تتوارد علينا كميات الأخبار الدموية من جبهات القتال ومن خارجها بصورة شبه يومية والتي تحمل معها إحصائيات ومشاهد ومعلومات عن مقتل أعداد كبيرة من مقاتلي وأنصار هذا الطرف أو ذاك وهذه الأخبار لا تمثل في حد ذاتها انتصار عسكري ولا تقدماً ميدانياً كما يصورها أصحابها كونها لا تمثل في قاموس الحرب إلا عملية استنزاف للطرف الأخر الذي قد لا يُعبر أحياناً لهذا الاستنزاف ولا يتأثر به. ولذلك فإن عملية ارتفاع أعداد القتلى بدون ان يرافقها تقدم ميداني على الأرض لا فائدة منها فالعبرة بنتائج الميادين لا بعدد القتلى وكميات الجرحى والمصابين. وبالإضافة إلى أن هذه الأخبار وتلك العمليات لا ترجح ميزان المعارك العسكرية فهي لا تفيد ولا تسر الشعب اليمني أيضا فكل القتلى والجرحى في طرفي الصراع سوء العسكرين أو المدنيين هم من أبناء الشعب ويمثلون خسارة بشرية على الشعب اليمني بأكمله. وما يهم الشعب اليمني اليوم وبعد مرور ما يقارب من ستة أعوام من تاريخ بدء هذه الحرب الكارثية هو التقدم والسيطرة الميدانية على الأرض واستكمال التحرير والوصول إلي نهاية هذه الحرب المأساوية. الشعب اليمني لا يرد انتصارات تتمثل في التمترس بالمتارس لسنوات عديده وتبادل القصف من مسافة بعيدة وقتل المواطنين المدنيين والعسكريين لأعوام مديده إنما يريد انتصارات حقيقة تتمثل بالزحف والسيطرة والتقدم على الواقع. يريد الخلاص والوصول إلى النهاية والتخلص من أصوات وقصف المدافع والصواريخ والطائرات والدبابات ويريد انهاء المشاهد المروعة لسيول الدماء والمجازر والمذابح البشعة التي تمزق جثث الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء إلى فتات ورفات وأشلاء. الشعب اليمني سئم أخبار القتل والقتال وقراءات القوائم المكتظة بأسماء القتلى والجرحى والأسرى ومشاهد صور الجثث والجنازات ومواكب التشيع ومخيمات العزاء. ويبحث اليوم عن فرج إلهي وعن معجزة إلاهية وعن انتصار ميداني يسابق به الزمن ويلاحق به الوقت ويتدارك به العمر ويصل من خلاله إلى بر الأمان وإلى عالم الحياة والأمن والاستقرار .