الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    اغتيال جار الله عمر.. اللحظة التي دخل فيها ملف الإرهاب في اليمن دائرة التوظيف السياسي    وقفة قبلية في جحانة تنديدًا بالإساءة للقرآن وإعلانًا للجهوزية والاستنفار    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    جوائز غلوب سوكر: باريس والبرتغال ويامال الأفضل    تشييع جثمان الشهيد المقدم توفيق العسيقي في التعزية    مدارس أمانة العاصمة تحتفي بعيد جمعة رجب    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    الشتاء يتحول إلى كارثة إنسانية: 20 وفاة وآلاف النازحين بالعراء في غزة    مركز البحر الأحمر للدراسات يصدر كتابين جديدين حول الهجرة الأفريقية غير الشرعية إلى اليمن والقضية الفلسطينية    عاجل: أهم نقاط البيان.. سيئون تجدد العهد لاستعادة دولة الجنوب وتفوض الانتقالي خيارًا نهائيًا بلا تراجع أو مساومة    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المجلس الإسلامي العلوي: سلطة الأمر الواقع كشفت حقيقتها القمعية    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    تحت شعار الهوية والانتماء.. جامعة صنعاء تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    صنعاء.. صدور حكم استئنافي في قضية الصحفي محمد المياحي    صنعاء: المكاتب التنفيذية تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    الصين: تأسيس أكثر من مليون شركة جديدة في 11 شهرا    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    اليمن بين ثبات النهج ومنزلق الارتهان: قراءة في ميزان السيادة والهوية    صحيفة فرنسية: غارات جوية وأزمة إنسانية.. لماذا تصاعدت التوترات فجأة في اليمن ؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هروب    هؤلاء هم أبطال حضرموت قيادات صنعت المجد وقهرت الإرهاب    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    في صنعاء.. هل ابتلعنا "الثقب الأسود" جميعًا؟    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضبط مصفاة نفط جديدة غير قانونية لمتنفذ يمني في خشعة حضرموت    الافراج عن اكبر دفعة سجناء بالحديدة تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    الدولار الأمريكي يترنح في أسوأ أداء أسبوعي منذ شهور    إنجاز 5 آلاف معاملة في أسبوع.. كيف سهلت شرطة المرور إجراءات المواطنين؟    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسابات "اللحظة الثورية": السيناريوهات الأربع المحتملة ل" 30 يونيو" في مصر
نشر في عدن الغد يوم 24 - 06 - 2013


المركز الاقليمي للدراسات الإستراتيجية
كتب / محمد بسيوني عبد الحليم
تطرح تظاهرات 30 يونيو والاحتمالات المرتبطة بها نموذجًا لإطار الصراع الذي بات يحكم العلاقة بين قوى المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين (تتولى مقاليد السلطة) والقوى المؤيدة لها؛ إذ إن كلا الطرفين يدخل تلك التظاهرات ولديه رؤاه الذاتية، فقوى المعارضة ترى أن مؤسسة الرئاسة فقدت شرعيتها بعد الأزمات الحادة التي شهدها الواقع المصري منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم تبدو الانتخابات الرئاسية المبكرة هي المخرج الوحيد من هذا الوضع المأزوم.

بيد أن جماعة الإخوان المسلمين تعول كثيرًا على أصوات الناخبين، وتعتبر أن الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات (البرلمانية والرئاسية) تمنحها الشرعية الكافية لإدارة الدولة، وبالتالي من غير الجائز المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.
متوالية الأزمات
يشير "كرين برينتن" في كتاب "تشريح الثورة" إلى أنه "بعد انتصار الثورة، وترحيب السكان بها، يحصل لديهم أمل في التغيير، ويعتبرون أن حقبة جديدة قد بدأت، وأن الفقر والاستبداد سيختفيان، وسوف تحل المساواة والعدل، لكن سرعان ما ينتهي "شهر العسل القصير" حينما تبدأ المعارضة بتولي الحكم، ومواجهة المشكلات والعمل لحلها"، وهي الفرضية التي تصلح لأن تكون مدخلا لتحليل الأزمات التي شهدها المجتمع المصري خلال العام المنقضي منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي، والتي بصورة أو بأخرى تشكل الدوافع لتظاهرات 30 يونيو، وقد تجلت تلك الأزمات فيما يلي:
أولا: تزايد حدة الاستقطاب المجتمعي، وإقحام ثنائية الديني والمدني في أغلب الاستحقاقات السياسية، وهي الإشكالية التي أصبحت أكثر وضوحًا مع إصدار مؤسسة الرئاسة إعلانًا دستوريًّا إبان شهر نوفمبر 2012، وما أعقبها من اقتتال أمام قصر الاتحادية في ديسمير الماضي، وظلت تلك الثنائية حاضرة في مشهد الجمعية التأسيسية، والاستفتاء على الدستور.
