العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    مانشستر سيتي يسحق ليفربول بثلاثية نظيفة في قمة الدوري الإنجليزي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص مخطوطة بالدم عدنيات يتحدثن .. أكلوا لحومنا ونحن على قيد الحياة !
نشر في عدن الغد يوم 26 - 01 - 2011


كتب / أماني بيحاني
قبل أيام قليلة رن هاتفي وكان رقم غريب لا أعرفه ، اجبت على الاتصال وإذا بصوت أعرفه جيدا صوت صديقة عزيزة على قلبي مرت سنوات لم اسمع صوتها منذ تزوجت وسافرت إلى المملكة العربية السعودية من إمام مسجد هناك و كان متحفظ جدا لم يسمح لها بامتلاك هاتف جوال فانقطعت عن الجميع وكنت بين كل فترة وأخرى اعرف أخبارها من أسرتها، فرحت جدا باتصالها وقالت بأنها في زيارة لليمن وقد اتصلت بجميع صديقات الدراسة لنلتقي عصر اليوم التالي .
لم أنم ليلتها افتكرت أيام (الزمن الجميل ) ، كيف كانت عدن الثقافة والحضارة جميلة بأحلامنا البريئة والبسيطة ، وكيف كنا نحلم بصوت عالي ، لم تكن لدينا أسرار كثيرة ، كانت أحلامنا لا تتعدى أوصاف فارس الاحلام الذي يأتي على حصان أبيض في مستقبل العمر.
لم تكن لدينا أية خصوصية وكنا نشترك مع أفراد العائلة بكل التفاصيل اليومية وأن رن هاتف المنزل يتجمع الجميع للسؤال عن المتصل ، كان لا يمكن استخدام الهاتف بعد العاشرة مساء فليس من الذوق إزعاج الناس بهذا الوقت المتأخر ، لم تكن لدينا مكالمات بعد منتصف الليل ، لم نسمع عن تخفيضات للاتصالات إطلاقا ولم نكن نهتم لهذه المسائل، لم نكن نخرج من البيت للتنزه غير مع الأسرة ، لم يكن يسمح لنا أهلنا بالذهاب للرحلات المدرسية ، وأفتكر بأننا لم نكن نحتج وذلك لأنهم قاموا بتربيتنا بطريقة جميلة جدا ، وهي زراعة مبادئ بداخلنا تجعلنا نرفض الذهاب تلقائيا ، كانت حياتنا راقية جدا ، كنا ملوك عصرنا كل شي في البيت متوفر ، كانت لدينا غرفة مخصصة لمخزوننا الشهري من المواد الغذائية كنا نسميها (الأستور ).

وهي بالفعل اسم على مسمى كانت ساترة الناس ،لم نكن نستلف الدقيق والسكر ، وكان الحليب البودرة يزينها ، كان كل شيء فيها بالشوالة ( الجونية ) ، لم نكن نسمع عن شيء اسمه الفراسلة أو الرطل أو الكيلو ، لم نكن نشتري الماء ، أو جهاز فلتر لتصفيته ، كنا ننتقل بين المناطق عن طريق سيارات بيجو ( بيجوت ) ننتقل ببساطة وسهولة ونصل بالوقت المحدد، لم تكن لدينا ميكروباصات متهالكة ضيقة وكأنها صنعت خصيصا للسنافر وليس للبشر وتتوقف بين كل عشرة أمتار لنزول راكب وصعود آخر أصبحنا لا نعرف كم هو الوقت الذي سنستغرقه للوصول إلى المكان الذي نريد ، فلكل سائق مزاج مختلف عن الآخر .

