شجع النجاح الساحق الذي حققته حملة تمرد في إسقاط حكم الإخوان المسلمين الكثير من الشباب المصريين على إطلاق حملات مماثلة للتخلص من كبار مسؤولي الدولة في الوزارات أو الهيئات أو الشركات العامة. تمرد في الآثار
وبمجرد أن أدى الدكتور محمد إبراهيم اليمين الدستورية لتولي مهام وزارة الآثار، أطلق العديد من الشباب حملة تهدف إلى جمع توقيعات العاملين بالوزارة من أجل إقالته.
وقال عمر الحضر، الأمين العام للنقابة المستقلة للعاملين بالآثار وعضو إتحاد شباب الثورة، ل"إيلاف": "إطلاق حملة تمرد بالوزارة يأتي بسبب عدم الاستجابة لمطالب العاملين، مشيرًا إلى أن الحملة بدأت أول أيلول (سبتمبر) الجاري، وسيتم تسليم الاستمارات إلى الرئيس الموقت المستشار عدلي منصور، وسيتم بعدها البدء في اعتصام مفتوح ضد وزير الاثار وحكومة الدكتور حازم الببلاوي".
وأشار الحضري إلى أن تقريرًا رُفع لمجلس الوزراء، يحمل حزمة من مطالب الأثريين، تحتاج إلى قرار سريع وعاجل، في مقدمها إقالة الوزير الدكتور محمد إبراهيم، وتفعيل القرار رقم 116 لسنة 2012 الخاص بتشكيل لجنة لفحص المخالفات المالية الخاصة بشركات المقاولات للمواقع الأثرية، وتعيين خريجي كليات وأقسام الآثار، وإعلان المرحلة الرابعة من تثبيت العاملين الموقتين بعقود بالوزارة، وإعادة جرد المخازن والمتاحف الأثرية عن طريق تشكيل لجنة محايدة لفحصها.
وفي جامعة قناة السويس، أطلق أعضاء رابطة موظفى الجامعة، حملة على غرار تمرد، تهدف إلى سحب الثقة من الدكتور ماهر مصباح، رئيس الجامعة، وإجراء إنتخابات رئاسية بالجامعة مبكرة، وإتهم النشطاء مصباح بإهانة الموظفين، وأنهم "ميعرفوش ربنا".
ولم تسلم وزارة التربية والتعليم من فيروس تمرد، إذ أطلق مجموعة من المعلمين حملة تهدف إلى جمع توقيعات لسحب الثقة منه، ورفع مطالب لرئيس الجمهورية لإقالته، وأسموها "تمرد المعلمين". ورد إبراهيم عماد الدين، عضو الحملة، إنطلاقها إلى عدم إستجابة الوزير لمطالبهم بتعيين المعلمين المؤقتين، الذين يعملون منذ سنوات تتراوح ما بين 3 و15 سنة، مشيرًا إلى أن الوزير الدكتور محمد أبو النصر إلتقى بوفد منهم، ووعد بتعيين المعلمين الموقتين، وتنظيم دورات تدريبية للمعلمين من أجل رفع مستوى مهاراتهم وكفاءاتهم، وأضاف أن أعضاء الحملة ينتظرون تنفيذ الوزير لوعوده.
مهندسون وممرضون
دشن نشطاء نقابيون حملة مماثلة في نقابة المهندسين، أطلقوا عليها اسم تمرد المهندسين، وتهدف إلى عقد جمعية عمومية لسحب الثقة من مجلس إدارة النقابة. ورفعت الحملة مطالبًا بهذا الشأن إلى وزير الري، بصفته المشرف على النقابة، ونظمت وفقات إحتجاجية أمام مقر النقابة بالقاهرة.
إستطاع شباب بنقابة التمريض جمع أكثر من خمسة آلاف توقيع لسحب الثقة من الدكتورة كوثر محمود، التي تشغل منصب النقيب. وأرجع الشباب السبب وراء إطلاق حملتهم، إلى أن النقيبة تشغل منصبين متعارضين أحدهما تنفيذي بوزارة الصحة والآخر نقابي، متهمين إياها بإهمال النقابة والتقصير في الدفاع عن حقوق الممرضين.
اختراع مصري
أبدى حسام الهندي، عضو اللجنة المركزية بحركة تمرد، سعادته بالنجاح الذي حققته الحملة، من إسقاط حكم الإخوان، والإنتشار الواسع في الدول العربية والمجتمع المصري عمومًا، وقال ل"إيلاف" إن تمرد تمثل واحدة من أفضل طرق الإحتجاج في العالم، مشيرًا إلى أنها اختراع مصري خالص، لا يمثل ازعاجًا إلا للمستبدين في أي مكان أو دولة أو مؤسسة، مشيرًا إلى أنه لا مانع من أن تطبق على جميع المسؤولين بالدولة.
ووصف المهندس بهاء شعبان، القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، تمرد بأنها فكرة مصرية مبتكرة غيرت اللعبة السياسية الديمقراطية دوليًا، مشيرًا إلى أنه من السهل أن تجمع توقيعات ضد شخصية ما، وأن تجمع كل موقع علي الاستمارة للنزول الي الشوارع في شكل اضراب او تظاهرة لسحب الثقة من أي مسؤول.
وأضاف ل"إيلاف" أن الفكرة تعتمد بشكل كامل على جمع التوقيعات ونزول أصحاب هذه التوقيعات إلى الشوارع لتحقيق مطالبهم، معتبرًا هذا مؤشر إلى عدم الرضا عن الادارة ككل او شخص قائم عليها، "وهو نوع من التظاهر او الرد وعنصر جديد علي الديمقراطية، ومثل هذه الحملات اذا وصلت الى الالاف تعد تظاهرات فئوية، ومن خلالها تعتبر مطالب فئوية فتطلب النظر فيها، اما اذا زادت عن مليونين فسيكون لها تأثير كبير بعزل المسؤول بكل تأكيد، مثلما حدث مع مرسي".
تطور إيجابي
بحسب وجهة نظر عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان والقيادي بجبهة الإنقاذ، فأن هذه الحملات تمثل تطورًا في المجتمع المصري. وأضاف ل"إيلاف": "صار المصريون يعون أن بامكانهم ممارسة عمل جماعي، يستطيعون من خلاله أن يؤثروا على من في السلطة، ويضغطوا علي كبار المسؤولين لتحقيق مصالحهم، وهذا تطور ايجابي".
وقال: "بالرغم من ذلك، لا يمكن اعتبارها موضة، لكنها شئ جديد يتعلمه الشعب بديلًا عن كتابة شكوي فردية، فيلجأ إلى حركة جماعية للضغط على اصحاب القرار والموظف المسؤول ليضمن تحقيق مصالحه".
وأشار إلى أن هذه الحركات تعد آلية من آليات الضغط الديمقراطي، وسلاحًا مؤثرًا ليعلم المسؤول أن الناس من الممكن أن تستخدم وسيلة للضغط عليه، والتي اختلفت عما كان قبل ثورة 25 يناير، "فمثل هذه الحركة استطاعت أن تعزل رئيسًا للجمهورية، فما بالك من سكرتير عام محافظة او محافظ او رئيس مدينة"، لافتًا إلى أنها تظل قوة كبيرة للضغط على المسؤولين بشكل أكبر طالما انها تسير في اطار عمل جماعي، وطالما أنها وسيلة سلمية.