كثيرا ما نسمعها ونرددها غير مدركين معناها الحقيقي وماتحمله في طياتها من معان ومدلولات لعمقها وأهميتها التي يجب أن نفهمها كلما كررناها ونطقناها في لحظات الشوق والحنين والرغبة في الدفاع والذود عن الوطن والتضحية من أجله في سبيل أن يرتقي ويزدهر ويتحرر من براثن الظلم والاستبداد والديكتاتوريات.. نقولها وكأنها مجرد كلمات خلت من المضامين والمعاني التي تدل على أهمية الشيء وقيمته وكأن الوطن يقبل التضحيات بالكلمات المعسولة والرنانة التي نتشدق بها في لحظات النشوة والزهو والفرحة ولحظات( الشطح) والتباهي أمام الآخرين وإظهار أهمية الوطن الذي في الغالب يعاني من (همجيتنا) نحن أبناءه وظلمنا له وإجحافنا في حقه وربما إنهاك قواه..
فبالله كيف نموت ويحيى الوطن ونحن من نقتل الوطن , وننخر في جسده وننهك قواه؟ كيف نريده أن يحيى ونحن من نستغله ونستنزف خيراته وننهب ثرواته ونحن من نبحث عن مصالحنا حتى وإن كانت على حسابه؟ كيف يحيى الوطن ولم نسعى لأن نحييه ونبث الحياة في أوصاله وبين ثناياه التي تئن وتتوجع من أفعالنا ودناءتنا التي بلغت مبلغها؟
كيف سيحيى الوطن ونحن لم نتغلب على مشاكلنا ونتجاوز سفاسف الأمور وصغائرها التي أوقعتنا في حبائل الفرقة والعداء وزرعت بداخلنا الغل والبعض لكل شيء, فبات الواحد منا يترصد أخطأ الغير ويتحين الفرصة لينقضه عليه ويرديه قتيلا..
لن يحيى الوطن لكلمات معسولة يتمرر طعمها في لحظات, ولن يحيى لشعارات هوجاء جوفا خالية من المضامين والمدلولات نقولها ولا نؤمن بما تحمله في جوفها من معان وقيم وأخلاق, لن يحيى الوطن طالما ومشاكلنا وأحقادنا ومصالحنا قد أعمت بصائرنا وزرعت الفرقة والشتات فيما بيننا وخلقت العداء والبعض بداخلنا ولم نعد نحتمل بعضنا البعض أو نقبل بالآخر إذا أختلف معنا.. كيف سيحيى الوطن وكلا منا يغني على ليلاه ويغرد خارج سرب الجماعة ويبحث عن مصلحته ويشذ الجماعة؟ كيف سيحيى ولا تزال قلوبنا شتى وأحلامنا دونية وأمانينا سطحية ورائحة مشاكلنا قد فاحت وأزكمت الأنوف, وبتنا (شذر مذر) لا توحدنا الأهداف ولا تجمعنا الآراء ولا تؤلف بين قلوب مصلحة الوطن ولا تلملمنا أنات أبناءه ولا يعنينا أمن وطننا ورقيه وازدهاره, ولا تؤثر فينا دموع ثكلاه وحسرات شيوخه وآهات شبابه..
لن يحيى الوطن ونحن لم نجتمع على قلب رجل واحد ولم نشابك الأيدي ونعاضد السواعد ونقارب وجهات النظر ونتجاوز همومنا ومشاكلنا وصغائرنا ونسموا ونرتقي فوق كل شيء إن كان يهمنا أمر وطننا كما نقول وندعي..
لا داعي لأن نغالط أنفسنا بتلك الشعارات الجوفاء والكلمات المعسولة ونقول غير كل ما نفعل فلن يحيى الوطن ويرتقي طالما وفينا من ينخر في جسده ويستنزف خيراته وينهب ثرواته ويدمر مصالحه ويقتل أبناءه,لن يحيى الوطن حتى نحيي حبه في دواخلنا ونبنيه بداخلنا وننبذ الفرقة التي شتتتنا والمشاكل التي مزقتنا والأحقاد التي ناثرتنا..