كنا لا نتأخر عن المنزل بمجرد حلول وقت المغرب ،لنجتمع تحت شاشة التلفزيون ونشاهد برامج الأطفال التي تروي لنا حكايات تفيدنا بالواقع كانت تعلمنا دروس وعبر، تعلمنا الصبر من سالي وقيمة حب وصمود العائلة على العطش والجوع من أسرة فلونه وأسمى معاني الصداقة من زينة ونحول وعرفنا الدول من سبع المدهش وسندباد ،تعلمنا التعايش مع زوجة الأب وعدم ترك المنزل مهما صار من سندريلا ، و ماهو الأمل من النسر الذهبي وعرفنا أن الطمع والجري خلف المال يقتل صاحبه من جزيرة الكنز ، عرفنا التضحية من اجل الأخوة من حورية البحر وأخواتها ، لم يكن أبطالنا مثل أفلام كارتون هالايام رجال من صفيح يحملون قوات خارقة خيالية أبعد من تفكيرنا واستيعابنا أوألعاب متحولة كالبوكي مون ،أو أفلام من الخيال العلمي الذي يفصلنا تماما عن الواقع الذي نحن فيه ، برغم بساطة تفكيرنا لم يستغلنا أيا كان لاماديا ولا معنويا ، لم يتم العبث إطلاقا بمشاعرنا ولا سرقة أموالنا إلا شعوريا فلم تكن لدينا برامج تحمل اسم تلفزيون الواقع مثل ستار أكاديمي ولا سوبر ستار الذي استهلك شبابنا عاطفيا وماديا ، كنا وكنا وكنا .
وجاء عصر اليوم التالي ، وقبل الوقت كنت جاهزة ، وصلت إلى منزل صديقتي الذي لا يفصلني عنه سوى شارعين ، سلمنا على بعض و نحن في قمة السعادة ، كان من الصديقات الموجودات منهن من تزوجت ومنهن من تطلقت ومنهن من مازالت آنسة ، كانت الجلسة جميلة جدا ،كل واحده فينا تحكي عن أيامنا الحلوة مع بعض ، كنا مبسوطات جدا جدا ، وفجأة رن هاتف صديقتي السعودية وبدأت بالبكاء ، فحاولنا تهدئتها وقالت هؤلاء أهل زوجي يريدوني أن أعود إلى السعودية بأقرب فرصة لأن زوجي أنتهز فرصة وجودي عند أهلي مع أولادي وبدأ يخطط ليطلقني حتى يمنعني أهلي من العودة ويتهرب من مسئولية تربيتهم ،فقلت لها : أليس هذا هو الرجل المتدين الذي كنت تتمنينه . فقالت : نعم هو بحد ذاته ، ولكنه أصبح شخص آخر ، منذ تزوجت وأنا صابرة على أمل أن يتحسن حاله ،الرجل لا يريد أن يعمل إطلاقا فالراتب الذي كان يتقاضاه كأمام بسيط جدا لا يشبع ولا يكسي أطفالي والآن توقف الراتب بعد نزول قرار في المملكة بسعودة أأمة المساجد ، رفض أن يعمل بأي وظيفة ، أنا التي تربيت على عزة النفس أصبحت أعيش على الصدقات من الناس ، تمضي علينا أيام ونحن نتضور جوعا .
وتضيف:" عدت إلى اليمن حتى أشتكي لأهلي ليضغطوا عليه ، ولكن رأيت حال أهلي قد تبدل ، والدي الرجل الغني الذي كان بيته يجود بكل مالذ وطاب ، أصبحت مائدته خاليه ، أستبدل السمك بالبصل ، و( الشتني ) أستبدل بعلبة زبادي أن وجدت ، والشاي الملبن أصبح أسود ، وحتى جهاز التكييف صغر حجمه ، وكم مرة رأيت والدي يحدث نفسه وهو يراجع مالديه من مال متواضع . رأيت نفسي مع أولادي سنكون حمل ثقيل على هذا الرجل الطيب ، فاخترت الصمت والعودة من حيث أتيت ،وضاقت بي عدن الحبيبة ، على الأقل في السعودية يوجد أهل خير يتكفلوا برعايتنا ، ويعلم الله بأن الأكل الذي أتناوله كأنه جمرات من نار من قهري على حالي ولكن قلة الحيلة ،وعسى ربي يجعل العوض في أولادي فزوجي البخيل الذي كان يرفض امتلاكي للجوال أصبح يطالبني بالخروج للعمل حتى أصرف على أولادي ، مات كل شي فيه .
