ذات يوماً خلع النجار باب بيته ليصلحه مدعي أنه أصبح قديماً وأن هنالك تطوير في صناعة الأبواب يجعلها أقوى وأجمل وكان النجار فقير لا عمل له إلا القليل فأبتدع حيلة الباب فرأوه أهل المدينة فخلع كل رجل باب بيته لكي يصلحه وتسابق الناس على محل النجار وتنافسوا بأن يصبح كل واحد منهم هو الأول زهواً منهم أنه ذو وجاهة فيسبقه النجار. النجار استغل تهافت الناس عليه وغالى بالسعر والناس تتهافت بالدفع لكي يحصل كل منهم على المركز الأول والشكل الأجمل والباب الأقوى . دأب النجار على العمل ليل نهار وانهالت عليه الفلوس فأصبح أثراء الأثرياء وأصبح الرجل الأول بالمدينة وصاحب الكلمة والمتصرف برؤوسها من ذوي الوجاهة والأعيان والقادة وغيرهم . الكل يذهب إلى عنده ليطمئن على باب بيته وهو ما أن يرى أحدهم قادم حتى يشغل نفسه بصنع الباب التابع له. الكلام يجر كلام والمال يتبعه مال والنجار يتلاعب بالعقول ويتدخل بكل صغيرة وكبيرة حتى أصبح الكل خاضع له فكل البيوت قد خلعت أبوابها وأصبحت عورة منفتحة ليس لها أبواب يدخل فيها من يشاء أن يدخلها وكثرة السرقات والتسللات للمنازل وتفشى الزنا وغيرها من الأعمال السافلة . والنجار كل ما صنع باب ذهب به ليركبه يعيده إلى محله بدعوى أنه يحتاج تعديل . واستمر الحال وسأت الأوضاع وضجر الناس بأفعال النجار ولكن النجار كان مسيطر على المدينة بشلل من السوقية الذين أُتيحت لهم فرصة اللعب والبلطجة في المدينة التي كانت أمنة مطمئنة على قلب رجل واحد . أجتمع أعيان المدينة للنظر في هذا الحال وما آلت إليه أحوال مدينتهم ودرسوا الأوضاع بعقلانية ومنطق وحكمة ووجدوا أن وراء كل تلك المصائب هو النجار الذي خلع أبواب بيوتهم وجعلها عورة مكشوفة وأنهم هم من صدق النجار وهم من أغدق عليه بالمال حتى اصبح أغناهم وأقواهم . حزموا الأمر على مواجهة النجار وبلاطجته فتوحدوا وعقدوا العزم وذهبوا إليه ليعيد إلى بيوتهم ابوابها كما كانت لا يريدون تجديد ولا تطوير ولا تحديث يردون فقط سد عورات بيوتهم وحفظها وصيانتها . فعلوا ذلك بحزم وقوة بعد أن استجمعوا قواهم وأمورهم وثقفوا الناس ووعوهم وبينوا لهم مكمن الخطاء فأستعانوا بالله وعادوا إلى رشدهم . ضغطوا على النجار وبداء يعمل تحت رقابتهم لا يهمهم بيت من الأول ولكن كان كل همهم عودة السترة لبيوتهم . النجار خضع بعدما تفالت الناس من حوله وعمل جاهداً يسد بيوت الناس وبقي بيته عورة تمارس فيه الرذيلة والسرقة وهو لاهي ساهي عن ذلك بإصلاح ابواب بيوت أهل المدينة حتى أتمها فعاد إلى بيته وإذا بماله قد سرق والرذيلة في بيته منتشرة الأبن مخدر سكران والبنت حبلى والزوجة مجون فصاح بهم لما كل هذا . فقال لسان حالهم هذا جزاءكم بما كنتم تفعلون. هكذا مضت حقبة من الزمن سعى فيها النجار لبسط النفوذ وجمع المال بنشر الرذيلة واستخدام الأراذل في عمل الفوضة والبلطجة وذل الناس . خضع أهل المدينة حين تحاسدوا وتباغضوا بينهم البين ففعل فيهم الأفاعيل حتى مزقهم كل ممزق وسأت أحوالهم فلما أراد الله بهم شيئا غيروا حالهم وأصلحوا شأنهم وعقدوا عزمهم بالعودة لأخلاق المدينة الفاضلة فضح الله النجار الذي أصلح بيوت الناس بعد خرابها ونسي باب بيته مخلوع . رسالة إلى أهل الجنوب خاصة لمن أراد أن يعتبر من أحداث الزمان والأمم ويسعى إلى السراط المستقيم . لعلها تكون واضحة المعالم مضيئة النهج القويم لمن عاد إلى الرحمن الرحيم وغير ما بنفسه فأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . والله من وراء القصد