استثمر نشطاء ومستخدمون شباب من أعضاء وأنصار الحراك الجنوبي بمدينة عدن ومدن جنوبية أخرى مساحة مفتوحة أتاحتها وسائل ما بات يعرف ب"الإعلام الجديد" في الترويج لفعالية الثلاثين من نوفمبر التي تنطلق عصر يوم غد عبر مسيرة سلمية من مديرية كريتر شرقاً صوب مديرية المعلا غرباً بمدينة عدن التي كانت عاصمة دولة الجنوب السابقة. وهذه الفعالية تحيي ذكرى استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني العام 1967 بعد نضال سلمي وكفاح مسلح لعقود طويلة, حيث دام الوجود البريطاني نحو 129 عاماً في عدن ومحميات جنوب الجزيرة العربية. وتطغى روح الشباب على هذه الفعالية في هذا العام خلافاً للأعوام السابقة, ويمثل هذا فيما يبدو سبباً في ظهور "الإعلام الجديد" كوسيلة استثمرت بدرجة أكبر هذا العام. وسيطرت خلال الأعوام الماضية فصائل متنازعة داخل الحراك الجنوبي على تنظيم الفعاليات واحتكار لجانها التحضيرية لكن احتجاجات الربيع العربي مطلع العام الجاري دفعت بتيار الشباب داخل الحراك الجنوبي إلى الواجهة مستلهمين بذلك احتجاجات الثورتين التونسية والمصرية. ومثلت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة الشباب الأولى لنشر دعوات مكتوبة أو مرئية أو مقالات مطولة عبر "فيسبوك" أو مقتضبة عبر "تويتر" للحث على حضور الفعالية يوم غد أو لتوضيح وقائعها التاريخية وسط جدل لم يمنع من الإجماع على المشاركة فيها والحض عليها. وقام مصممون بعمل تصاميم صغيرة حملت شعار المهرجان وتوزعت التصاميم على الصفحات الشخصية للمستخدمين ذوي الاهتمام المشترك, فيما أنتج آخرون أشرطة تسجيل مصورة تعطي نبذة تاريخية عن الفعالية بهدف التعريف بها للأجيال الشابة, وبثت على منتدى الفيديو الشهير "يوتيوب". وإلى حد كبير توحدت "الصور الرمزية" في عدد من شبكات التواصل الاجتماعي بينها "فيسبوك" و "تويتر", ويمكن رؤية شعار المهرجان في هذه الصور التي تضمنت أيضاً عبارات مختلفة تدعو للفعالية, وتكفل مصممون محترفون أو هواة في إنشاء هذه الصور والشعارات. وفي شريط فيديو تعبوي تم تناقله على نطاق واسع يمكن قراءة عبارات "أنا.. معلم, طبيب, طالب, مهندس, معلمة, فلاح, جندي, طيار", لكن الشريط لا ينسى أن يضيف عبارات أخرى مثل "أو ناشط على, فيسبوك, تويتر, يوتيوب, بلوجر" ثم يختم بعبارة "القضية هم مشترك, والجنوب بحاجة إليك". ولاتقتصر أشرطة الفيديو المنشورة على منتدى "يوتيوب" على التعبئة والحض على المشاركة وتتعداها إلى الأشرطة التوعوية بأهمية إظهار صورة حضارية للمشاركين عبر الدعوة إلى "الامتناع عن القات" مثلاً. وعلى موقع "فيسبوك" انتشرت صفحات خاصة بالفعالية, وأنشأ مستخدمون استطلاعات رأي بخصوص الحجم المتوقع للجماهير المشاركة, وقام آخرون بإنشاء دعوات "مناسبات" للتأكيد على الحضور أو عدم الحضور.
وكتب مستخدم يحمل اسم "ناصر" على "فيسبوك": "غداً عيدنا, ويوم عزنا", فيما اعتبر آخر أن "يوم غد استفتاء شعبي", في إشارة إلى دعوات لإجراء تصويت شعبي بإشراف دولي حول مصير "الوحدة اليمنية" التي ظلت محل جدل متصاعد منذ التوقيع عليها بين الحزب الاشتراكي اليمني ممثلاً عن الجنوب والمؤتمر الشعبي العام ممثلاً عن الشمال في الثاني والعشرين من مايو (أيار) العام 1990. ويتوقع أن يشارك جمهور يفوق عدد المشاركين في فعالية الرابع عشر من أكتوبر التي نظمت بمدينة عدن الشهر المنصرم وقدر عدد المشاركين فيها بمائتي ألف شخص من الجنسين, ويقدر سكان الجنوب بخمسة ملايين نسمة وفق إحصائيات تقديرية. ومن شأن نجاح فعالية الثلاثين من نوفمبر الدفع بالتيار الشبابي إلى الواجهة وإزاحة الجيل القديم الذي أنتج صراعات متعددة اختلفت أسبابها منذ انطلاق الحراك الجنوبي في السابع من يوليو (تموز) وتسببت في تعثر الحراك الجنوبي.