ثانيًا: تراجع قدرة السلطة الحاكمة على صياغة سياسات محددة لمواجهة الأزمات القائمة، والاستجابة للمطالب التي رفعتها ثورة يناير، فالملفات الداخلية تضمنت مشكلات في الكهرباء والسولار والبنزين، ووضعًا اقتصاديًّا متأزمًا على إثره استمرت الوقفات الاحتجاجية والمطالب الفئوية، ولا يزال الوضع الأمني مثار تساؤلات عديدة، وخصوصًا مع الأوضاع الراهنة في شبه جزيرة سيناء (اختطاف سبعة جنود من الجيش والداخلية خلال شهر مايو الماضي، ومقتل النقيب محمد أبو شقرة خلال الشهر الجاري نموذج على ذلك) علاوة على ملفات خارجية لها انعكاسات على الوضع الداخلي، في مقدمتها ملف سد النهضة الإثيوبي الذي سيؤثر على حصة مصر من مياه النيل.
ثالثًا: القصور في رشادة توجهات السلطة الحاكمة والقوى المؤيدة لها، وتغييب فكرة التوافق، والدخول في صدامات مع مؤسسات رئيسية بالمجتمع، بدت بشكل واضح في العلاقة مع السلطة القضائية، والصدام حول قضية تعيين النائب العام، ومحاولة وضع قانون للسلطة القضائية لم يلقَ قبولا من جانب قطاع واسع من القضاة.
رابعًا: معضلة الشرعية التي أصبحت تعاني منها المؤسسة التشريعية متمثلة في مجلس الشورى والجمعية التأسيسية التي صاغت الدستور حينما أصدرت المحكمة الدستورية في الثاني من شهر يونيو الجاري حكمها بعدم دستورية قانون مجلس الشورى، وقانون معايير الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وبالرغم من أن الحكم أرجأ التنفيذ المباشر لحل مجلس الشورى، فإن قوى المعارضة تستند إليه في تدعيم موقفها خلال تظاهرات 30 يونيو.
سيناريوهات 30 يونيو بين المعارضة والإخوان
مرت الثورة المصرية بمراحل عدة اتضح أثناءها أن أطراف المعادلة السياسية (جماعة الإخوان المسلمين وتحالفاتها من ناحية وقوى المعارضة من ناحية أخرى) تتعاطى مع السياق السياسي بآليات شبه متماثلة، فكلا الطرفين استند كثيرًا إلى الشارع و"الحشد والحشد المضاد"، وفي هذا السياق يعتبر الطرفان أن تظاهرات 30 يونيو تشكل المنعطف الأخير، فقوى المعارضة ترى أن استمرار رئيس الجمهورية في الرئاسة يعني انهيار الدولة، والقضاء على الثورة، فيما ترى جماعة الإخوان أن تقويض المطالب التي ترفعها التظاهرات يعني أن هناك تأييدًا شعبيًّا يتيح لها الاستمرارية في السلطة، وبالتالي تواري أصوات المعارضة.
وبالرغم من تعقيدات الموقف السياسي، وتداخل المعطيات الحاكمة لمشهد 30 يونيو، فمن الجائز القول إن هناك ثمة سيناريوهات مطروحة في هذا الإطار.
-السيناريو الأول : استباق 30 يونيو وتقديم تنازلات من جانب السلطة
وبموجب هذا السيناريو فإن السلطة الحاكمة يمكن أن تحاول امتصاص تظاهرات 30 يونيو عبر تقديم تنازلات بلورتها بعض المبادرات المقدمة من حزب النور والدعوة السلفية بالإسكندرية، والمتضمنة تسوية الأزمات مع المؤسسة القضائية، وإقالة النائب العام، وإقالة حكومة هشام قنديل، وتشكيل حكومة ائتلافية توافقية، وحصر بنود الدستور المختلف عليها، والاتفاق على صيغة محددة لتعديلها، وتغيير المجلس الاستشارى لرئيس الجمهورية.