قصة أخرى
بينما كنا نستمع لها قاطعت الحديث أحدى صديقاتنا وهي متزوجة في بريطانيا قائلة : أنا عندما سمعت خبر زواج زوجي ، طالبته بالطلاق ، فاتصلت بي أمي قائله يا أبنتي أصبري فأنا لست حمل مصاريفك مع أولادك ولا تفكري تعيشين باليمن فزوجك ضاع ولا تضيعي أولادك أيضا ، على الأقل اضمني لهم مستقبل ممتاز في لندن ، في هذه اللحظة أدركت بأني بلا سند ، وعند سكوتي تمادى زوجي وقطع عنا المصاريف ، وأصبحت الحكومة البريطانية تدفع لنا المصاريف ، بعد ذلك قررت أدفن شبابي في أولادي على أمل أن يعوضوني في المستقبل ، هل تصدقوا بأني عند حضوري إلى اليمن رفض حتى أن يشاركني بثمن التذاكر ، كنت ألوم أمي كثيرا لأنها جعلتني ضعيفة أمامه ولكن بعد عودتي إلى عدن ، أدركت لماذا هي فعلت ذلك ،ففي بيتنا غاب نظام الثلاث وجبات ، اختصروها في وجبتين كنوع من التقتير ، والفاكهة تدخل بيتنا مرة كل أسبوعين على نظام جمعة فاكهة وجمعة لا ، وحتى الفاكهة تشترى بحسب عدد أفراد الأسرة بالضبط ، لا زيادة ولا نقصان ، ولا يوجد شيء في الثلاجة أن فكرت تأكل عندما تجوع فعليك الانتظار حتى الطبخ الجماعي في إحدى الوجبتين .
الثالثة تتحدث
وهنا قالت الثالثة : أنا سأحكي لكم حكاية جارتنا وعندها ستعلموا بأن أزواجكن ملائكة ، فقد أبتلي جارنا بمضغ القات وأصبحت عائلته الكريمة تسرح وتمرح وهو الميت الحي ، فالأم تستخدم أبنتها الجميلة لاصطياد الشباب في الأسواق ،وترغمها على الأخذ والعطاء معهم وتنتظرها لتأتي محملة بالأكياس وأرقام هواتف ، و الأب المسطول مثل الطفل الذي يفرح بالألعاب ، لايسأل من أين لهم المال ، فهو يعلم جيدا بأن الرد سيخدش رجولته وهو ليس عنده استعداد لتضييع مزاج القات .
حتى عندما أشتكى له شباب الجيران من تصرفات أبنته ثارت ثائرته عليهم وأحضر الشرطة للشباب ، وعندما حدثت مشكلة مع ابنته الكبرى التي تعارض بشدة ما تقوم به أختها ووالدتها قام الأب بضرب أبنته الكبرى وجعلها تعتذر لأختها الطائشة ، حينها قررت الكبرى عزل نفسها تماما عنهم، فمنعوها من الخروج كنوع من الضغط حتى لا تضايق أختها أثناء مكالماتها الليلية ، فهي تسهر من أجل لقمة العيش ، لقمة مغموسة بالذل والامتهان.
واخرى ايضا
وتحدثت أخرى قائلة : نحن قاطعنا عائلة عمنا المتوفى بشكل نهائي وذلك لأننا علمنا بعد وفاة عمي بأن ابنته تسهر بالفنادق ، وعندما ذهب والدي لإحضارهم للعيش معنا رفضت زوجة عمي بشكل قاطع وافتعلت مشكلة حتى تنقطع الصلة بيننا ، أصبح منزل عمي وكر للنساء اللاتي يتعطين القات والشيشة ، وتغيرت ملامح ابنة عمي أصبح وجهها شاحب أسود من ارتكاب المحرمات .
وتضيف:" وعندما تواصلت معها حتى أقنعها بالعدول عن هذا الطريق وبأني سأساعدها ، قالت بحزن : أنا خلاص انتهيت من زمان ، الله لا يسامح والدي الذي جعلني أضيع ولم يعترض . وقلت لها : هل عمي كان يعلم بذلك ، فضحكت وقالت : كان يضربني أن لم أحضر له المال لتناول القات ، و يجبرني للنزول إلى الشارع ويقول لي أتصرفي ، وكنت أتصرف ببيع جسدي ، والدتي في البداية اعترضت ولكن كانت تصمت عندما ترى المال ، والآن أصبحت تعلمني كيف أتفنن بجذب الزبائن .
