كتب/ دكتور أفندي المرقشي* البيئة كلمة ذائعة الصيت, لكن فهمها يكمن في إستيعاب مدلولاتها ومخاطرها. ففي عصر تكتنفه المتناقضات, وتلتهمه الماديات, أضحى الإنسان أسير فوضى منظمة, زادته صراعا مع الحياة, وتناسى أهم عنصر من عناصر بقائه منذُ أن وجد على هذه الارض, ألا وهو بيئته الطبيعية. فكان ولايزال عاملاً هداما للبيئة, يقطع اشجارها ويعري تربتها ويقتنص طيورها ويطارد حيواناتها ويلوث مياه مصادرها وبحارها, وحتى الهواء في المدن تم تلويثه بالغازات الضارة. كما أن البناء العشوائي قد غير المنظر الجميل في مدِنها. وإذا كنا نقر اليوم, أن موضوع الإنسان والبيئة هو موضوع العصر, فإننا جميعاً مسؤولون عنه، وان كنا نعيش في مجتمعات نامية. فنحن مسؤولون جميعاً عن إعادة التوازن في المجتمع من خلال حماية البيئة التي نعيش فيها. وهذا لن يتحقق الا من خلال دعم مشاريع التنمية الاجتماعية والبيئية. وأن تدخل الإنسان غير المدروس أدى الى تغيير نظام البيئة، وتلوث غذائة، مما انعكس على صحته وأصابته بالعديد من الامراض التي لم تكن معروفه أو شائعة حتى وقت قريب في بيئتنا. إن البيئة تتعرض اليوم للإستنزاف والتلوث, مما أدى الى ظهور مشكلات عديدة أخذت تهدد سلامة الحياة البشرية. فمشكلة التلوث تعتبر في مقدمة المشاكل البيئية, لما لها من اثار صحية واجتماعية واقتصادية, ناهيك عن مشاكل أخرى ذات علاقه مباشره او غير مباشره بالبيئة كمشكلة الغذاء والاسكان والطاقة. ولقد بدأ الإهتمام بموضوع البيئة منذٌ أكثر من اربعة عقود من الزمن، عندما استجابت العديد من الدول لدعوة الأممالمتحدة في مؤتمرها حول البيئة ومشكلاتها، والذي عقد في مدينة استكهولم عام 1972, دعى إلى حماية البيئة وتحسين ظروف حياة الإنسان فيها, وعلى مبدا: "البيئة للجميع، وتهم الجميع، ومشكلاتها تنعكس على الجميع". وإنه لمن المفيد أن نذكر بالمشكلات البيئية في المجتمعات المعاصرة: كالإنفجار السكاني والتلوث واستنزاف الموارد الطبيعية التي تخل بالتوازن الطبيعي للأنظمة البيئية. إن الله سبحانه وتعالى كرم بني أدم ورزقهم من الطيبات,وفضلهم على كثير ممن خلق, وسخر لهم مافي السموات والأرض, وأسبغ عليهم نعمة ظاهرة وباطنة.. فقد خلق الله لنا الماء والهواء ويسر لنا الغذاء, وأمدنا بالصحة والعافية, وجعلها أمانة في أعناقنا. فإن حافظنا عليها حفظنا حياتنا سليمة وصحتنا قوية, وإن فرطنا فيها أصابتنا وحاقت بنا الأخطار والأضرار. قالى تعالى: " كلوا واشربوا من رزق الله ولاتعثوا في الأرض مفسدين" صدق الله العظيم. ولكننا نجد الإنسان اليوم الذي حمل الأمانة كثيرا مافرط وقصر فيها, فعاد عليه ذلك التقصير بالضرر البالغ في حياتة. فالبيئة الطبيعية التي خلقها الله سبحانه وتعالى جديرة بأن نحافظ عليها لكي تحافظ بدورها على وجودنا ومستقبل أطفالنا. ولقد أصبح الاهتمام بالقضايا البيئية أمراً رئيسياً لايمكن لأي دولة تريد أن تتقدّم في أي مجال إلا أن تأخذ البُعد البيئي كإحدى أهمّ القضايا التنموية التي تخطط لها، حيث أصبحت كلمة البيئة تتلازم مع التنمية؛ لأن أي تنمية لا بُدّ أن تستند على أسس تتلائم والوضع البيئي. ويعتبر ضمان الاستدامة البيئية بالنسبه لمستقبلنا مسألة بالغة الأهمية. وأصبحت قضية إنقاذ البيئة تشكل أقصي تحديات الإنسان في القرن الجديد ، فهو الذي صنع بيده مشكلة تلويث البيئة, وهو وحده الذي عليه إنقاذها. لذا يتطلب العصر ثقافة