استأنفت فرق الاغاثة بعد ظهر الاثنين اعمال البحث عن ناجين وجثث مفقودين في سفينة كوستا كونكورديا بعد التحسن المفاجىء للاحوال الجوية على جزيرة جيليو الايطالية حيث اسفر حادث الغرق عن سقوط ستة قتلى على الاقل. وقال لوكا كاري المتحدث باسم فرق الاطفاء "استأنفنا عملياتنا بعد التحقق من ان حطام السفينة استقر" مؤكدا ان الرياح توقفت وكذلك الامطار وان البحر لم يعد هائجا.
وقبل ثلاث ساعات كان سوء الاحوال الجوية ساهم في تعليق اعمال البحث لان السفينة التي كانت على صخور على مسافة تقل عن 50 سنتيمترا من الشاطىء تحركت 10 سنتيمترات وقد تغرق في عمق البحر.
وبحسب فرق الاطفاء سمحت اجهزة المراقبة بالتحقق من ان السفينة مستقرة لاستئناف اعمال البحث على ان تعلق مع هبوط الليل.
والسفينة التي كانت تقل 4229 شخصا بينهم 3200 سائح والف من افراد الطاقم، اصطدمت بصخرة ثم غرقت مساء الجمعة قبالة جزيرة جيليو في توسكانا (وسط غرب).
واوقعت الكارثة ما لا يقل عن ستة قتلى بينهم اربعة سياح (فرنسيان وايطالي واسباني) وبحار بيروفي. وحدد مكان الجثة السادسة فجر الاثنين دون التمكن من انتشالها حتى الساعة.
وحتى الان كان المسعفون يتحدثون عن 16 مفقودا هم اربعة سياح ايطاليين واميركيان واربعة فرنسيين وخمسة او ستة من افراد الطاقم.
لكن عدد المفقودين قد يكون اكبر لان متحدث باسم الخارجية الالمانية قال الاثنين ان "حوالى 10 المان" على الارجح من السياح، في عداد المفقودين.
وقال رئيس بلدية جيليو سيرجو اورتيلي لفرانس برس "لم اقطع الامل بعد لان لا احد يعلم قد يكون لا يزال هناك احياء".
واضافة الى الكارثة الانسانية تحاول السلطات تفادي "كارثة" بيئية مع احتمال تسرب 2380 طنا من الوقود من السفينة التي غرقت قرب السواحل.
وقال وزير البيئة كورادو كليني ان غرق السفينة "يطرح تهديدا كبيرا" على البيئة في جزيرة جيليو المحاطة بمحمية طبيعية و"علينا التدخل سريعا".
واضاف "الهدف هو تفادي تسرب الوقود من السفينة. نعمل لتسوية هذه المسألة".
وكان فريق من الخبراء من شركة سميت اند سالفاج الهولندية حاول اعادة السفينة الى وضع مستقر.
وقال رئيس البلدية "بحسب اولى استنتاجاتنا يبدو ان السفينة مستقرة وليس هناك تسرب".
وفي موازاة ذلك تم اعتقال قبطان السفينة فرانشيسكو سكيتينو المتهم بالقتل العمد والتخلي عن السفينة وقد يتعرض لعقوبة السجن 12 عاما لهذه التهمة وحدها. وقد اودع السجن السبت في غروسيتو (وسط) "لضمان عدم فراره واخفاء الادلة" حسب ما قال المدعي المكلف التحقيق فرانشيسكو فيروزيو.
ونقلت صحيفة ال كورييريه ديلا سيرا عن شهود عيان قولهم انه اراد ان يجامل المسؤول عن النادلين انتونيللو تييفولي المتحدر من جزيرة جيليو فقام بالاقتراب منها لانه عدل عن التغيب لاسبوع في اجازة.
وقالت الصحيفة "حادث غرق ضخم من اجل خدمة صغيرة".
والاثنين جاء في بيان اصدرته شركة "كوستا كروتشيري" المالكة للسفينة في جنوى (وسط ايطاليا) والتي تعتبر الاكبر في اوروبا لتسيير رحلات سياحية بحرية "يبدو ان الربان ارتكب اخطاء في التقدير كانت لها تبعات خطيرة" و"قراراته في ادارة الحال الطارئة لم تتوافق مع المعايير التي تتبعها كوستا كروتشيري والتي تلتزم المعايير الدولية".
واشاد بيار لويجي فوسكي الذي بدت عليه علامات التأثر، بافراد الطاقم الذين "تصرفوا كابطال". واضاف "لقد نجحوا في اجلاء اكثر من اربعة الاف شخص في ساعتين".
واكد رئيس مجلس ادارة كوستا كروتشيري ان المسار الذي اختاره قبطان السفينة "مبادرة شخصية مخالفة للقواعد المكتوبة والمصادقة عليها" من قبل المؤسسة.
اما محامي القبطان برونو ليبورتيتي فاعتبر ان هذا الاخير "تاثر كثيرا" بالكارثة وانه قام ب"مناورة ملفتة" بعد الاصطدام بالصخور لجعل السفينة تقترب قدر الامكان من الشاطئ لتفادي ان تغرق في عرض البحر".
وقال فوسكي معقبا على اتهامات التخلي عن السفينة "لدينا شهادات داخلية موثوق بها مفادها انه بقي على متن السفينة لفترة طويلة. فتح تحقيق في الامر".
وانتقد شهود عدة الفوضى التي عمت اثناء عملية الاجلاء. وقال ارتور سيلفا الراكب البرتغالي في ال63 "كان الجميع يركض في اجواء من الهستيريا الجماعية. كان كل شخص يحاول انقاذ نفسه لقد نسي افراد الطاقم ان عليهم طمأنة الركاب وكانوا يتدافعون لمغادرة السفينة قبلنا".
ولا تخلو الكارثة التي تذكر بغرق سفينة التايتانيك قبل مئة عام، من ابطال. ومن هؤلاء الابطال احد المسؤولين على السفينة مانريكو جانبيتروني الذي انقذ عشرات الاشخاص قبل ان يسقط في ثغرة ويكسر ساقه. وقال بعد ان تم اجلاؤه الاحد بعد ان بقي عالقا في السفينة 36 ساعة "قمت بواجبي".
وروى زوجان من كوريا الجنوبية هما هان كي-دوك وجيونغ هاي-جين (كلاهما في ال29) ما حصل لوكالة يونهاب الكورية الجنوبية.
وقال الزوج "عندما استيقظنا كانت السفينة مائلة". وحاول الزوجان السير في الممر الا ان زاوية الانحناء كانت كبيرة الى حد انهما عجزا عن التقدم. واضاف "لقد انزلقنا في النهاية الى اخر الممر وتأذينا".
وقرر الزوجان عندها العودة الى الحجرة حيث انقطعت الكهرباء وساد الظلام والبرد. وكانا يتقاسمان بالدور سترة اضافية فوق سترة النجاة لرد البرد. وتناولا طوال 30 ساعة البكسويت والماء.
وقدرت شركة كارنيفال الاميركية التي تراجعت اسهمها صباح الاثنين ب17,48% في بورصة لندن، ب85 الى 95 مليون دولار الخسائر الفورية في حساباتها نتيجة غرق سفينة كوستا كونكورديا.
ومن سخرية القدر ان القبطان اعلن في 2010 لصحيفة تشيكية "لا اريد ان اجد نفسي ابدا في دور قبطان التايتانيك" مضيفا "بالنسبة لي سلامة الركاب قبل كل شيء".