قاطعتها أحداهن قائلة : الله يقرفكم وش هالحكايات ، يعني زوجي سأصنع له تمثال ، كنت أسميه السفاح وذلك بسبب العذاب الذي يذيقه لأطفالنا ، كان مسطول بمضغ القات والآن أصبح ( مديز ) .
قلنا لها : القات وعرفناه وش مديز هادي .
قالت : يعني يشرب حبوب ( ديز بمب ) ، وهي حبوب مخدرة ، أصبحت لسانه مكسورة وثقيلة من التعاطي ، ويضرب الأولاد بطريقة هستيرية ، ولدنا الكبير يتأتئ بالكلام ، والولد الثاني يتبول فوق نفسه من شدة الضرب ، وأنا أدخل بالنص وأنال قسطي من الضرب .
وتضيف:" وغاب الاحترام فيما بيننا فأن ضربني على وجهي أضربه على وجهه ، وماشية الأيام بيننا على هذه الطريقة ، فقد ضجر أهلي من كثرة مشاكلي معاه ، وياليته يعطيني أولادي وسأتركه لأني أخاف على أطفالي منه ، يوم المشاهرة اسمية يوم المشاجرة ، على مستوى العالم يفرح الناس بهذا اليوم إلا زوجي , تصيبه حالة اكتئاب فبائع الصيدلية يريد ثمن الدواء وبائع القات يريد أيضا وكذلك بائع البقالة الذي لا نأخذ منه سوى الأساسيات ، والوحيد المرتاح بائع السمك والخضروات لأنها أصبحت من المحرمات عند زوجي ، وأطفالي كبروا دماغهم ولايطالبونه بمصاريف المدرسة .
مشاكل الآنسات
وقالت صديقتنا التي لم يسبق لها الزواج : أخي الكبير جعلني أكره شيء اسمه رجل ، كنت أرى معاملته السيئة لزوجته الطيبة ، كانت أمراءه صبورة عاشت معه على المر قبل الحلو ، خلفت منه أربعه أولاد ، وعندما استقر ماديا بعمل ممتاز طلقها ، ذهبت لبيت أهلها الممتلئ بإخوتها المتزوجين ، فأخي لم يكن يصرف عليهم بما شرعه الله ، تصوروا يعطيهم نهاية كل شهر العشرة الاف فقط بينما راتبه يتعدى المائة ألف ، المسكينة تقوم بطباخة البخور والايسكريم لتصرف عليهم ، والنتيجة كانت هروب ابنهم الكبير من المنزل والالتحاق بإحدى التنظيمات المتطرفة ، فهو على حد قوله لا يريد أن يتزوج ويخلف ومن ثم يتركهم للعذاب .
وتحدثت أخرى قائلة : عندما خطبني زوجي لم تسعني الدنيا من شدة فرحي ، فقد تربيت في أسرة مفككة والدي منفصل عن والدتي ، كنت أعيش مع والدتي مبسوطة حتى قررت أن تتزوج ، وقامت بأخذي لوالدي واحتفظت بأختي الصغرى ، زوجة والدي جعلتني أعيش كابوس حقيقي ، كانت ووالدي يعاملوني بعكس أخوتي ، وعندما خطبني زوجي الدكتور وافقت على طول ، لكن ماحدث لاحقا جعلني اكره الزواج كان زوجي الدكتور العريس الذي لا يعوض يعاملني بطريقة غير أخلاقية وكأني حشرة ، وفي يوم من الأيام ضربني حتى فقدت الوعي ، ذهبت إلى بيت أهلي مع أطفالي الاثنين ، ولم يسأل عني وبدأت زوجة والدي تعيد ذكرياتها القديمة معي كانت كل يوم تخترع قصة لتعذبني ، لم أتحمل فاتصلت عليه واعتذرت أنا منه ورغم عدم ترحيبه الا انه اعادني.
