تذكرت وأنا أسطر الحروف الأولى لعنوان مقالي هذا, مقالا تاريخيا للأخ العزيز/صالح الجبواني هو الأول من بين المقالات التي كتبت فيما يخص الحديث عن حق الجنوب في تقرير مصيره, في تلك المرحلة الصعبة التي كانت فيها الكلمة والحرف الواحد تزج بكاتبها في غياهب ودهاليز سجون نظام صنعاء لسنوات, قراء أمن النظام السابق الشق الأخر من عنوان المقال فقط فتم القبض على صاحب المقال وزج به في احد المعتقلات المجهولة في صنعاء وتم قطع راتبه المتواضع الذي يعول أسرته لفترة طويلة من الزمن إلا أن السجن كان أحب إلى الجبواني صالح من دعوتهم له بالتخلي عن حق تقرير المصير. كان قد كتب الأخ/ صالح الجبواني في فترة متقدمة لفشل الوحدة موضوع بصحيفة (الثوري) الجنوبية مقالا من وحي قلمه لما ستكون عليه المرحلة بعنوان (اليوم إصلاح مسار الوحدة وغدا حق تقرير المصير). فلو أن ساسة نظام صنعاء السابق قرأوا الشق الأول من عنوان مقال الجبواني وأخذوا بعين الاعتبار العمل بمضمونه لإصلاح مسار الوحدة لما ووصل الأمر إلى ما وصل إليه اليوم, فقد قاد الظلم الواقع على الجنوب إلى المطالبة فعلا بحق تقرير المصير ثم ارتفع سقف المطالب إلى التحرير والاستقلال .
لقد اعترف ساسة صنعاء اليوم بفشل مشروع الوحدة الاندماجية بعد حقبه زمنية طويلة وبعد أن نفذ صبر الجنوبيين وخرج ملايين الناس مطالبين بالحرية والاستقلال, وعلى ضوء هذا الاعتراف تقدمت حكومة نظام صنعاء وجنرالات الحرب في الجيش اليمني باعتذار غير منصف في حق وطن وشعب عن ما لحق به من أضرار من حرب اجتياح الجنوب في صيف 94م وجاء الاعتذار بعد أن سبق السيف العذل!
اليوم توجد فرصة أخرى هي (الفدرالية) أن صدقت النوايا من قبل الطرف الأخر بشرط أن تكون هذه الفدرالية في صيغة دولة اتحادية من إقليمين شمالي وجنوبي ومشروطة بالاستفتاء في حق تقرير المصير وهو خير دليل بالاعتراف بفشل الوحدة الاندماجية التي تمت بين الشمال والجنوب في عام 90م وانتهت بإعلان صنعاء الحرب على الجنوب في 94م , أما الحديث عن أكثر من إقليمين فهذا يعني تثبيت وترسيخ للوحدة الاندماجية وخصوصا إذا ما علمنا بأن التقسيم سيوف يظم بعض المحافظات الشمالية بمحافظات جنوبية أو أعادت تقسيم وتجزئة بعض من محافظات الجنوب.
أن وصف المشاركين من فصيل الحراك في مؤتمر الحوار في الايام القادمة سيكون بأحد ثلاث صور, الاولى محط احترام جميع الجنوبيين في حالة تمسكهم بمبدأ حق تقرير المصير واستعادة الدولة, والثانية أن يحق في وصفهم بخيانة العهد الذي قطعوه على انفسهم في حالة قبولهم بأكثر من إقليمين واما الثالثة فسوف يتم استقبالهم من قبل كل الجنوبيين استقبال الابطال وذلك في حالة انسحابهم النهائي من مؤتمر الحوار مع بقاء حلقة الوصل مفتوحة مع ممثل الاممالمتحدة ورعاة المبادرة الخليجية بما يخدم حق الجنوب في تقرير مصيره.
وأخيرا بقي لنا أمل في شخصية المناضل الجسور الأخ/محمد علي أحمد ومهندس سياسية فريق القضية الجنوبية الاخ المناضل/ لطفي شطارة وبقية الفريق الجنوبي بالعمل بحكمة معاوية بن ابي سفيان(رضي الله عنه) القائلة (لو كان بيني و بين الناس شعرة ما انقطعت, إذا شدوها أرخيتها, وإذا أرخوها شددتها), الشعرة التي لازالت لم تنقطع بين المتحاورين الى اليوم هي خيار(الفدرالية) من إقليمين مشروطه بضمانات في حق الجنوبيين في تقرير المصير في غداِ بات لناظره لقريب.