الحديث عن عمر المرأة يثير جدلا، لأن معظم النساء يخفين ذلك ونادرا ما تجد امرأة تواجه الآخرين بعمرها الحقيقي، الأسباب تختلف من واحدة إلى أخرى لكن جلها تدور حول فلك الإحساس بالجمال والأنوثة. يقول الدكتور صابر عبد العظيم اختصاصي في الطب النفسي: إن إخفاء المرأة لعمرها محاولة لتجميل الذات، وهو ناتج عن عقدة نقص تعاني منها معظم النساء في المجتمعات العربية، وتتمحور حول الدور الذي تلعبه المرأة، أو الذي يجب أن تلعبه في حياتها مما يجعلها تشعر دائما بالضعف، فتحاول عبر شكلها الخارجي والحفاظ عليه تعويض جانب القوة الذي تفتقده، وقمة عطاء المرأة من حيث الحمل والإنجاب تنحصر بين “20 و 45″ سنة.
وعند تخطي هذه المرحلة أو الاقتراب من تجاوزها نجد أن اهتمام المرأة يتجه بالكامل نحو مظهرها وكيفية الحفاظ عليه لتظل شابة، أو على الأقل لتبدو كذلك مما قد يوحي باستمرارية العطاء حسب اعتقاد المجتمع واعتقادها.
وكما أن الجانب النفسي يلعب دورًا في هذا السلوك، كذلك الجانب الفسيولوجي “الجسدي”، فمن المعروف أن النساء أكثر عرضة من الرجال للأمراض النفسية، كنتيجة للتغيرات الفسيولوجية، وتحديدًا من خلال ما يعرف ب”متوازنة سن اليأس” التي تحدث نتيجة انقطاع هرمون “الإستروجين” الذي يؤدي إلى اضطرابات فسيولوجية ونفسية.
ويخلص إلى أن المرأة لن تصل إلى مرحلة التقبل الكامل لشيخوختها ما لم تشعر بالرضى عن ذاتها وعن كل ما أنجزته خلال حياتها، وما لم تدرك أن لكل مرحلة عمرية جمالها، خاصة حين تصبح جدة محاطة بعائلتها التي تمنحها الإحساس بالأمان والفخر والنجاح.
وتلفت الدكتورة فاتن أحمد الحناوي أستاذ علم الأنثروبولوجيا، الانتباه إلى أن هذا السلوك مرتبط بالمجتمعات العربية، فالمرأة في المجتمعات الغربية تعترف بعمرها بكل بساطة، على الرغم من أن مظهرها في كثير من الأحيان قد لا يدل على حقيقة عمرها. والفرق في ذلك إلى اختلاف نظرة المجتمع الشرقي إلى المرأة مقارنة بنظرته إلى الرجل فالرجال في مجتمعنا كلما تقدم في العمر أصبح أكثر نضجًا ووقارًا، بينما يكون الوضع غاية في البؤس بالنسبة إلى المرأة، لأن دورها في الحياة من وجهة نظر المجتمع يتركز في الزواج والإنجاب، وهما مرتبطان بالشباب، فما أن تتقدم المرأة في السن حتى يفقد المجتمع اهتمامه بها، وهذا من أهم الأسباب التي تدفعها إلى التكتم بشأن عمرها.