اتلاف 7 أطنان من المواد الغذائية المنتهية بصنعاء    انقطاع كهرباء لحج يتجاوز نصف شهر: غضب شعبي واتهام "حكومة الفنادق" بإيذاء الناس    قوات النجدة تضبط 10 الاف حبة مخدر بعمليات نوعية بالحديدة    رئيس سياسية الإصلاح: العلاقات اليمنية الصينية تاريخية ممتدة وأرست أساساً لشراكة اليوم    حزب الله يدين مجزرة عين الحلوة ويدعو للتصدي لاجرام العدو    برشلونة ينجح في الحصول على موافقة "اليويفا" للعودة الى كامب نو    الهيئة العليا للأدوية تختتم الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    مكافحة الفساد تتسلم إقرارات عدد من اعضاء ومدراء عموم هيئة رفع المظالم برئاسة الجمهورية    الأقمار الصينية تثير قلق أمريكا كسلاح محتمل والصين تنفي أي مخاطر    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    الذهب يتراجع مع صعود الدولار    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مواطن في إب لإجبار أسرته على دفع تكاليف تحقيقات مقتله    خطوة تاريخية للأسطورة.. رونالدو في البيت الأبيض    حكومة الخونة تواجه أسوأ أزمة مالية    عملية نوعية في مركز القلب العسكري    العراق.. خامس آسيوي يقاتل في الملحق العالمي    بعد 28 عاما.. النمسا تعود إلى كأس العالم    سباعية تزف بلجيكا إلى كأس العالم    صهاينة العرب الى اين؟!    ترامب يصنّف السعودية حليفاً رئيسياً من خارج الناتو خلال زيارة بن سلمان لواشنطن    عين الوطن الساهرة (4): مَن يشتري "الذمة الوطنية"؟.. معركة المال الأسود والغزو الثقافي    مطالب جنوبية بتعليق العمل السياسي فورًا والعودة فرض قبضة أمنية كاملة    عن الجبهة الوطنية الجنوبية العريضة    حضرموت تستعيد قرار الحلف.. تحرك لإزاحة بن حبريش وإنهاء نفوذه    تفاصيل اجتماع رونالدو مع الرئيس ترامب    قراءة تحليلية لنص"البحث عن مكان أنام فيه" ل"أحمد سيف حاشد"    رابطة "معونه" لحقوق الإنسان والهجرة الامريكية توقع اتفاقية مع الشبكة اليمنية    الكاتب والصحفي والناشط الحقوقي الاستاذ محمد صادق العديني    إلى عقلاء سلطة صنعاء…    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    الفريق السامعي يجدد الدعوة لإطلاق مصالحة وطنية شاملة ويحذّر من مؤامرات تستهدف اليمن    التحريض الأمريكي ضد الإعلام اليمني.. من الاستهداف التقني إلى الاستهداف العسكري    المنتخب الوطني يفوز على نظيره البوتاني بسبعة أهداف مقابل هدف في تصفيات كأس آسيا    تحرير يمنيين احتجزتهم عصابة في كمبوديا    العراق يتأهل الى ملحق المونديال العالمي عقب تخطي منتخب الامارات    الأسهم الأوروبية تتراجع إلى أدنى مستوى لها في أسبوع    الرباعية الدولية تهدد بعقوبات ضد المحافظين الرافضين توريد الأموال    الشرطة العسكرية الجنوبية تضبط متهمًا بجريمة قتل في خور عميرة    تعز.. حادث مروري مروّع يخلف أكثر من 10 ضحايا    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    الحاكم الفعلي لليمن    المتأهلين إلى كأس العالم 2026 حتى اليوم    مركز أبحاث الدم يحذر من كارثة    قراءة تحليلية لنص "عدول عن الانتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    المقالح: بعض المؤمنين في صنعاء لم يستوعبوا بعد تغيّر السياسة الإيرانية تجاه محيطها العربي    إضراب شامل لتجار الملابس في صنعاء    جبايات حوثية جديدة تشعل موجة غلاء واسعة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر
نشر في يمنات يوم 15 - 08 - 2025


عبدالوهاب قطران
بلا ترتيب مسبق، وجدتني اليوم في مقيل الصديق الجميل دائم البهاء أحمد عبدالرحمن ، وبين يديه جمع من الأصدقاء الاعزاء المثقفين والصحفيين: مصطفى راجح، والرفيق عبده مرشد، و الدكتور عبدالكريم قاسم علي حسين الضبيبي ، وعبدالكريم الشرعبي.
ومجموعة من الأعزاء الحاضرين مقيلنا الفني الجميل..
كان الجو مشبعًا بالود والذكريات، حتى أنفاس المكان كانت تتهامس بشيء من البهجة الخفية.
لكن روعة المشهد بلغت ذروتها حين وجدتني، صدفةً سعيدةً، جالسًا بين هامتين من هامات اليمن:
على يميني، الأديب والشاعر الكبير عباس الديلمي، صاحب القصائد التي صارت جزءًا من ذاكرة اليمن ووجدانه الوطني : "دمت يا سبتمبر التحرير"
والتى، ألّفها في إطار الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر.
