" و رسم خارطة الحل السياسي لتثبيت الاستقرار في اليمن و إن لم يكن في حسابات تلك التوجهات الخارجية على حقيقتها شيئا من هذا الهم الوطني اليمني . وعلينا ان ندرك بأن "الجمهورية اليمنية" الممزقة اليوم لم تكن لتتمزق لولا "العبث السياسي" الذي مارسته كل الاطراف السياسية أحزابا و فرقاء و بدون استثناء و لا يعني هذا أنني من مؤيدي "النظام السابق" و جوقة انصاره المتباكين عليه و ذلك لأني اعتبره من وجهة نظري الثابتة المسؤول الأول عن الكارثة التي سحقت و لازالت تسحق رحاها اليمنيين و تعيث باليمن الخراب و الدمار منذ أول يوم تقلد فيه رأس النظام السابق زمام الحكم و مقاليد السلطة . وكل ما يمت بصله لذلك النظام الساقط و الذي لا يزال يتساقط يعبر عن انتهازية ووصولية اقطاب و رموز ذلك النظام المتعفن و الذي لا يقل خطورة عن خطر "الانقلابيين الحوثيين" و ما بيان "الموقوف قسريا" إلا امتداد طبيعي لذلك العبث السياسي و الذي لم يعهده اليمنيون يغلب المصلحة العليا على مصالح اركانه و مراكز قواه الاستبدادية المتغلبة و ماعداها من مصالح ليس مهما و ان كلفهم ذلك التفريط بكرامة شعب بأكمله . و باعتقادي ان "البيان الأخير" يكشف و بوضوح عن حجم التفريط و الاذعان لأشتراطات ممولي "ثورتهم المضادة" و التي أودت بحياة من لم يعثر له اليمنيون على جثه و ذلك بعد مقتله على يد شركائه الذين اسقط بيدهم كل ما بحوزته من مقومات الدفاع الممكنة عن سيادة الدولة و مؤسساتها والتي كان من الممكن ان تنتصر ولكن المتساقطين كانت لهم حساباتهم فسقطت . و الملفت ان توقيت البيان جاء متزامنا مع ارتفاع حدة القتال بين "الجيش الوطني" و "مليشيات الحوثيين" في مأرب.. و ان صح لنا القول فأن البيان برمته يأتي متوافقا مع اشتراطات الحوثيين و التي و على ما يبدو أنها متوافقة مع "الاشتراطات الدولية" و في مقدمتها "اشتراطات الإدارة الامريكية" و إن لم تضع الحرب أوزارها بعد في مأرب . ولن يكون احتمال سقوط مأرب بالاحتمال غير الوارد .. و في تقديري ان خيار "إسقاط مأرب" و إن كان خيارا دوليا فلا يمكن ان يسفر سقوطها عن "الحالة المطلوبة" لبدء مرحلة التمهيد للحل السياسي الشامل كما يزعم "الرعاة الدوليون" للحرب منذ ستة اعوام و في المقابل لا يمكن ان يكون سقوط مأرب الخيار الأمثل لإحلال السلام الدائم في اليمن إذا افترضنا جدلا ان مأرب في طريقها لا محالة للسقوط . واعتقد ان مأرب لم يكن ليداهمها خطر السقوط لولا سقوط المتساقطين و الذين باعوا الشعب اليمني في كل مراحل حكمهم و على مر ثلاثة عقود بائده و ست سنوات ماثلة و إن سقطت مأرب فإن اليمن كلها سقطت و ما سقطت مأرب و لكن الخفافيش سقطوا .