وعدت إلى منزلي ، ليس حبا فيه ولكن خوفا من ان أتطلق منه ويعيش أبنائي معذبين مثلي أنا وأختي الصغرى التي ضاعت ، فأختي الصغرى طردتها أمي من منزلها بعد أن أخبرتها ان زوج أمي يتحرش بها ، لم تصدقها أمي أو اعتقد لم تريد أن تصدقها لأنها لا تريد أن تصبح مطلقة للمرة الثانية وتعذب أطفالها الجدد ، فقد أكتفت بتعذيبنا نحن ، عادت أختي إلى بيت والدي ولم تتحمل معاملة زوجة أبي فهربت من البيت ولم نعرف لها طريق منذ سنة .
وقالت أحداهن وهي مطلقه منذ أشهر قليلة مضت : أنا تم بيعي على طبق من فضة ، تزوجت من تاجر كبير وكان يعلم أهلي جيدا بأنه سيتزوجني فقط للمتعة ، لم اعرف بذلك غير إلا عند اختفاءه بعد ثلاثة أشهر من زواجنا ، أخي ووالدي كانوا متفقين مع الرجل على كل شيء ، المهم طلعت من هالزواجة بشقة في مدينة سكنية .
في البداية قاطعت أهلي ورفضت العودة إلى بيتهم ، ولكن بعد فترة كانت جدران الوحدة تأكلني والبيت ينقصه رجل ، فقررت العودة إلى عند أهلي وقمت بتأجير شقتي ، ومازال أهلي يستغلوني فإيجار البيت يذهب لوالدي وأخي .
قبل الختام
بينما كنت منسجمة في الاستماع إلى القصص التي يشيب لها الشاب ،، رن هاتفي وكان المتحدث والدي ، وقلت ألو ، خير .
كان والدي يصرخ ويقول : ماعندك ساعة بأيدك ولا فهمتي الحرية اللي أعطيتها لك غلط ، رأيت الساعة وكانت الثامنة مساء ، فقلت له بفرح : هلا حبيبي ، تصدق يا أغلى وأعز رجل بالدنيا لأول مرة يسعدني أنصالك وسؤالك عن سبب تأخيري ، ولأول مرة أقولك شكرا يا والدي العزيز لأنك خائف علي.
عند عودتي إلى البيت قبلت رأس والدي ، وشكرت ربنا على النعمة التي نحن عليها ، لأننا نحمد الله في السراء والضراء ، أبائنا في الماضي غير آباء هالزمن ، وعندما تأتي علينا أيام لا يوجد في البيت ما تعودنا عليه من أكل وشرب يقول والدي ( نحن لسنا في الجنة فلابد أن تأتي أيام نجوع فيها ، لنشبع لاحقا ) .
قرائي الاعزاء أعلم جيدا بأن ماكتبته هو القليل القليل من ما نراه ونسمعه هذه الأيام ، فالقلوب قست ، والعقول تبلدت ، والآذان صُمت ، والأفواه بُكمت ، والأعين عُميت ، وفقدنا الإحساس بالغير ، بعدت المسافات بين الآباء والأبناء ، واتسعت الفجوة بين حب الدنيا والعمل للآخرة ، تم إشغالنا بالجري خلف لقمة العيش كجري الوحوش في الغابة ، فقانون الغاب أصبح يطبق في مدينة عدن الغالية ، الكل ينهش بالفريسة الأضعف ، باع بعض الأهالي شرفهم وأكلوا لحم بناتهم وهن أحياء ، ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) .
بعد يومين اتصلت بصديقتي السعودية وكانت شريحتها اليمنية مغلقة ، فعرفت أنها سافرت وتركت عدن بما فيها لأهلها .
عذرا عدن الحبيبة ، هجرتك القصص الجميلة التي كانت تروى عنك ، رحلت أيامك الجملية، استكثر وا الجوع علينا فراحت لمت الصديقات ، وأثقل بنات عشرينيات بهموم كثيرة وكأنهن في الثمانين من أعمارهن .
"عدن الغد" بأذن الله ستكون أجمل وأحلى ، على هذا الأمل سنعيش ، فنحن أهل عدن لا نعرف اليأس ، كلنا أمل وكلنا شباب وحيوية ، سننتظرك ،، فلا تتأخري .
*تنويه: يمنع إعادة نشر الماده أعلاه دون الإشارة الى المصدر-عدن الغد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.