يبدو أن الربيع العربي الذي أسرنا يوما وعشنا لحظاته التاريخية قد بداء يتغير تدريجيا حتى بات ذلك الحلم الزاهي يقلقنا كثيرا, هو الربيع الذي سيطر علينا في تفكيرنا وحركاتنا وسكوننا, لم يعد لدينا شي غير الغوص في أحاديث الربيع العربي التي لاتنقطع صيحاته التي تعلو في جميع ساحات المدن العربية التي شهدت أحداث انطلاقاته الأولى والتي كنا نأمل بأنها ستكون مثمرة نلمس ونقطف ثمراتها على ارض الواقع. أن مضي سنتين ونصف من عمر الربيع العربي كانت كفيلة ليس بشم رائحة التغيير الديمقراطي الحقيقي الذي خرجت من اجله ملايين الشعوب العربية في معظم دول وجمهوريات العالم العربي فحسب بل بقطف ثمار ذلك الربيع الذي غرست بذوره في ساحات الحريات ورويت ثماره بدماء الشهداء الطاهرة و بعرق ملايين المتظاهرين الذين خرجوا ينشدوا حلم ربيع عربي في أقامت دول مدنية ديمقراطية حديثه ومعاصرة, ذلك هو ماكان ينشده المواطن العربي من ربيع ثوراته تلك, لكن المؤسف أن هذا الربيع بدأ يدور في حلقة مفرغه, تنتهي من حيث بدأت وهكذا دواليك.
أن المتابع لما يجري في مصر اليوم من مظاهرات تطالب برحيل الرئيس/مرسي, وأخرى مؤيده له يشاهد السيناريو نفسه يتكرر لما حدث في بداية 2011 م , غير أن المتابع اليوم لم تعد ترافقه تلك النشوة والحماسة لما كان عليه الحال أيام ثورات ربيع 2011م , فالمشاهد والمواطن العربي ينتابه القلق من ربيع يتكرر اسمه فقط وتكون أحداثه هي أمواج خريف عاتية أو تسونامي شتاء يتفجر زلزاله من عمق المتوسط ومياه النيل الأزرق لأسمح الله ليشمل المنطقة العربية والمحيط برمته.
إذا كنا قد أمنا بالديمقراطية واخترناها وسيلة في التبادل السلمي للسلطة فعلينا الالتزام بهذا المبدأ عن طريق صناديق الاقتراع التي فضلنا الاحتكام إليها من قبل وخاصة فيم يخص الثورة المصرية التي قطعت شوطا في هذا المجال وتميزت عن ساير دول الربيع العربي الأخرى. وهذه المرة قد يكون لدى المعارضة المصرية الحق في التظاهر وجمع اكبر عدد مليوني للتعبير عن مطالبها بالإصلاحات الدستورية والقانونية وغيرها من المطالب المشروعة, وقد نتفق معهم بأن أدارة الرئيس /مرسي قد أخفقت كثير على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني ووصلت أدرته إي (مرسي) إلى فشل ذريع في تحويل أهداف الثورة المصرية إلى واقع يرضي غالبية الشعب المصري , وحيث لا نتفق مع الرئيس المصري في أخراج مليونية مؤيدة ومضادة في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ الثورة المصرية التي يتربص بها الأعداء الدوائر وتحاك ضدها المؤامرات الداخلية والخارجية فأن إخراجه لمثل هذه المليونية المضادة ما كأن ينبغي أن يتم وقد يقول قائل (أخواني ) أو من يتعاطف مع جماعة الإخوان بأن الرئيس/مرسي لم يدعو للتظاهر المضاد وأنما جاءت الدعوة من مناصري الشرعية الدستورية للحفظ على شرعيتها,فنقول بأن مرسي كان يستطيع وفي يده الاستطاعة ألان أن يدعو تياره المؤيد بالانسحاب من الميادين لكي لا يكون هناك أي تصادم بين الفريقين قد يؤدي في النهاية إلى أعمال عنف وشغب ربما تشعل الشرارة الأولى في حرب أهليه لأسمح الله.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه وقد أجاب عليه أحد المتظاهرين من جماعة الأخوان متسائلا يوم أمس على أحد القنوات الإخبارية العربية المتابعة للحدث المصري هو ماذا لو تم إسقاط نظام الرئيس المصري/محمد مرسي ورحل عن الحكم؟ فكانت الإجابة من ذلك الاخواني الذي غطاء الشيب شعر رأسه وكسا لحيته بياضا, كما توقعناها مسبقا وهي عودة الاخوأن ومناصريهم إلى الساحات مرة أخرى للمطالبة برحيل أي رئيس جديد من غير جماعة الأخوان!
أذن بهذه الطريقة ستدخل مصر في حلقه مفرغة من الدوران في ربيع مصري جديد وسينعكس ذلك على جميع دول الربيع العربي وسنبقى ندور في دوامة بين رحيل رئيس وانتخاب آخر دونما نلمس نتائج ايجابية لثورات ربيعنا العربي.
وأخير نقول لأنفسنا لماذا لم نتعلم من الشعوب المتقدمة التي سبقتنا في تجربة الديمقراطية والتي نجحت من غير ربيع متكرر والذين يقبلوا بنتائج الواقع في انتخاب رؤوسا بلدانهم باحتكامهم للنتائج التي تفرزها صناديق الانتخابات ثم يتركوا الرئيس يأخذ فترته الانتخابية كاملة ولو كان ذلك الرئيس لديهم متهما بالفساد أو الفشل أو حتى مشهورا بالغباء السياسي فأن فترته الرئاسة يجب أن تستمر إلا نهايتها وبعدها يتم رحيله وإزاحته بنفس الطريقة التي صعد بها لسدة الحكم, وربما في بعض الأحيان يتم محاكمته بعد تركه منصب الرئاسة لقضايا متعلقة بالفساد الإداري أو الأخلاقي.