لحنها وغناها الفنان أيوب طارش عبسي، وجاءت كسيمفونية وطنية نابضة بالحياة.
ومن أبرز المقاطع:
موكب التحرير ألفت القلوبا
وتوحدنا شمالا وجنوبا...
أيضاً من كلمات عباس الديلمي وغناها أيوب طارش في بداياته.
غُني في بدايات السبعينيات، ولاح فيه تفاؤل الشاعر بتحقيق الوحدة، رغم أنها لم تتحق بعد.
وغيرها من القصائد
كتب كلماتها عباس الديلمي وغناها أيوب طارش بصوت ملؤه الحماسة الوطنية في فترات تاريخية متعددة.
إلى جانب الأناشيد الوطنية، كتب عباس الديلمي العديد من القصائد الغنائية العاطفية التي لحنها وغناها فنانون يمنيون كبار، من أبرزها:
"يا طبيب الهوى" غناها الفنان أحمد السنيدار، وهي أولى قصائده الغنائية.
"نجوم الليل" غنّاها الفنان الراحل علي بن علي الآنسي، وقد أثّرت فيه كثيرًا حين عرف أنها من كتابة الديلمي.
ترك الديلمي بصمة أيضًا في الأعمال الإذاعية المغناة، مثل عمله في البرنامج اليومي "حديث الناس" منذ عام 1978، حيث كتب عشرات الأغاني، والعديد منها من النوع الاستعراضي مثل:
"خيلت براقاً لمع" (عرض خلال العيد العاشر للوحدة اليمنية)
"حوارية السيف والقلم" (ردًا على قصيدة شعبية للرئيس السابق علي عبد الله صالح)
من أبرز قصائده المغناة أيضًا (وردت في الموسوعة) "قصيدة البناء والصمود" التي غناها أيضًا أيوب طارش.
و كان على يساري، الفنان الكبير أحمد الحبيشي، بصوته الدافئ الذي حمل إلينا حزنه الشجي وغنّى لنا أغنيتين جميلتين بنبرته التي تشبه وقع المطر على قلبٍ مشتاق.
الديلمي، برشاقته المعهودة وخفة ظلّه، أسعدنا وأضحكنا بقفشاته وطرائفه، واستدرجنا بحديثه الساحر إلى عوالم الشعر والفن والتاريخ. حدّثنا عن علاقاته وذكرياته مع الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني، والرئيس الراحل علي عبدالله صالح، وأديب اليمن الكبير عبدالله البردوني. روى لنا حكايات قصائده الكبرى، مثل "دمت يا سبتمبر التحرير"، و*"صباح الخير يا وطناً"* التي شدت بها الفنانة السورية أمل عرفة، وزيارة والدها لليمن وانبهاره بجمال قرية الحطيب في حراز، حتى سأله إن كان كل اليمن على هذا النحو من الترتيب والنظافة والرقي.
بوحُه الشعري يمتد إلى أولى محاولاته في سن السادسة عشرة حين كان والده قاضيًا في تعز، متنقلًا بين المدن بحكم عمله: وُلد في شرعب الرونة محافظة تعز، ثم عاش في الحجرية بتعز، وانتقل إلى ريمة، قبل أن يستقر والده في المحكمة العليا بصنعاء. وحين سألته عن صلته بالقاضي العلامة زيد الديلمي، الذي كان رئيس المحكمة العليا في عهد الإمام يحيى، قال: "هو جدي لأمي"، ثم حكى كيف اعتزل القضاء بعد خلاف مع الإمام بسبب رفضه إصدار إذن لتفتيش منزل الشاعر الكبير محمد محمود الزبيري.
أما أحمد الحبيشي، فقد أدهشنا حضوره رغم وطأة المرض، إذ جاء إلى المقيل متكئًا على عزيمته، لا على صحته، دون أن يمضغ القات، وهو الذي يصارع الفشل الكلوي منذ عامين ويغسل الكلى مرتين في الأسبوع، ويحتاج إلى زراعة كلية في الهند. يلازمه داء السكري وضغط الدم، وفقد بصره في عينه اليسرى جراء خطأ طبي في مصر قبل سنوات. كان حضوره مزيجًا من الفرح والحزن؛ فرحٌ لأننا التقيناه، وحزنٌ لأننا رأينا كيف أنهك المرض فارسًا من فرسان الفن اليمني.
هذا اليوم، كان أشبه بصفحة استثنائية من كتاب العمر، جمعت بين الشعر والموسيقى، بين الذاكرة الوطنية الحيّة وصوت الحنين. كأن القدر أراد أن يمنحنا لحظةً نادرة، أكون فيها وسط القصيدة واللحن، بين شاعر كتب للوطن أغنياته الخالدة، وفنانٍ غنّى للحب والناس بصوتٍ يختزن وجع اليمن وجماله في آن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.