أثارت حادثة "السفينة الجانحة" بقناة السويس المصرية المزيد من علامات الاستفهام و ردود الافعال المعارضة للنظام الحاكم في مصر و على كل المستويات و ابرزها الداخل المصري و على الصعيدين الاقليمي و الدولي . ولكن "المفارقة المدوية" تعود لستة اعواما ماضيه و بالتحديد فور ان تم الانقلاب على"الشرعية المنتخبة" في مصر وذلك حين تعاقدت حكومة الانقلاب سرا مع شركات أمنية و ملاحية إسرائيلية لتسيير اعمال الملاحة الدولية في قناة السويس . ولم تكن تلك الاتفاقية مع الجانب الإسرائيلي ملحقية مضافة و طارئة من ملحقيات اتفاق"كامب ديفيد"بين مصر و إسرائيل وبالطبع لم تكن اتفاقية بأثر رجعي ولكنها كانت اتفاقية دفع الثمن المطلوب لقاء الموقف الإسرائيلي المؤيد للانقلاب . وحينما تسربت المعلومات التي تؤكد إبرام الأتفاق بين القاهرة و تل أبيب أقام"الإعلام المصري" الدنيا و لم يقعدها نافيا ان تكون تلك المزاعم صحيحة و استطاعت ابواقه ان تضلل الرأي العام المصري و تحرف مسار اهتمام الشارع في مصر بدعاوى واهية و متهافتة و هي لا تختلف في حقيقتها عن التضليل الذي مارسته عندما اشيعت التسريبات المتعلقة بالاتفاقية الأمنية مع الحكومة الإسرائيلية بشأن مكافحة الارهاب في سيناء . واليوم و بعد ان عجزت الحكومة المصرية على تحمل الخسائر المالية الناجمة عن جنوح السفينة تسارع و بلا أدنى تردد لطلب النجدة من الإسرائيليين و بموجب الاتفاقية عينها بين تل أبيب و القاهرة والتي دأب إعلامها لسنوات وهو ينفي عنها التهمة . والمفاجأة الصادمة هي ان حادثة السفينة الجانحة كشفت للمصريين الصورة كاملة عن المبالغ المترتبة عن توقف الملاحة بقناة السويس والتي تكشف الخسائر اليومية المهولة لإغلاق القناة و التي قدرت ب"12,000,000" مليون دولار لليوم الواحد و المقدرة سنويا بنسبة"12%"من حجم التجارة العالمية ..؟! و هي ارقام مهولة صدمت الشارع المصري و اربكت حسابات الحكومة المصرية . وكالعادة و فور ان سربت الخبر أكثر من وكالة اخبارية غربية سارع إعلام النظام إلى نفيها و تشتيت مزاعمها بالحديث عن ان تلك الارباح لا تعود اصولها للحكومة المصرية لوحدها و بأن الحكومة تدفع رسوم و ضرائب اضافية لشركات تشغيل و وسائط ملاحية تجارية شريكة لها في تشغيل القناة وسط حالة من السخط و الاستياء في أوساط المصريين بمنصات التواصل و القنوات المعارضة للنظام في الخارج . وفي تقديري ان المصريين لم يعودوا بحاجة لأثباتات و إدلة تدين النظام و السلطة القائمة على فسادها و إهدارها للمال العام بقدر ماهم بحاجة لإعادة مراجعة حساباتهم و قناعاتهم و وعيهم الذي تم تضليله و التعتيم عليه إلى ان أوصلهم لهذه اللحظة الوخيمة و التي وعلى مايبدو أنها ستكون فاتحة لأبواب جحيمهم المستعرة تحت الرماد .