يحكى أن رئيس دولة نامية أراد أن يختبر ذكاء ابنه وحسن تصرفه لأنه كان يعده خلفا له رئيساً لتلك الدولة .. فأستدعى ابنه لقصر الحكم .. وفي مكتبة الأنيق ناول ابنه صره كان قد وضع في داخلها اعداد كبيرة من صغار الفئران .. وطلب من ابنه أن يستلم الصرة ويفتحها لتخرج منها صغار الفئران ,, وطلب منه ان يقوم بعد ذلك بتجميع صغار الفئران وإعادتها الى الصرة . وقال لأبنه هذا اختبار لمستوى الذكاء. قام الابن المدلل بفتح الصرة , وخرجت منها الفئران مسرعة, انتشرت الفئران في انحاء المكتب وفي كل مكان كانت تراه مناسبا لاختبائها.
حاول هذا الابن جاهدا تعقب الفئران لإلقاء القبض عليها.. لكن هيهات له من ذلك .. فقد هربت الفئران وانتشرت في أرجاء الغرفة .حاول جاهداً الإمساك بها , إلا ان كل محاولاته قد باءت بالفشل .. وبعد ان وصل به التعب الى منتهاه , و اربكت محتويات المكتب ,, وبعد جهد جهيد فشل الابن في جمع الفئران واعادتها الى الصرة .. حيثها قال الاب بصوت محتوم :- لقد فشلت يا ابني في الاختبار .. لكن الأمل لازال قائما كي تكون خليفة لي.. فأنظر كيف اعمل انا في مثل هذه الحالة.
أخذ الاب الصرة وبها مجموعة الفئران الصغيرة .. دوًر الصرة بما فيها من فئران على الهواء وبقوة شديدة جدا ومن دون توقف .. وبعد فترة انزل الصرة و فتحها لتخرج منها الفئران وهي مرهقة ومتعبة ودائخة .. خرجت الفئران من الكيس وهي تترنح, فاقدة توازنها .. فأقبل عليها الرئيس , وامسك بها الواحد تلو الاخر , وبكل سهولة وبساطة لأنها كانت دائخة وفاقده لتوازنها .. واعادها بكل هدوء الى الكيس .
نظر الابن الى ابيه بإعجاب وقال له بكل غرور و خيلاء :
والله يا ابي انك زعيم ٌو حكيم
وقال الاب الرئيس بكل خيلاء وافتخار :
انظر يا ابني .. عندما دورت الفئران وهي داخل الكيس في الهواء وبكل قوة .. فقدت هذه الفئران توازنها وتعبت .. وبالتالي , عندما اخرجتها من الكيس كان التعب قد وصل بها الى منتهاه, وما عادت هذه الفئران تمتلك القدرة على الحركة او الهروب .. لهذا كان من السهل اصطيادها .
يا ابني .. ان اردت ان تحكم شعب , وان تبعد عنك هذا الشعب حتى لا يزعجك او يحيك لك الدسائس .. عليك ان تستفيد من تجربة تعاملي مع هذه الفئران .. إلهي الشعب بهمومه وادخله في مغارات لقمة العيش والبحث عنها . واجعله يتعب حتى يفقد سيطرته في توازنه .. وحينها فقط ستستمر في حكمك له , ولن يكون فاضي في متابعتك أو الجري خلف طموحاته لتغييرك او اسقاطك.