((عدن الغد)) المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية تحولت الذكرى الأولى لانتخاب أول رئيس مصري منتخب بعد ثورة 25 يناير، إلى دعوة لاحتجاجات شعبية عارمة، ومطالبات بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لا سيما وأن الآمال التي عقدها المصريون على الرئيس محمد مرسي اصطدمت بأخطائه هو وجماعته (الإخوان المسلمون) في إدارة الدولة في العام الأول لحكمه، مما خلف أزمات سياسية ومعيشية ومجتمعية. موضوعات ذات صلة ولذا، مثّل ظهور حركة "تمرد" ليس فقط تعبيرًا عن غضب المصريين من عدم الشعور بنتائج ملموسة في ملفات ظلت عالقة منذ الثورة (الأمن، الاقتصاد، التوافق الوطني)، وإنما تجاوزًا لأطر المعارضة السياسية المنظمة التي لا تزال تعاني إشكالات في تدعيم وجودها داخل المجتمع، مما أفقدها فكرة "البديل" السياسي لإدارة الدولة.
ورغم أن الرئيس مرسي نفسه اعترف في خطاب له قبل أيام بأخطائه في إدارة ملفات الدولة، فإنه في المقابل لم يرسم خارطة طريق تجمع الفرقاء المصريين، وتقلل من الاحتقان الشعبي ضد سياسات حكومته، كما لم يستطع إزالة الصورة العامة التي تعمقت على مدار عام من حكمه حول أنه يحكم هو وجماعته دولة لطالما لم تخضع على مدار تاريخها سوى لرئيس واحد.
إن الداعين لاحتجاجات 30 يونيو "يرون أنه يشكل منعطفًا لتصحيح ما شاب المرحلة الانتقالية بعد ثورة 25 يناير من أخطاء، بينما من يؤيدون الرئيس مرسي -خاصة من التيارات الإسلامية- يرون أن ذلك اليوم اعتداء على شرعية الرئيس التي نالها بانتخابات حرة، لذا بادروا ب"الحشد المضاد" في رابعة العدوية، في مشهد يعمق من الاستقطاب الحاد داخل مصر بين التيارات الدينية والمدنية.
وخلف هذا المشهد الذي يحكمه (قانون العدد) أي من سيحشد أكثر سيُجبِر الطرف الآخر على تقديم تنازلات؛ تقف المؤسسة العسكرية متأهبة تحسبًا لاحتمال تحول الصراع السياسي إلى فوضى وعنف لاحت مؤشراته قبل 30 يونيو في عدد من المحافظات التي يتعمق فيها الغضب أكثر؛ إذ إنها لا تزال تعاني تهميشًا تنمويًّا وسياسيًّا لم تستطع الثورة أن تواجهه.
إن محاولة فهم أبعاد ومآلات اللحظة التاريخية ل"الثلاثين من يونيو" لهو ما يسعى إليه هذا الملف الذي يحوي تحليلات معمقة لجوانب متعددة لتلك اللحظة التاريخية، عبر تشريح القوى الفاعلة الداعية إليها، والسيناريوهات المحتملة ل30 يونيو، فضلا عن استشراف احتمالات اليوم التالي لتلك الاحتجاجات.