دخلنا في السنة التاسعة للثورة ونحن لا زلنا نراوح مكاننا وندور حول ذاتنا المفرغة ، وقبل دخولنا في السنة التاسعة أمضينا ثمان سنوات ونحن نردد ذات الشعارات الجوفاء مضموناً الرنانة والباذخة بالوهج الثوري ظاهراً ، ثمان سنوات ونحن نهتف بحياة من قادونا إلى الموت البطيء ، ثمان سنوات ولم تأتي الثورة بجديد ولم تخلق قيادة شبابية بديلة ، فمن يتصدر مشهدها هم شخصيات عاصروا فجر أول يوم بعد الاستقلال الأول وبلغوا من العمر ما بلغه من سبقهم إلى القبر . إذا ألقينا نظرة عابرة على من يتصدر خارطة المشهد القيادي والسياسي للثورة نجدهم ذاتهم من تولوا قيادة أول حكومة في الجنوب بعد الاستقلال من بريطانيا ، ألم يكن البيض أول وزير دفاع في حكومة ما بعد الاستقلال ألم يكن علي ناصر وزيراً في أول حكومة بعد الاستقلال أيضاً ، ألم يكن العطاس والجفري وباعوم وغيرهم قيادات في تلك السلطة البائدة ، وللأسف لا زالوا هم أيضا من يتصدر مشهد الثورة الحالي ، فكيف ننتظر منهم مجداً وقد بلغوا من الكبر عتيا وهم لم يأتوا لنا به في عز شبابهم وريعانة عمرهم ..؟ أليس من العار والعار الفاضح جداً أننا بعد أكثر من ثمان سنوات من الثورة لازلنا نتحدث عن ضرورة وحدة الصف وكأننا بدأنا للتو أول سنة ثورة ..؟ حقاً واقع مخجل ومؤلم جعل من ثورتنا أضحوكة الثورات بعد أن كانت ثورة فريدة تميزت وتفردت بأحقية مطالبها ومشروعها عما سواها من ثورات الربيع العربي . دخلت ثورتنا عامها التاسع وقبلها ثمان سنوات من الثورة والنضال والحال هو ذات الحال ، الذي ازداد هو الوهج الشعبي والجماهيري فيما النتائج الملموسة على الواقع لا شيء ..؟ قافلة من الشهداء نعجز حتى عن معرفة كامل عددهم وآلاف من الجرحى ومثلهم من المعتقلين ..؟ اثنا عشر مليونية مركزية في عدن وحضرموت ناهيك عن مسيرات يومية في طول الجنوب وعرضه ..؟ عصيانات مدنية واعتصامات جماهيرية في كل من العاصمة عدن والمكلا دخلت شهرها الرابع ومهرجانات أسبوعية في كل مدينة جنوبية ..؟ ما السر إذاً في فشلنا وما الذي يحول بيننا وبين النجاح ..؟ ماذا بعد وما الذي لم نفعله حتى يبتسم لنا الحظ وننتصر ..؟ هلّا نظرنا إلى ما حولنا أين يكمن الفشل ومن هم أدواته ..؟ أهناك من وسيلة لم نسلكها بعد ، أهناك من طريق نضالية لم نُجربها ..؟ لا أحد يقول الكفاح المسلح وهو الحل ، فهذا طريقه غير ومسلكه مُكلف أيضاً ، وعواقبه ستكون وخيمة في ظل الوضع المأساوي الذي نعيشه ، فإذا كانت القيادة تخذل الثورة وهي في سلميتها ويسرها فكيف بالثورة إذا عسرت وأشتد وطيس معاركها وأغبرت ميادين القتال فيها ..؟ الحل هو أن نبدأ بالممكن وهو إزالة أسباب الفشل وعوامله وأدواته التي تنخر في ثورتنا كل يوم أكثر وأكثر ، لا نذهب بخيالاتنا بعيداً ونبحث عن حلول مكلفة ولنبدأ بهذا ونُحيد هذه القيادات عن اتخاذ القرار ، فمن لم يُعطيك طوال ثمان سنوات لا يمكن أن يكون لديه شيء يُقدمه ، إذاً فبقائه عامل فشل والأولى إزاحته وإتاحة المجال لغيره يكون أجدر وأكفأ منه ، وفي هذا يجب ألا يكون معيارنا في من يتصدر مشهد القيادة من أتى أولاً وإنما من كان الأفضل وإن كان آخر الملتحقين إلى صفوف الثورة ، النجاح يكون بالأولوية للأفضل وليس للأقدم . هذا هو طريق النجاح الوحيد وإلا فستظل ثورتنا تراوح مكانها ولن يطرأ جديد في مسيرتها ، فلنعلن الثورة في سبيل هذا ولتكن ثورتنا على رموز الفشل هي أولى أولوياتنا إن أردنا عودة وطن .