احذروا أن تكونوا مثل من قد محّصوا للدنيا كل ما لهم من أعمال وأصبحوا لا يقصدون بتصرفاتهم إلا الدنيا ، وأما الآخرة فلا تخطر لهم على بال . أخذت الدنيا أسماعهم وأبصارهم وعقولهم بما فيها من الزخارف الوهمية التي هي مراقد الفناء ومرابض الزوال وقاتلة الأوقات . كما يفعل المتنفذون شركاء السلب والنهب والفيد في زماننا هذا وفي بلادنا . وهل هي إلا الألعاب والملاهي المشار إليها بقوله تعالى (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ ) الآية ، وقوله تعالى ( وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) الآية ، وقوله ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) الآية .
كل ما ترون من البلايا والمحن من أجل الدنيا لمتاع حقير أيها المتنفذوب ، النهابون ، الغاصبون ، عجب أن يكون هذا الإهتمام من أجل دار الغرور وأيامها معدودة ، وكل ما فيها من لذائذ معلوم أنها منغصات ثم منتهيات ، ألم تعتبروا بمن سبقكم ، فلا توهمون الناس أنكم برغد من العيش بسبب الحرام ولكنكم تعيشون حياة لا تطيقها العقول السوية ، ولا تستهويها أهل المروءة والشهامة من الصادقين الشرفاء وكم في بلادنا من الشرفاء الفضلاء الأخيار لو أقسم على الله لأبرّه ولكنهم يعيشون في كنف الرحمن ، وبعز العزيز المتعال ، رغم الحيف والتهميش الذي يعانوه من أشباه البشر إلا أنهم عرفوا كيف يسلكون طريقهم ، فهم في أعمالهم متفانين مخلصين ، وفي المدن والقرى ملتزمين بالسكينة والوقار ،.
وفي دور العبادة يصلون ثم يقلبون الصفحات من الكتب المتنوعة منها ( كتاب ربهم ، وكتب العلماء الربانيين ) فينهلون من وافر العلوم التي بعدها يكشف الله لهم حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة ويبين لهم الأمور فيعرفونها على حقيقتها ، فيصلحون ما فسد من حالهم ويتداركون ما بقي من أعمارهم في العمل الصالح ومتابعة المقصد النبيل ومجاهدة النفس في إصلاح النية لله ومن أجل الله ، فقوم مثل هؤلاء اجعلوا لكم معهم نصيب من الزيارة يا أيها المنهكون في سلب قوت الشعب ونهبه ، اجعلوا لكم نصيب من الزيارات لمثل هؤلاء الأخيار فإن الصاحب ساحب لعل الله أن يفتح الله قلوبكم وعقولكم فيريحكم من التعاسة والنكد بسبب الانهماك في السلب والنهب المنظم وانشغالكم في تكديس الثروات التي تكفي لشراء جزء من بلاد الصين وما الفائدة ، هل تدرون أنه سيكون حطب جهنم ليحرق بها جلد صاحبه والعياذ بالله من ذلك .
وأما شبابنا فنقول لهم الخير كل الخير في التعلق بالله سبحانه ، وإن ضاقت فلا بد من الفرج القريب ، وقدوتكم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد عاشوا قمة السعادة وقد سادوا الأرض جميعا بصبرهم وتعلقهم بربهم ، فأنتم قد جربتم بمن شرّق وغرّب وانظروا بتعاسة حالهم ، أفتجربون المجرب . لا وكلا . بل على منهاج الوسطية ، والسعي برفق ورويّة مع تعلقكم بخالقكم لتصلوا الى المجد والسؤدد قريبا بإذن الله .
فلا المخدرات نفعت أصحابها ، ولا السلب والنهب أسعد أهلها ، ولا الحرام دام ... انظروا ممن هذا حاله واعتبروا واقتدوا بالصالحين فقد عاشوا في نعيم وماتوا وهم في نعيم ولما لا تقتدوا بهم ؟.
نسأل الله لنا ولكم العفو والعافية والنصر المؤزر ، والتمكين والسؤدد في القريب العاجل .
نسأل الله أن يصلح العباد والبلاد والحمد لله أولا وأخيرا .