من تجليات مؤتمر الحوار الوطني فكرة إنشاء هيئه عابرة للأقاليم التي ابتدعها الأستاذ جمال بن عمر وتلتها موضة الأقاليم التي تفتقت بها أذهان بعض أعضائه. وأخص بالذكر جماعة الإقليم الشرقي من أعضاء الجنة الندية الشمالية الجنوبية (8 8) المكلفة بحل القضية الجنوبية والتي غير اسمها فيما بعد إلى اللجنة المصغرة نزولا عند رغبة أخواننا الشماليين في مؤتمر الحوار الوطني لحساسيتهم من كلمة " جنوب " ما يؤكد عدم اعترافهم بالوحدة من الأساس. هؤلاء الذين تبنوا مشروعا خارج سياق موضوع القضية الجنوبية وهو مشروع الإقليم الشرقي بحجة أن هذه المناطق عانت من مظالم خلال السنوات التي تلت الاستقلال . لقد سبق الإشارة إلى هذا لموضوع عندما طرح مشروع دولة حضرموت وللأسباب ذاتها وقلنا حينها ان معانات هذه المناطق لم تكن نتيجة علاقاتها و وجودها في إطار دولة الجنوب وإنما بالنظام الذي كان سائدا آنذاك شأنها في ذلك شأن جميع المناطق , كما أن المتسببين في اغلب تلك المعاناة كانوا من أبناء المناطق نفسها و الذين لا يزال اغلبهم أحياء يرزقون.
لقد حاول أعضاء هذا الإقليم أن يجعلوا أبناء حضرموت في الواجهة في حين أن الأوفياء منهم يدركون أن عليهم واجب أدبي وإنساني و أخلاقي تجاه الجنوب والجنوبيين متى ما أدوه بأمانة جاز لهم بعد ذلك المطالبة بتحديد مصير حضرموت سواء بضمها إلى الإقليم الشرقي أو بمفهوم العصبة الحضرمية أو حتى من خلال عودة السلاطين إذا كان ذلك مطلبا شعبيا على أن تكون تلك الممارسات عبر صندوق الاقتراح. اما بشكلها الراهن لا يفهم منه سوى تمزيق الصف الجنوبي لصالح صنعاء وذلك أمام نعيق الخوف على الوحدة من قبل جزاريها اللذين يمارسون القتل اليومي للجنوبيين استنادا إلى فتوى حرب عام 94 المسكوت عنها والسارية المفعول وسيدونها التاريخ في يوم ما بأنها كانت حرب مشروعة دينيا إذا لم يتم إلغاءها وإسقاط نتائجها واعتبار كل الإجراءات التي تمت بعد الحرب غير شرعية. أنهم يتباكون على الوحدة التي هي صناعة جنوبية بامتياز بعد أن فشل الجنوبيون في إيجاد من يتوحدون معه بمن فيهم قوى الحداثة ! المطالبة بالتوزيع العادل لثروة الجنوب المنهوبة , هولاء الذين لم نسمع منهم صوتا واحدا لا من أحزابهم السياسية ولا من شخصياتهم الوطنية ولا من كتابهم في الصحف المحلية يستنكرون التصفيات الجسدية اليومية للكوادر الجنوبية . نعم لقد توحد الجميع ضد الجنوبيين في موت الضمير الوطني والأخلاقي. يقول الكاتب المتميز طاهر شمسان في احد مقالاته " ان منظور القضية الجنوبية بمعطياتها الراهنة لايقبل تجزئة الجنوب إلى اقاليم ولا يقبل تدخلات جغرافيا بينه وبين أي من اقليم الشمال .... الا اذا كان ذلك تكريس نتائج الحرب بواسطة الحوار... لقد تقاتل شركاء حرب 1994 في ارحب والحصبة والنهدين وحدة ولكنهم تصالحوا داخل فريق القضية الجنوبية .
على هولاء أن يدركوا أن حكم شعب الجنوب دون ايرادته يعد نوعا من العبودية لن يرتضيه الجنوبيون كما أنه مخالف للبند الثاني من الفقرة الأولى من ميثاق الأممالمتحدة في حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي يبدو انه غائب عن الممثل الأممي جمال بن عمر. (أن صراع الجنوبيين مع المنتصر في حرب 1994 هو صراع وجود وليس من اجل جاه أو مكانة ) وعند ما يكون الامر كذلك لا يمكن للجنوبيين الركون على تجمعات بشرية تتنازعها عصبيات ومراكز نفوذ لا تستطيع أن تبني دولة لابتزازهم باسم الوحدة بقصد استباحة أرضهم ونهب ثرواتهم وتحويلهم إلى متسولين كما هو الحال.
عضو المكتب التنفيذ لملتقى التشاور لابناء الجنوب في صنعاء