مر أكثر من عام على ظهور فيروس كورونا وانتشاره المرعب في معظم أرجاء المعمورة فقد نشر هذا الفيروس المرعب الجزع والاضطراب في نفوس الشعوب وزعزع نظام حياة البشر فعدل في حركة الأعمال والتجارة واللقاءات السياسية وقيد التنقل والسفر وقلب بعض المفاهيم ،وكان لقوة تشبثه في بعض الدول عن غيرها والتفاوت الكبير في نسبة ضحاياه بين مختلف دول العالم وكذلك تنوع سرعة انتشاره وتباين حدّة فتكه وتفشيه سلوك بعيد عن المنطق السليم فأثار بعضا من الحيرة والدهشة معا. كما خلق جدل واسع حول ظهوره وتحوره ولا أحد يستطيع أن ينكر كل ذلك ولا تزال حالة هذا الفيروس تكتنفها بعض الريبة واللبس والغموض فاستنتاجات الاطباء والخبراء وآراء العلماء ومواقفهم لم تتوافق بالكامل إلى يومنا هذا. ومع ذلك المتابع لأخبار هذه الجائحة سيلحظ أن هذا الفيروس الخفي عن العين المجردة عندما يضرب بلد ما لا يغادرها ويختفي عن الوجود بل يتشبث فيها ويتنقل في أجساد قاطنيها حتى وأن اختلفت نسبة تفشيه وخطورته لكنه يفرض على جميع الدول استضافته المزعجة والمخيفة فرضاً إلى أن تكمل دورة اللقاح الجديد والمنتجة حديثاً فعاليتها مع جميع الشعوب وقبل اللقاح وبدون لم تتمكن الدول الكبرى والتي تملك منظومات صحية هائلة وإمكانيات مادية ضخمة من زحزحته وطرده ولم نسمع من قبل أن هذا الضيف المخيف قد حل في أي بلد بصورة موسمية أو فصلية فقط. ولكن فيروس كورونا الذي أعلنت السلطة قبل أيام قليلة عن انتشاره في بلادنا أعاد للذاكرة مشهد موجة الخوف التي اجتاحت البلاد وبالذات عدن وبقية المحافظات المحررة في مثل هذا الوقت من العام الماضي وعلى الأخص مع حلول شهر رمضان الكريم حيث تفشت إصابات قليلة بهذا الفيروس ومع ذلك لم يتح لتلك الموجة المرعبة الاستمرار بل خفت هيجانها سريعا وتلاشت وبصورة شبه نهائية بعد شهر وأيام عديدة. هل يعتبر من عجائب الصدف ما لحضناه في توقيت زيارة هذا السائح الخطر واختياره شهر رمضان الفضيل؟! أم أن هناك سر آخر أو ربما كان مجرد انتشاره خبر فيه نوع من المبالغة من قبل الحكومة ولكن لا أحب أن أركن إلى سوء الظن في اطار هذه الجائحة الخطيرة. مما لا شك فيه أن بلادنا تزخر بكثير من التناقضات والعديد من العجائب وذلك على مختلف الاصعدة والجوانب ففيروس كورونا المتشبث بأجساد البشر التي يجد فيها الهواء الذي يتنفسة يودع أجساد شعبنا الذابلة ويكتم أنفاسه ليذرونا بعد عام كي يعيد لذاكرتنا موجة الهلع السابقة فيستجيب هذا الفيروس لنداء فيروز حين شذت به الفنانة الكبيرة الراحلة فيروز فقالت: زوروني كل سنة مرة! لكن شعبنا هالك من حرب ودمار وقساوة ست سنوات لذا يطلب من هذا الفيروس أن ينساه بالمرة ولا يعود ويزيد الطين بلة. غير أن الظروف القاسية المحيطة بحياة الناس والتي فرضتها الحرب وساهمت بجزء منها الحكومة قد أرهقت الشعب وليس لديه طاقة على تحمل أوجاع الرحالة المزعج والمخيف كورونا ولا توجد أي قدرة لدى البلد على مواجهة كارثته وتوفير ما يخفف من خطره فيكفي الشعب رحالة الطاقة الكهربائية والتي زادت عدد رحلاتها عنه وطالت ساعات غيابه في اليوم الواحد فلم يعد يتواجد سوى لحظات لا يمكن لها أن تنعش جسد الناس الحارق من الحر أثناء خروجه الطويل.