وقف أمامنا _أنا وصديقي_ حاملا بين يديه، سلة مملؤة ببعض الأدوات المنزلية البسيطة، وممتد من طرف هذه السلة؛ حبل يلف رقبته، ويعود الى الطرف الآخر. يبدو وجهه وأنه خريطة لكنز ما؛ لكن كل مافي الأمر، أنه ولربما لم يجد ماء ليغسل وجهه، فتكونت تلك الخطوط التي بدت وكأنها خريطة، ومن خلف كل هذه الخطوط يحكي وجهه تفاصيل عمره، فهو ربما في التاسعة أو العاشرة من العمر. وثياب هذا الطفل ممزقة، وخاصة بنطاله الذي استوطنته مئات الثقوب المتشابهة؛ ماجعلني أتسأءل..؟! ياترى ما السر الكامن خلف تشابه هذه الثقوب؟!!. أخرج صديقي من جيبه، مبلغ من المال، وأعطى الطفل. سأله الطفل: "ماذا تريد من هذه السلة"، أجابه: "لاشيء..تلك النقود هي مني لك". أعادها الطفل رميا بها، وكأنه تخلص من رجس أو قذارة، وقال رافضا، وعلى وجهه برزت نظرة استحياء: "لا أريد عطاء مقابل لاشيء. إما أن تأخذ شيئا من السلة، وإما لا.." . حاول معه صديقي، مرات ومرات..، ولكنه تنصل، ورفض؛ ثم فر مسرعا، الى السياج الفاصل، بين حديقة السبعين، ومدينة العابها، وتسلق ذلك السياج، المليء بالأشواك الحديدية.. عرفت حينها الإجابة على تساؤلي؛ لقد كانت تلك الثقوب التي تستوطن ثيابه، ماهي إلا ناتج من تسلقه لهذا السياج العالي..لأنه وببساطة، مُنع من دخول الجهة الأخرى، حتى وكما يرون، أنة سيشوه منظرها الجميل.