ويرتبط بهذه التنازلات إمكانية تقديم حوافز حكومية ومميزات اجتماعية واقتصادية لبعض الفئات في المجتمع، وإيجاد حلول مؤقتة لبعض الأزمات (على سبيل المثال تقليل فترات انقطاع الكهرباء لتخفيض حدة السخط المجتمعي) للتأثير على قطاع من الكتلة الجماهيرية الحرجة التي ليس لديها انتماء تنظيمي أو فكري لأطراف الصراع السياسي، وتريد المشاركة في تظاهرات 30 يونيو، لأن ثورة توقعاتها من السلطة الحاكمة أدت إلى إحباطات متوالية على خلفية تراجع قدرة السلطة على إدارة شئون الدولة.
وبوجه عام، ينطوي هذا السيناريو على بعض إشكاليات تجعل من الصعب تحقيقه أو حتى جعل تأثيره ملموسًا في مشهد يوم 30 يونيو، فهناك عناصر دافعة للتصعيد، وتتمثل في الآتي:
1) أن الطرفين المؤيد والمعارض للتظاهرات المطالبة بإنهاء حكم الرئيس محمد مرسي يدعي كل منهما أنه يمتلك الغطاء الشعبي لمطالبه، فحركة تمرد التي تقود حملة توقيع استمارات سحب الثقة من رئيس الجمهورية تتحدث عن جمعها حوالي 15 مليون استمارة (ويدعمها استطلاعات للرأي، منها استطلاع أجرته مؤسسة زغبي يشير إلى أن 28% فقط ممن أدلوا بآرائهم يرون أن انتخاب الرئيس محمد مرسي كان إيجابيًّا، وفي استطلاع رأي آخر لمركز بصيرة حول أداء الرئيس بعد مرور 11 شهرًا على توليه منصبه يتضح أن نسبة غير الموافقين على أداء الرئاسة يبلغ 52% كما أن نسبة من يؤيدون إجراء انتخابات رئاسية مبكرة حوالي 54%) وفي الوقت ذاته تتحدث حركة تجرد التي تقود حملة توقيعات استمارات تأييد لرئيس الجمهورية عن امتلاكها نحو 11 مليون استمارة، وهكذا فإن الطرفين لديهما حساباتهما الخاصة التي تجعلهما يصران على مطالبهما دون تقديم تنازلات.
2) ظلت المبادرات المطروحة للتفاوض غير مقبولة من جانب قوى المعارضة (جبهة الإنقاذ وحركة تمرد) وكنموذج على ذلك مبادرة حزب الوسط للمصالحة الوطنية التي قوبلت برفض من جانب المعارضة؛ حيث ترى قيادات جبهة الإنقاذ أن التفاوض لم يعد مطروحًا في هذا التوقيت، وأن التنازلات من جانب السلطة الحاكمة لن تجدي، فالهدف هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
3) تؤدي القرارت الصادرة عن السلطة في الآونة الأخيرة، ونمط إدارة الدولة؛ إلى المزيد من التصعيد، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى مشهد مؤتمر دعم سوريا باستاد القاهرة يوم 15 من الشهر الجاري، فقد بدا المؤتمر كما لو كان محاولة تعبر من خلالها السلطة الحاكمة عن حجم القوى المؤيدة لها، واستمرارًا لهذا النهج أصدرت مؤسسة الرئاسة قرارًا بتعيين عدد من المحافظين الجدد (نسبة منهم محسوبة على التيار الإسلامي) وما استتبعه من صدامات في عدد من المحافظات بين عناصر من جماعة الإخوان وحركة تمرد.
- السيناريو الثاني: التفاوض السياسي للمعارضة مع السلطة :
ويفترض هذا السيناريو أن قوى المعارضة لن تتمكن من الوصول إلى الحشد الشعبي المطلوب لإرغام السلطة الحاكمة على الاستجابة لمطالبها، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وعطفًا على هذا يتم النزول للشارع في يوم 30 يونيو بأعداد لا بأس بها (على أقل تقدير تقارب الأعداد التي تمكن التيار الداعم لرئيس الجمهورية من حشدها في تظاهرات يوم الجمعة الماضية 21 يونيو) وقد تنتهي التظاهرات بحدوث اشتباكات محدودة بين المؤيدين والمعارضين على غرار أحداث قصر الاتحادية في ديسمبر الماضي.
