على من سننتصر؟ وكيف ومتى سننتصر ؟ أسئلة بحاجة إلى أجوّبة شافية مع أن واحداً لو وجد يكفي لرّد عليها مجتمعة كلّها، ومأ أظنّه وإن لم يكن شائكاً فهو في نفس الوقت صعباً ومعقّداً، فظاهر النصر محسوب لمن يُقلّب المسألة ويضّربها أخماس في أسداس ليطلع له عند النهاية نتيجة واحدةً : وهي الحكومة التي وجب الانتصار عليها ولن يتجاوز الأمر إلى أبعد من ذلك. ومن الملاحظ لمن هم في سياق المشهد لكل من يدلي بدلوهِ بهذا الصدد لا يتورع أن يتوجّه بنداء إلى التحالف العربي على رأسها المملكة السعودية، معلنا الثورة على الحكومة وملوحاً بالبيان رقم واحد...، وكأنه يُظهر أن القضيٌة لا تأخذ نوعاً من المجازفة والممانعة الثوريٌة كما يشاع حولها ولكن يعتريها نوعاً من الخجل الممزوج بالملاينة والمقايضة والمغالطة. فإذا كانت الحكومة لاتمتلك مقومات الحكومة من أصلها والذي يصلها أدنى من ما نسبته خمس المئة من موارد البلاد السياديّة، وكل ما يأتي إليها من دعم هو مخصص ومكتوب عليه لمن يُصرف؟ وكيف يُصرف؟ ومتى ومن خلال ماذا يُصرف؟ ما يعنيه على بلاطة لنا : هي عبارة عن وكيلٍ معتمدٍ لطرف يصرّف أمورها كيف ما شاء وأراد يُحجم عننا متى أحجم ويُبسط يده لنا متى أبسط، وهو الذي نحن نتقرٌب منه نتعشم بدورنا فيه تأييدنا ونصرنا. وكأننا أصبحنا بذلك في آنٍ واحد أمام نقيضين "القُبول بالضِد ورفضه معاً". فنجاح الثورات من بعد تحديد الهدف وجب تجاه الخصم التعامل معه من باب أولى وهي العداوة الثوريّة التي لا تقبل بالمطلق لجانب من جوانبها او مسلك من مسالكها خطوط وسط وإلتقاء، وبقدر ماهي تكون مثاليّة وشعبويّة لن تتمكن من بلوغ مقصدهِا إلا إذا عمِلت على إعطا صورة واضحة لمهييتها كثورة تهدف لتحسين وضع الناس المعيشي ولتنتصر لهم عن طريق قلب الطاولة في وجه الظلمة والمستبديين. وإذ نستطرد المتابعة فلا يوجد ما مفهومه يقع بين ثورة ونصف ثورة أو ثلث ثورة يمكن إحتسابها للشعب على أنها ثورة مكتملة الأركان، وبالمقابل لا خلاف ولا عيب أن يعتمد ثورات رديفة ومقننة مثلاً : ثورة على الفساد، ثورة على النفايات، ثورة على مساوئ الأخلاق والقيم، ثورة على الذات، ثورة على ظلم الرجل للمرأة.. لكن البيٌن هو لا ذا ولا هذا والذي حاصل جنوباً، هو إننا من 2015م لا نحن في دولة ولا نحن في ثورة إلا ما يمكن نصفه بالخرابة تجري من حولنا، ولو فكّر ما فكّر أحدنا بالدخول إليها بغية إعادة إصلاحها فلن يستطيع تحديد الجهة المناسبة، ولو كلفه ذلك أن يعمل مسح شامل من الأعلى استعداداً للنّزول، فسيصطدم حينها بحوائط من الركام السياسي مكدّس تكديساً منظماً وغير منظماً على كل جهة وجانب ليس لها أول ولا لها آخر