الأول هو , الرئيس عبدربه منصور هادي, والثاني هو, رئيس الفريق الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني, السيد محمد علي أحمد, أما ما بينهما, فشبهةُ التنسيق بشأن الحوار ومخرجاته النهائية, وتحديداً ما يتعلق بالقضية الجنوبية بدايةٌ لابد من الإقرار بان حوار«دعونا نوعدهم بالقطاعي وبعدين نحلق لهم بالمفرق» لم ينطلي علي الشارع الجنوبي كما وأخفقت الفهلوة والدحبشة وتكتيك دق الصدر ببطن الكف خلال الخمسة شهور المنصرمة من عمر الحوار أخفقت في كف الشعب الجنوبي, عن مسعاه لنيل الحرية والإستقلال. فالمتابع لما يدورفي أروقة فندق ال«موفمبيك» لا يحتاج الى كثير من الفراسة, لإكتشاف فشل جهود الفرض للأمر الواقع, وإن جهود الربع الأخير من الساعة, تُبذل لإخراج الفشل بصيغة لها طعم النجاح, تحفظ لأصحاب الفكرة ماء الوجه, وللوحدة, بقايا أمل في نفوس منتفعيها قبل مريديها
نعود الى شبهة التنسيق, فالعلاقة التاريخية بين رئيس الدولة ورئيس الفريق ليست بخافية على أحدٍ, بل أن البعض يُرجع قرار "مؤتمر شعب الجنوب" المشاركة في الحوار لدهاليز تلك العلاقة. والقول بالشبهة لا يعني بالضرورة قدحاً أو ذماً, وإنما تأملاً, لما يمكن تسميته ب«دينمو» إنتاج الحل, تأملاً بتخوف أن تأخذهما العزة بالإثم, ويكرران سيناريو نفق «جولد مور» الذي دار خِلسة بين العليين في 29 نوفمبر 1989م. وأني لنا كجنوبيين حينها أن نتكهن بحال بضعة وثلاثين محاور معزولين عن بيئتهم أمام كَمْ, و500 محاور, معززين بجنبية صالح وعَسْيب صادق, وبسيفِ مجلس الأمن الدولي وعِقالٍ خليجي
الشبهة تبدو واضحة في قرار تأجيل الحسم لجلسة المداولات الختامية للمؤتمر في سبتمبر القادم. قرارٌ قد يتبدى للبعض بأنه بُني على حكمة الجمع, في إبداع الحل, فيما هو قيد لإبتزاز الإرادة الجنوبية برغبةٍ جنوبيةٍ. فالقضية والرئيس جنوبيان, بمعنى إننا موعودون في ختام الحوار بتصادم إرادة الشعب الجنوبي برغبة الرئيس الجنوبي. صاحب عبارة «الباب يفوت جمل», التي قُيلت في جلسة الإفتتاح. ويبدو أن تلك العبارة لم تغب عن ذهن المنصة وهي تحيل القرار النهائي للجلسة الختامية, بما ينطوي عليه من رهانٍ, على قدرة النوع, في تسويق فخ الإتفاقية الخليجية لإبتزاز المحاور الجنوبي الذي يعاني ضيق أفق القيادة وضعف قدرتها على المناورة
وبصرف النظر عن المقاطعة الجنوبية لجلسات المؤتمر المعلنة بعد عيد الفطر فأن القراءة الدقيقة للسياق الذي سار عليه المحاور الجنوبي بداءً بقرار المشاركة في الحوار المُتخذ في فندق «جولدمور» على قاعدة الإتفاقية الخليجية, مروراً بجعجعة الصريمة من عُمان, وإنتهاءً بالبديل الأعوج لمحمد علي أحمد وما تلاه من دعوة بأثر رجعي لاعتماد مبدأ الندية والأرض المحايدة للحوار.
إرتباك وتناقض كهذا, نتاج طبيعي لغياب إستراتيجية حوار جنوبية واضحة, ولمزاج فردي إرتجالي لم يستند الى أي منهجية في التفكير ولا الى أي تكتيك في الأداء وإنما لما تذهب اليه الشبهة, أو, لما تجود به تساهيل القناعات المحلية والعربية والدولية. على هذه القاعدة يمكن فهم, تخبط السيد رئيس الفريق الجنوبي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في فندق موفمبيك في 31 يوليو الماضي تخبطه في تعريف الجهة والشعب الذي يدعي تمثيلهما, هل هما الجنوب والجنوبي, أم اليمن شماله وجنوبه كقوله «كنا نفضل أن نضع قرارنا كيمنيين لأنفسنا» وفي مكان آخر عبر عن الرغبة في إرضاء الشعب بالقول «أن نفعل كل ما يرضي شعبنا في الشمال والجنوب» وختم «نتمنى لشعبنا اليمني شماله وجنوبه التوفيق والنجاح» هكذا إصطلحات فيها ما يكفي للذهاب بعيداً بشبهة التنسيق تجاه الحل النتهائي رُب قول بأن: المقام لم يك مواتٍ للمقال, أمرٌ كهذا يمكن تفهمه الى حدٍ ماء, لكن الخوف كل الخوف, أن ينسحب مبرر القول على مبررٍ لتوقيع محتمل.. لا نريد التشكيك في إخلاص أحد, لكن غياب مرجعية حوار جنوبية منتخبة تجعل من كلٍ, مرجع ذاته, أو الأكبر سناً ونضالاً, مرجع مجموعته, لتنسحب تلك المرجعيات بالنتيجة على الشعب الجنوبي دون إرادته, وهذا ما يجب التنبه له قبل أن يقع الفأس بالرأس في 18 سبتمبر القادم ف للسن والنضال التقدير والإحترام, شرط إلا يفوقا المكانة التي للوطن
إجمالاً أياً كان محتوى الوثيقة التي لوح بها السيد محمد علي أحمد بيمناه خلال ذلك المؤتمر فالتعابير بعامة والعبارات بخاصة أسُتمدت من قاموس الوحدة الجنوبي لما قبل حرب صيف 94 وأن تخللتها إستدراكات لفظية مثل: «سقوط شرعية الوحدة في 7 / 7» و «إرادة شعبنا الجنوبي» أو «لدينا البديل الأعوج» إستدراكات جاءت في سياق تبريري مما جعلها تنطوي على نقائضها, لذا لا يمكن البناء عليها عند الفرز الختامي لنتائج الحوار وبخاصة إذا ما تم كسر التمنع بالعودة الى الى الحوار دون توفر شرطي الندية والأرض المحايدة
ما يمكن إستنتاجه المؤتمر الصحفي للسيد رئيس الفريق الجنوبي المحاور: أن القضية الجنوبية شأنها شأن بقية القضايا اليمنية تنتهي بإنتهاء المتنفذين عن ممارساتهم, وأن الحديث بالمحصلة كان جنوبياَ بمبناه الوحدوي أما الجنوب بهويته الوطنية ومعناه السيادي, فكان الغائب الأبرز في كل ما بدر عن رئيس «مؤتمر شعب الجنوب» وتبقى الشبهة معلقة الى إن تؤكدها العوده الى قاعة «الموفمبيك» او ينفيها التمسك بالندية والأرض المحايدة
وختاماً لابد من الأشادة بمقترح الحل للقضية الجنوبية, الذي طرحه الأخوة في تكتل الجنوبيين المستقلين برئاسة الأستاذ عبدالله الأصنج, لما يمثله من جرأة في الطرح وقوة في الحجة على نحو غير ملحوظ لدى بقية التيارات الجنوبية المشاركة في حوار صنعاء الوطني