ومن هذا المنطلق، يدرك أطراف المعادلة السياسية أن هناك قدرًا من التوازن في القوى، وأن الصراع وصل إلى الدرجة التي لم يعد من الممكن معها حصول أي طرف منفردًا على كافة المكاسب، فيتم اللجوء إلى الإطار التفاوضي لتسوية الصراع.
عبر هذا الإطار التفاوضي يمكن الاتفاق على عدد من القضايا، من أهمها بقاء رئيس الجمهورية في منصبه ليكمل مدته، وفي المقابل يتم إقالة النائب العام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والتوافق على صيغة محددة الملامح لتعديل المواد الخلافية في الدستور، وتقديم الضمانات الكافية لنزاهة وشفافية الانتخابات البرلمانية القادمة.
- السيناريو الثالث: إجراء انتخابات رئاسية مبكرة
ينصرف هذا السيناريو إلى قدرة قوى المعارضة على الحشد الجماهيري الكافي لإلزام جماعة الإخوان المسلمين بالاستجابة لمطلب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهنا تتضح بعض الملاحظات:
الملاحظة الأولى: محاولات التأثير على الكتلة الجماهيرية الحرجة (التي ليست لديها انتماءات لأي من طرفي الصراع) تشكل العنصر المرجح في تظاهرات يوم 30 يونيو، وبالتالي فإن نجاح المعارضة في الوصول إلى هذه الكتلة وإقناعها بالنزول وبحشود ضخمة (البعض يتوقع وصول الأعداد إلى ما كانت عليه إبان ثورة يناير) يعني الضغط على السلطة الحاكمة، وقد يتعزز هذا الضغط في حال حدوث بعض الاعتصامات، مع إمكانية وقوع أحداث عنف محدودة.
الملاحظة الثانية: تسعى جماعة الإخوان المسلمين إلى توظيف المشروع الإسلامي في صراعها مع المعارضة، ومن ثم تصوير التظاهرات المطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية على أنها محاولة لإسقاط المشروع الإسلامي في المجمل، ولكن هذا التوظيف تعترضه إشكالية حقيقية، وهي أن التيار لم يعد كتلة متماسكة كما كان في المراحل الأولى من الثورة، ويعبر عن هذا الأمر تصريح للشيخ ياسر برهامي مؤخرًا "بأن وضع الإسلاميين جميعًا في بوتقة واحدة ضد الشعب الساخط المنهك اقتصاديًّا يعرض العمل الإسلامي ذاته والدعوة إلى الله لخطر عظيم، وخصوصًا مع إعلام يسمى إسلاميًّا يجعل مخالفة جماعة أو شخص أو حتى الرئيس معاداة للدين، أو حتى محاربة للمشروع الإسلامي".
الملاحظة الثالثة: تقدم المعارضة طرحين رئيسيين لكيفية إدارة الدولة في حال إسقاط رئيس الجمهورية. الطرح الأول تشكيل مجلس رئاسة مدني لإدارة شئون الدولة لفترة انتقالية، وهو الطرح الذي يعاني من قصور في تصوراته وآليات التشكيل. أما الطرح الثاني فيبدو أنه ينال تأييدًا أكبر من جانب قوى المعارضة، ويرتكز على تسليم رئاسة الدولة لرئيس المحكمة الدستورية العليا لفترة محدودة، للإعداد لانتخابات رئاسية مبكرة، على أن يتم تشكيل حكومة تسيير أعمال مصغرة لإدارة الدولة، أما فيما يخص وضع الدستور فهناك رؤى مختلفة بشأنه بين اتجاه يرى العمل به بشكل مؤقت، وبين اتجاه آخر يقترح تجميد الدستور الحالي والعمل بدستور 1971، مع إجراء بعض التعديلات على باب نظام الحكم، وثمة اتجاه ثالث لا يزال يحاول بلورة مقترح مقبول لتعديل المواد الخلافية في الدستور الحالي.
