عندما نتمعن ونقرأ جيداً ما تحملها المبادرة التي تقدمت بها السعودية مؤخراً من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار والذي بموجبه ستضع الحرب المستعرة في اليمن منذ أكثر من ست سنوات أوزارها حتماً سنكتشف ومنذ الوهلة الأولى بأنها في حقيقة الأمر مبادرة لا تحمل أي جديد عن سابقاتها سوى ما يرافقها من الزخم الكبير الذي نشاهده ولأول مرة من خلال الجدية في التحرك المكوكي للمبعوثان الأميريكي والأممي وكذلك للدور الحيوي والقوي التي تلعبه سلطنة عمان ..!! ولكن عندما نتحدث عن النقاط الأساسية التي ترتكز عليها هذه المبادرة ألا وهي المرجعيات الثلاث التي كما نعلم بأنه قد رفضها الحوثي سابقاً من قبل أن يثبت أقدامه وبقوة في الشمال ومن قبل أن تصل طائراته المسيرة وصواريخه الباليستية التي باتت تضرب حالياً العمق الأستراتيجي في قلب السعودية وبدقة متناهية..!! إذن على ضوء ما ذكرته آنفاً ياترى ماهي المؤشرات القوية أمامنا والتي من خلالها نستطيع التفاؤل وأن نتمسك ولو بجزء صغير من بصيص الأمل في نجاح هذه المبادرة ؟!.. وما هي أوراق الضغط التي تمتلكها السعودية حتى تختار هذا التوقيت في تقديم هذه المبادرة بينما هي كالأسد الهرم الذي أصبح بلا أنياب ولا مخالب فهي لم تحقق ولو حتى إنتصار معنوي خلال السنوات الماضية من الحرب وبالذات في الشمال حيث يتواجد الحوثي والذي شنت الحرب من أجل القضاء عليه..علاوة على فشلها الذريع في تشكيل حكومة قوية تضم فيها أبرز حلفاؤها وهما الشرعية والإنتقالي فهل هذه الحكومة الهشة تستطيع من خلالها السعودية مقارعة الحوثي في المفاوضات القادمة..؟! عن أي نجاح تسعى السعودية في تحقيقه وهي لم تعمل على إنجاح إتفاق الرياض الذي كان برعايتها حيث فشلت في سد فجوة الخلاف ورأب الصدع بين الشرعية والإنتقالي كما لم تتمكن من إلزام الطرفان بإستكمال الشق السياسي والعسكري..!! كما لا ننسى أيضاً قيام طارق عفاش مؤخراً بإنشاء مكون جديد بالساحل الغربي يحمل أسم المكتب السياسي وهذه الخطوة ستربك المشهد السياسي بل ومن شأنه خلط الأوراق قبل الولوج بالمفاوضات بحيث تصبح السعودية والشرعية والإنتقالي وإحتمال كبير ضم مكون طارق الجديد في المفاوضات ليكونوا جميعهم بكفة واحدة بينما في الكفة الثانية ينتصب الحوثي وحيداً من دون منافس أو شريك..!! إذن فعلى ماذا تراهن السعودية في نجاح مبادرتها إذا كان الشمال بقبضة الحوثي الحديدية بينما الجنوب غير مستقر البتة حيث تتقاذفه الرياح فمن جهة هنالك صراع خفي بين الشرعية والإنتقالي ومن جهة أخرى بدأت القاعدة إستئناف نشاطها في المناطق الوسطى لمحافظة أبين وأستطيع القول بإن الجنوب يكاد يكون بلا دولة وكل ذلك بسبب السياسة الخاطئة التي مارستها السعودية ومن قبلها الإمارات في الجنوب ..!! فعلياً لا تمتلك السعودية الأدوات أو الطرق الممكنة والمناسبة تستطيع من خلالها الضغط على الحوثي حتى يذعن ويوافق بالجلوس على طاولة الحوار مجدداً.؟! ولكن في أعتقادي الشخصي بأن السعودية تعول كثيراً على دور المبعوث الأميريكي والذي بدا مناوراته بالضغط على الحوثي من خلال تداول ونشر بعض التسريبات التي تؤكد ضلوع الحوثي في إستهداف مطار عدن عند وصول الحكومة الجديدة إلى عدن في نهاية ديسمبر من العام الماضي..بالإضافة إلى التسريبات المتداولة بوجود علاقة وثيقة تثبت الصلة القوية والتعاون بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة..لذلك أعتقد سيتم أستخدام تلك التسريبات من أجل إبتزاز الحوثي والضغط عليه للرضوخ والجلوس للحوار وطبعاً كل ذلك سيكون طبعاً بعد عقد مشاورات وتقديم بعض التنازلات لإيران وخصوصاً فيما يتعلق بملفها النووي..!! قد تقولون عني بأنني شخص متشائم عندما أقول بأن طريق المفاوضات للوصول إلى سلام ستكون بالغة الصعوبة وستعترضها حقول من الألغام كل هذا من وجهة نظري المتواضعة جداً وذلك بحسب المعطيات التي أمامي وليست من نسيج الخيال فمثلاً المبادرة الخليجية لا تعني الحوثي بشيء فهي مبادرة كانت خلال الأوضاع المصاحبه لثورة الشباب التي أندلعت في 2011 لذلك فالمنطق يقول بأن الحوثي غير ملزم بتنفيذ بنودها لأنه لم يكن طرفاً أساسياً فيها.. وإذا عرجنا على قرار مجلس الأمن رقم 2216 والذي يلزم الحوثي على تسليم السلاح والإنسحاب الفوري من المحافظات والمناطق التي سيطر عليها بعد إنقلاب سبتمبر 2014 فهل تعتقدون بأن الحوثي وبعد صموده وأمتلاكه ترسانة متطورة من الأسلحة الحديثة سيرضخ وسيسلم سلاحه وبهذه البساطة؟!.. أنا لا أعتقد ذلك..!! بينما مخرجات الحوار الوطني والتي تنص على تشكيل جمهورية إتحادية من ستة أقاليم فلقد رفضها الحوثي في حينه بل وكما نعلم بأنه تم إختطاف بن مبارك مع المسودة الخاصة بمخرجات هذا الحوار قبل حتى أن يجف حبر القلم الذي كتبت فيه ..!! فبالله عليكم هل ما ذكرته يوحي لنا بنجاح المبادرة مالم تكن هنالك ترتيبات وتفاهمات سرية قد تمت من تحت الطاولة بالفعل وعلى ضوء ذلك بدأنا نسمع الكثير من نبرة التفاؤل في حديث المبعوثان الأميريكي والأممي وكذلك من حديث الأخوة في سلطنة عمان الدولة الراعية لهذه المبادرة ..!!