جديدة يطلق عليها ثقافة البقاء. فعندما تتفاقم الأخطار التي تهدد بيئة الإنسان لا بد أن يتدخل القانون الجنائي لبسط حمايته في كل المجالات التي يحيّ فيها وبها الإنسان. وإذا مانظرنا اليوم الى الوضع البيئي في الجنوب، سنجده في اسوأ احواله, فلقد حدث تدهور وتلوث للبيئة الجنوبية في كل محافظاتها, شملت التدهور في البيئة النباتية والحيوانية والبحرية, وتلوث المدن حيث الازدحام السكاني، الناتج عن مخلفات المنازل والمجاري وتلوث الهواء بالمداخن وانعدامات السيارات. كما أنه شاع في الجنوب تلوث الأراضي والمزروعات بالمبيدات الكيماوية، وخصوصا في فترة ما بعد الإحتلال اليمني في 1994م. كما لاننسى انتشار الملوثات النفطية، وما نتج عنها من اثار سلبية على الإنسان والحيوان والاراضي, خصوصاً في مناطق انتاج النفط بمحافظتي شبوةوحضرموت. إن الازدياد المستمر في ظهور كثير من الامراض الناتجه عن التلوث البيئي في الجنوب، اصبحت واضحه للعيان, ومن اخطرها الأمراض السرطانية الناتجه عن التلوث الكيماوي نتيجةً للأستخدام العشوائي والمحرم للمبيدات خصوصا في شجرة القات وفي العديد من المحاصيل الزراعية المحلية. كما يعزى السبب ايضا الى الملوثات الكيماوية الناتجة عن مخلفات المصانع والشركات النفطية. اما التلوث البيولوجي فنجده ايضاً قد استفحل في الجنوب، بظهور الأمراض السارية المعدية: كوباء الكبد الفيروسي والتفوئيد والدسنتاريا, والتسممات الغذايية البكتيرية الأخرى, وايضاً الازدياد والأنتشارفي انواع الطفيليات والديدان المعوية. كما أنه لوحظ مؤخراً ظهور انتقال بعض امراض المناطق الحارة, ومنها العديد من الأمراض الجلدية والمعوية, والذي يعتقد أن للمهاجرين من القرن الافريقي سبب في نقلها الينا. بالإضافة إلى ظهور العديد من الامراض الحيوانية الغريبة على بيئتنا, كمرض حمضى الضنك وغيرها من امراض اخرى. كما أن المخلفات الطبية التي لايتم معالجتها، ومياه الشرب والأغذية الملوثة، وكذا الهواء الملوث، هما اسباب اخرى لانتشار العديد من الامراض في مجتمعنا. فاليوم نجد بئتنا تتعرض الى كثير من الإهمال من السلطات الحكومية اليمنية, مما أدى الى ظهور العديد من المشكلات البيئية التي تهدد سلامة وصحة الناس في الجنوب. فالفساد المزري والمستشري الذي يتبعه ويشجعه النظام اليمني المحتل للجنوب, لهو من أهم العوامل التي تلعب دوراً في فساد الامة التي تفسد في الارض التي تعيش عليها. ومن هنا يمكن علينا أن نقول ان هناك تلاعب ولامبالاة بأرواح الناس وعدم جدية في متابعة وتطبيق الطرق الوقائية في حماية البيئة, كما إنه لاتوجد برامج ومشاريع تخدم الاصحاح البيئي, وإن وجدت يطغى عليها الفساد والعشوائية مما يخل ذلك في انجازها وتنفيذها. لذا فنحن نقول ان أجراس الخطر قد بدأت تدق في الجنوب: فالغذاء ملوث والماء ملوث والهواء ملوث، وكل المحيط الذي نعيش فيه ملوث. فلم يبقى لنا شيء في الجنوب في احسن صورة. فأتقوا الله في هذه الأمة وابعدوا عنها البلاء، لأنه مسئولية وأمانة في اعناقكم ستحاسبون عليها عند الله عز وجل حتى وإن لم يعاقبكم القانون عليها. صور من الأخطار المحدقة بالبيئة في الجنوب
ظهور حالات مرضية غريبة وخطيرة في ابين بسبب مواد كيمائية
حماية البيئة.. نقطة فاصلة في التنمية المستدامة الشاملة مخلفات الشركات النفطية في حضرموت .. مسلسل موت لايزال مستمراً ! * رئيس المرصد الجنوبي لحقوق الإنسان "ساهر"