الملاحظة الرابعة: قد تدفع الضغوط على السلطة الحاكمة (إذا تحقق الحشد الجماهيري المطلوب) رئيس الجمهورية إلى اللجوء تلقائيًّا إلى صلاحياته الدستورية، فيقوم بطرح فكرة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في استفتاء شعبي، وحينها يحسم الاستفتاء الصراع السياسي، وبالرغم من صعوبة تحقق هذا الأمر في ضوء المؤشرات الحالية وتمسك جماعة الإخوان المسلمين بموقفها؛ فإنه سيظل الملجأ الأخير إذا أدركت الجماعة وحلفاؤها أن مجريات الأمور لم تعد في صالحهم، وبالتالي سيكون الاستفتاء الصيغة الأفضل للخروج من السلطة.
- السيناريو الرابع: تدخل المؤسسة العسكرية
تحظى المؤسسة العسكرية بوضعية متميزة في العقل الجمعي المصري، وخلال العام الماضي كانت الأزمات التي مرت بها الدولة كاشفة عن ذلك الأمر، بدءًا بأحداث قصر الاتحادية في ديسمبر الماضي، وتنامي الأصوات المطالبة باستدعاء الجيش للمشهد السياسي، مرورًا بأحداث بورسعيد في يناير الماضي والمطالب الشعبية بنزول الجيش لإدارة المدينة بديلا عن السلطة الحاكمة، وانعكس هذا الرضا عن الجيش بشروع المواطنين في حملة توكيلات لوزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي لإدارة شئون الدولة.
وتشير استطلاعات للرأي إلى تلك المكانة المتميزة التي تحظى بها المؤسسة العسكرية لدى الرأي العام، ففي استطلاع صادر عن معهد بيو في شهر مايو 2013 يتضح أن 73% ممن تم استطلاع آرائهم يعتبرون أن الجيش لديه تأثير إيجابي على الدولة، كما أن استطلاعًا حديثًا لمؤسسة زغبي يكشف عن أن الجيش ينال مستوى ثقة من المواطنين نسبته 94%.
ولكن هل يمكن للجيش التدخل في المشهد السياسي الراهن، وخاصة مع التجربة المستعصية التي مر بها المجلس العسكري أثناء إدارته الدولة بعد ثورة يناير، يضاف إلى ذلك أن الرجوع للسلطة سيكون مرتبطًا بحسابات متشابكة تتضمن شارعًا أكثر سيولة، لديه ثورة توقعات من السلطة الحاكمة، وقوى تيار إسلامي تعتقد أنها تمتلك الشرعية، وبالتالي فإن إخراجها من السلطة في 30 يونيو يمكن أن يدفعها للانخراط في حركات عنيفة ضد النظام البديل.
وبصرف النظر عن تلك الحسابات المعقدة، يظل سيناريو تدخل المؤسسة العسكرية أحد السيناريوهات الواردة، ومرتهنًا بالتطورات المرحلية التي يمكن أن تمر بها تظاهرات 30 يونيو، حيث تشترط المرحلة الأولى قدرة المعارضة على الحشد الجماهيري الضخم بصورة تقترب من الحشود التي كانت في ثورة يناير، ويكون لدى هذه الحشود القدرة على الاستمرار بالتوازي مع عدم استجابة السلطة الحاكمة، أما المرحلة الثانية فتنطوي على حدوث اعتصامات مؤثرة في المرافق الحيوية بالدولة، بينما ترتبط المرحلة الثالثة بتنامي العنف في الشارع على نطاق واسع، وانسحاب الشرطة، والاقتتال بين المؤيدين والمعارضين، إلى الدرجة التي تنذر بانهيار الدولة، والدخول في حرب أهلية. وعطفًا على ما سبق، تتدخل المؤسسة العسكرية للحفاظ على تماسك الدولة، وتصبح هي الحاكم الفعلي لتضع بنفسها ترتيبات المستقبل، وتؤطر العلاقة بين القوى السياسية.
يظل أن ترجيح أيا من تلك السيناريوهات سيرتبط بما يمكن تسميته بتفاعلات " اللحظة الثورية" نفسها، أي مدى قدرة المعارضة على الحشد يوم 30 يونيو وتوسيع رقعته، والصمود من أجل المطالب، ومدى قدرة السلطة الحاكمة على إدارة المشهد بطريقة غير صدامية بما يمكنها من إخراج الكتلة الحرجة من حسابات المعارضة عبر تنازلات " ناعمة"، وأخيرا مدى تصاعد العنف وانتشاره في محافظات مصر، لاسيما في ظل تأهب مؤسسات الأمن والجيش.
(*) باحث في العلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.